< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/07/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الطرف الثالث - الذمام

كان كلامنا في انه هل يمكن لآحاد المسلمين أن يعقدوا الأمان لأهل حصن او قرية؟ إستند المثبت لجواز الذمام للحصن والقرية إلى خبر مسعدة : " عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع : أَنَّ عَلِيّاً ع أَجَازَ أَمَانَ عَبْدٍ مَمْلُوكٍ لِأَهْلِ حِصْنٍ مِنَ الْحُصُونِ- وَ قَالَ هُوَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ." و كذلك اطلاق قول رسول الله يسعى بذمتهم أدناهم، وموثقة سكوني: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَا‌ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ ص يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ- قَالَ لَوْ أَنَّ جَيْشاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَاصَرُوا- قَوْماً مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَشْرَفَ رَجُلٌ فَقَالَ- أَعْطُونِيَ الْأَمَانَ حَتَّى أَلْقَى صَاحِبَكُمْ وَ أُنَاظِرَهُ- فَأَعْطَاهُ أَدْنَاهُمُ الْأَمَانَ وَجَبَ عَلَى أَفْضَلِهِمُ الْوَفَاءُ بِهِ"[1] . حيث ورد فيه أمان لجيش من رجل هو ادنى المسلمين.

ولكن المصنف رجح قول النافي لذلك، أخذاً باطلاقات القتال في مورد الشك في المخصص، و أجاب عن قضية علي بن ابي طالب عليه السلام بانها قضية خارجية لا إطلاق لها نتمسك به.

و ردّ عليه صاحب الجواهر بأن (الأصل مقطوع بالإطلاق السابق، بل العموم مخصوص به، و المحكي عن علي عليه السلام ما هو كالتعليل العام، و منه أخذ عمر بن الخطاب فيما رواه‌ الجمهور عن فضل بن يزيد الرقاشي، قال: "جهز عمر بن الخطاب جيشاً فكنت فيه، فحضرنا موضعا فرأينا أن نستفتحه اليوم و جعلنا نقبل و نروح، فبقي عبد منا فراطنهم و راطنوه فكتب لهم الأمان في صحيفة و شدها على سهم فرمى بها إليهم، فأخذوها و خرجوا فكتب إلى عمر بن الخطاب بذلك فقال: العبد المسلم رجل من المسلمين ذمته ذمتهم")[2] فهو جعل الاطلاقات والعمومات التي تشرع لنا الذمام مقيداً ومخصصاً لإطلاقات القتال واستنتج (أن المتجه إلحاق القرية الصغيرة و القافلة القليلة بالآحاد كما صرح به في المنتهى و حاشية الكركي و غيرهما).

ولكن هناك لنا ملاحظة عليه وهو: اذا قلنا ان اطلاقات وعمومات الذمام تشمل ذمام حصن او قرية فلابد أن نطّرد الحكم إلى ما هو أوسع فاي مانع من شمول العمومات لمدينة وهكذا، مادام يجوز للفرد ذمام الجماعات؟!!

فعلينا أن نعيد النظر في مدى دلالة ادلة الذمام.؟

أما قوله: "يسعى بذمتهم أدناهم" فيبين لنا مسئولية جميع أفراد المجتمع الاسلامي وأن لا يجوز اهمال مهام المسلمين، بل يجب على الجميع الاهتمام بأمورهم، فلا اطلاق فيه لصحة عقد الذمام للجماعات ، وموثقة سكوني ليس فيه أمان للجيش فان المستأمن كان أحد أفراد المشركين فاجاره ادنى المسلمين حتى يسمع كلام الله، انما خبر مسعدة ظاهرة في تأمين الحصن بأهلها بواسطة عبد مملوك ولكن مضافاً إلى ضعف السند يمكن حمل الكلام بتأمين فرد من الحصن او أفراد منه. نعم لو كان التعبير: أَنَّ عَلِيّاً ع أَجَازَ أَمَانَ عَبْدٍ مَمْلُوكٍ لِحِصْنٍ مِنَ الْحُصُونِ لكان متعينا في جميع أهل الحصن، و لكن بما ان العبارة الموجودة هي: لأهل حصن من الحصون، فيحتمل أمرين: أن يكون الأمان لفرد او أفراد من الحصن، ويمكن أن يكون لكل أفراد الحصن. كما أن قولنا: إن رسول الله كان يرسل الصدقات لأهل مكة يحتمل الامرين، ففي ما نحن فيه لابد من اختيار المحتمل الثاني فرارا من المحظور، و بذالك نوافق المصنف في رأيه ونقول انما لافراد المسلمين أن يذموا للافراد ولكن ذمام المجموعات من شئون الامام.

قال المحقق: (و الإمام يذم لأهل الحرب عموماً و خصوصاً و كذا من نصبه الإمام للنظر في جهةٍ يذم لأهلها، و يجب الوفاء بالذمام ما لم يكن متضمناً لما يخالف الشرع، و لو أكره العاقد لم ينعقد).[3]

ففي هذا المقطع من كلام المحقق نجد ثلاثة فروع: الأول: صحة ذمام الامام للعموم والخصوص، ووجه انعقاد ذمام الامام عموما وخصوصاً هو ولايته على ادارة الحرب ، الثاني: صحة ذمام من نصبه الامام للنظر في جهة لهم، لأنه اكتسب الولاية عن الامام فهو ولي لتلك الجهة فله ولاية الذمام، الثالث: وجوب رعاية الامام ومن نصبه مصلحة الاسلام والمسلمين و عدم مخالفة الشرع في مضمون ذمامهم فلا يجوز لهم أي تصرف الا في إطار الشريعة المقدسة، و يراعى هذا الشرط في كل من يتولى أمراً كما ان ولاية الاب على الاولاد لايجوز إعمالها في الحرام وقد ذكروا في ولاية ولي الصغار في اموالهم ما لم يكن فيها ضرر على الصبي بل في غير الوالدين كالقيم وعدول المؤمنين عند عدم وجود ولي للصغير يشترطون في جواز تصرفهم في ماله أن تكون له مصلحة في ذالك و الا لايجوز تكليفا ولا يصح وضعاً.

والفرع الرابع هو: أنّ العاقد المكره لاينعقد ذمامه وقد اتضح هذا الامر في اول الفصل حيث شرط في العاقد أن يكون بالغا عاقلا مختاراً فالمكره لا ينعقد ذمامه لفقد شرط الاختيار فلا نعود الكلام فيه.

وفي الأخير نهدي حديثاً لسادتنا الفضلاء: عن علي عليه السلام: "نِعْمَ الْقَرِينُ الرِّضَا وَ الْعِلْمُ وِرَاثَةٌ كَرِيمَةٌ وَ الْآدَابُ" (نهج من اولى حكم)


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo