< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/08/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : ذمام المشرك اذا خرج الى دار الحرب او بعد موته

أن المصنف بعد ما حكم بأن المشرك إن تم ذمامه في نفسه فماله أيضاً في أمان، ثم إن خرج إلى دار الحرب للاستيطان أنتقض الأمن لنفسه دون ماله، قال: (و لو مات أنتقض الأمان في المال أيضاً إن لم يكن له وارث مسلم و صار فيئاً و يختص به الإمام لأنه لم يوجف عليه)[1] واستدلوا على هذا الأمر بانه بمجرد موته يدخل ارثه في مال ورثته وبما أنّهم ليسوا في أمان فمالهم فيئ يملكه الإمام لانه من الأموال التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، اي حصل بدون الحرب، فليس غنيمة للمجاهدين بل هو من اموال الامام الشأني، كما تبيّن في محله.

ولكن بعض فقهاء السنّة كابن حنبل و المزني و الشافعي في أحد قوليه ذهبوا إلى انّ المال لورثة المشرك وليس فيئاً مستدلاً على انّ حقّ الأمان أيضاً يرثه الورثة فهذا المال يبقى مصوناً و محصوناً للورثة كما كان للمورِّث.

ولكن هذا القول مبتنيٍ على أن نقول حق الأمان هو من الحقوق التي تورَّث، ولكن ان قلنا إنّ حقّ الأمان غير موروث، كحق الحضانة و الولاية على الاولاد وحق التمتع من الزوجة لاولاد الميت وغيرها من الحقوق التي ليست قليلة، فلا أمان لمال وارثه و هوالحق في المسألة، فالمال فيئٌ للامام لانه أصبح اِرثاً لمن لا حرمة لماله.

كل هذه المباحث تناسب رأي المشهور في المشركين والكفار ولكن على مبنى المختار إن كانت الورثة من المعاندين الكفار فهو فيئٌ وان كانوا من المسالمين فهو ارث لهم مصون من تملّك غير الوارث له.

ثم قال المصنف: (وكذا الحكم لو مات في دار الإسلام). اي ان المستامن ان كان في دار الاسلام فمات كذالك ارثه فيئ للامام ولا حق لوارثه فيه، فمعناه أن ماله بمجرد موته ينتفي أمانه، والوجه فيه ما قلناه في سابقه و أن المال بمجرد موته ينتقل إلى وارثه الذي لا أمان له فيصبح فيئاً للامام، وهذ الحكم يسري في ذمي ليس له وارث في دار الاسلام.

نعم لابد من القول لم يعرضوا به هنا وهو: أنّ المشرك المستأمن إن كان له وارث مسلم أو مستإمن او من يعيش في دار الحرب ولكن بينهم وبين المسلمين عقد المهادنة فالمال لوارثه. لأن المال اذا انتقل اليهم لا يجوز نهبه لأن انفسهم وأموالهم في الحصانة.

ولصاحب الجواهر رؤية أخرى في المسأله فهو بعد ما يشير إلى وجوه التي ذكروا لهذه المسألة يقول: (و لكن الإنصاف عدم خلو ذلك عن بحث و نظر إن لم يكن إجماع، ضرورة ملكيته لمن في يده المال لكونه مال حربي، قد استولى عليه، بناء على انتقاض الأمان فيه بالموت، بل لا يخلو ما سمعته من ابن حنبل من وجه، خصوصا إذا كان وارثه معه و لو متجددا له بولادة و نحوها)[2] .

فهو هنا يرجح أحد الامرين:

الاول : أن نقول ارث المستامن الذي ليس له وارث محترم، يكون لمن بيده المال من المسلمين، لا للامام، وهذا الكلام مبتني على القول بان مال الحربي الذي لا حرمة له، يكون بمنزلة المباحات والبضاعة التي لا مالك له، فعلى قاعدة: من سبق إلى ما لم يسبق اليه أحد فهو أحق به. او ما يقال في المباحات من انه: مَن حاز ملك، فهذا المسلم الذي كان مال المستامن أمانة تحت يده بمجرد فوته يصبح مالاً لامالك له محترم، فهو أحق به لأنه هو السابق بالمال والمال في حوزته فهو أحقبه ويملكه.

والامر الآخر: أن نقول بما قال به ابن حنبل و غيره من فقهاء العامة وهو أنه: (يبقى الأمان فيه لوارثه باعتبار انتقاله إليه متعلقا به حق الأمان كالرهن و نحوه) وهذا الرأي مبتني على جعل حق الأمان من الحقوق التي تورّث فورثته يرثون حق الأمان في المال مع رقبة المال فيبقى المال محصوناً لهم كما كان محصوناً لمورِّثِهم.

ولعل أقرب الوجوه هو الوجه الأخير بناءً على أن تأمين المال فرع لتأمين النفس حدوثاً لا بقائاً فاقتضاء كون المال مأموناً عدم جوازالتصرف فيه بما لا يرضى به صاحبه و الوصول إلى الورثة من الامور التي يحرص عليه صاحب المال لمستقبل ماله بعد وفاته، و قد قلتم يجوز للمستأمن الذي خرج إلى دار الحرب أن يتصرف في ماله الباقي في دار الاسلام آمناً، بالبيع والشراء والهبة فكما أن نقل المال إلى غيره في زمن حياته بسبب العقود والمعاملات من البيع والهبة وغيرها محترم، فنقله إلى غيره بسبب الوفاة ايضا لابد أن يكون محترماً، فما ذهب اليه صاحب الجواهر وفاقا لأحمد حنبل هو الأقرب إلى الصواب.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo