< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/07/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : آداب القتال

ذكر المحقق من آداب القتال انه: (و يستحب أن يكون القتال بعد الزوال و تكره الإغارة عليهم ليلاً و القتال قبل الزوال، إلا لحاجة)[1] وقد عبر بعض الفقهاء استحباب القتال بعد الظهرين والدليل على ذالك روايات:

منها: ما عن الكليني عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَا يُقَاتِلُ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ- وَ يَقُولُ تُفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ تُقْبِلُ الرَّحْمَةُ- وَ يَنْزِلُ النَّصْرُ وَ يَقُولُ هُوَ أَقْرَبُ إِلَى اللَّيْلِ- وَ أَجْدَرُ أَنْ يَقِلَّ الْقَتْلُ وَ يَرْجِعَ الطَّالِبُ- وَ يُفْلِتَ الْمُنْهَزِمُ[2] . وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ فِي الْعِلَلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ.

في السند أبان ابن عثمان وهو من اصحاب الاجماع على ما ورد من الكشي انه: (أجمعت العصابة على تصديقه[3] وتصحيح ما يصح عنه) ويحيى بن ابي العلاء وثقه النجاشي. مضافا إلى انها مروية عند المحمدون الثلاثة، ومعاوية بن حكيم قال، قال الكشي فيه : (من آجلة العلماء الفقهاء العدول) وقال النجاشي (معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار الدهني ثقة جليل في اصحاب الرضا عليه السلام[4] فالحديث صحيحة بإسناده الثلاثة.

واما وجه الدلالة ان امير المؤمنين كان لا يقاتل حتى الشمس واستمرار الامام دال على رجحانه، وذكر الامام له مزايا من تفتح ابواب السماء و إقبال الرحمة ونزول النصر والقرب من الليل وكونه اجدر في اقلال القتل ورجوع الطالب وعدم استمراره وامكان فرار المنهزم. ومن ذالك نعرف ان الاسلام ليس حريصا على قتل الكفار والمنافقين. وانما جعلوا هذا الحديث دالا على استحباب تأخير القتال إلى بعد الزوال لان فيها كمالات مذكورة. فان المستحب ما لفعله مصلحة والمكروه ما لفعله حزازة ولا يلازم بين استحباب احدهما مع كراهة تركه فيمكن كون الفعل مستحبا ولم يكن تركه مكروها والعكس صحيح.

ومنها : ما ورد عن الحسين عليه السلام انه بدء بالقتال بعد الزوال او بعد الظهرين.

اما كراهة الاغارة ليلاً فقد ورد عن الكليني عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ: مَا بَيَّتَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَدُوّاً قَطُّ لَيْلًا".[5] في السند عباد ابن صهيب ابو بكر البصري التميمي هو عامي ولكن وثقه النجاشي فالسند لابأس به. وبيان الإمام بان رسول الله ما بيت عدواً قط دال على اجتناب رسول الله عن ذالك فيستفاد منه الكراهة على الأقل.

وكذلك في الحديث السابق الذي ذكر من مزايا القتال بعد الزوال بانه قريب من الليل فيوجب اقلال القتل فيكشف من ذالك ان ايقاف القتال بالليل كان متداولا والامام يقرره.

وقد روى البيهقي في سننه: "كان رسول الله إذا طرق العدو لم يغر حتى يصبح"[6]

وأضاف في الجواهر: (ما في ذلك من قتل النساء و الأطفال و نحوهم ممن لا يجوز قتلهم)[7] والظاهر انه رضوان الله عليه ذكر هذا الدليل لأثبات الكراهة، بينما لو استلزم ذالك لحرم القتال الا عند الضرورة و يأكد هذا المراد منه قوله بعد ذكر هذا الدليل: (نعم لو دعت الحاجة إلى ذلك جاز بلا كراهة، و لعل منه ما رواه‌ الجمهور عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله من أنه شن الغارة على بني المصطلق ليلا).

ثم ان المصنف يأتي بفرع آخر فيقول: (القتال قبل الزوال إلا لحاجة) اي يكره القتال الخ، والظاهر انه لا دليل على الكراهة بل الله يحلف "بالمغيرات صبحاً" مما يفيد الاستحباب وكذلك ما ذكرناه آنفا من أنه "كان رسول الله إذا طرق العدو لم يغر حتى يصبح" ولا منافات بين استحباب القتال بعد الزوال واستحبابه صباحاً لان اثبات الشيء لا ينفي ما عداه، ولذا في الجواهر يحمل كلام المصنف إلى ارادة ما يقرب من الزوال مستدلا بمخافة ذهاب الصلاة، ونعم المحمل.


[6] سنن البيهقي، البيهقي، ج9، ص79.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo