< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/07/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : حرمة الغدر

كان بحثنا في حرمة الغدر مع العدو وقد ذكرنا في يوم الماضي بعض النصوص في خصوص الموضوع بما فيها كفاية لأثبات حرمة الغدر وانما تأكيدا على ما قلناه نأتي بنصوص أخرى منها: ما عن الكليني عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَرْيَتَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ- لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَلِكٌ عَلَى حِدَةٍ اقْتَتَلُوا ثُمَّ اصْطَلَحُوا- ثُمَّ إِنَّ أَحَدَ الْمَلِكَيْنِ غَدَرَ بِصَاحِبِهِ- فَجَاءَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَغْزُوا تِلْكَ الْمَدِينَةَ- فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَغْدِرُوا- وَ لَا يَأْمُرُوا بِالْغَدْرِ وَ لَا يُقَاتِلُوا مَعَ الَّذِينَ غَدَرُوا- وَ لَكِنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدُوهُمْ- وَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ مَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ"[1] في السند طلحة بن زيد ولم يرد له توثيق الا أن الشيخ في الفهرست يقول: (طلحة بن زيد له كتاب وهو عامي المذهب الا أن كتابه معتمد). وقد يزعم أنّ هذا توثيق لصاحب الكتاب بينما لا يدلّ على ذالك فانه قد كان عند الشيخ قرائن أوجبت الاعتماد عليه ولكن نحن لا ندري سبب الاعتماد ولا يشمله أدلّة حجية خبر الثقة، ولكن الدلالة تامة اذ أن النهي عن معاونة الغادر يدل على حرمة الغدر بالأولى.

وَعن الكليني عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَشْعَثِ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَجِي‌ءُ كُلُّ غَادِرٍ بِإِمَامٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَائِلًا شِدْقُهُ- حَتَّى يَدْخُلَ النَّارَ".[2] في سنده محمد بن حسن بن شمون ورد فيه قدح كثير فالغضائري قال فيه: (واقف ثم غلا ضعيف متهافت لا يلتفت اليه والى مصنفاته وساير ما ينسب اليه) وقال النجاشي فيه: (واقف ثم غلا وكان ضعيفاً جداً فاسد المذهب ...) وفي السند عبد الله بن حماد الانصاري يقول فيه الغضائري: (حديثه يعرف تارة وينكر أخرى ويخرج شاهداً) وعبر عنه النجاشي بانه (من شيوخ أصحابنا) ومن شيوخ أصحابنا ليس توثيقاً بل هو إخبار بانه كان شيخا للحديث. ويحيي ايضا ليس له توثيق ولو هو حفيد الامام الحسن عليه السلام، فالسند ضعيف ولكن دلالته على حرمة الغدر واضح لا نقاش فيه.

وَمنها: ماعن الكليني عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْعَبْدِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع ذَاتَ يَوْمٍ وَ هُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِالْكُوفَةِ- أَيُّهَا النَّاسُ لَوْ لَا كَرَاهِيَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَى النَّاسِ- أَلَا إِنَّ لِكُلِّ غُدَرَةٍ فُجَرَةً وَ لِكُلِّ فُجَرَةٍ كُفَرَةً- أَلَا وَ إِنَّ الْغَدْرَ وَ الْفُجُورَ وَ الْخِيَانَةَ فِي النَّارِ"[3] . في سنده مجاهيل ولكن دلالته على حرمة الغدر لا نقاش فيه. وعلى كل حال الغدر من المحرمات الكبيرة.

نعم مما اتفق كلمات الأصحاب في جوازه، الخدعة في الحرب فلابد ان نميّز بين الغدر والخدعة فالأول نقض العهد وعدم الوفاء بالوعد ولكن الخدعة هو اخفاء الشيء كما قال: في العين: الإخداع اخفاء الشيء. فيجوز في الحرب ان نخفي عن العدو ما يوجب تهيئته للمقابلة. و ورد هناك روايات في الخدعة:

منها: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ عَنْ غِيَاثِ بْنِ كَلُّوبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيّاً ع كَانَ يَقُولُ لَأَنْ تَخْطَفَنِي الطَّيْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ- مِنْ أَنْ أَقُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص مَا لَمْ يَقُلْ- سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ- الْحَرْبُ خُدْعَةٌ وَ يَقُولُ تَكَلَّمُوا بِمَا أَرَدْتُمْ"[4] قال النجاشي في حسبن موسى الخشاب: (من وجوه اصحابنا مشهور كثير العلم والحديث) وغياث لم يرد له توثيق فالسند لا يعتمد به ولكن يدل على جواز الخدعة في الحرب.

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ وُلْدِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ ع فِي غَزْوَتِهِ أَنَّ عَلِيّاً ع قَالَ يَوْمَ الْتَقَى هُوَ وَ مُعَاوِيَةُ بِصِفِّينَ- فَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ يُسْمِعُ أَصْحَابَهُ- وَ اللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ مُعَاوِيَةَ وَ أَصْحَابَهُ- ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ قَوْلِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- وَ خَفَضَ بِهَا صَوْتَهُ وَ كُنْتُ مِنْهُ قَرِيباً- فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ حَلَفْتَ عَلَى مَا قُلْتَ- ثُمَّ اسْتَثْنَيْتَ فَمَا أَرَدْتَ بِذَلِكَ- فَقَالَ إِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ- وَ أَنَا عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ كَذُوبٍ- فَأَرَدْتُ أَنْ أُحَرِّضَ أَصْحَابِي عَلَيْهِمْ كَيْ لَا يَفْشَلُوا- وَ لِكَيْ يَطْمَعُوا فِيهِمْ- فَافْهَمْ فَإِنَّكَ تَنْتَفِعُ بِهَا بَعْدَ الْيَوْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لِمُوسَى ع- حَيْثُ أَرْسَلَهُ إِلَى فِرْعَوْنَ فَأْتِيَاهُ قَوْلًا لَيِّناً- لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشىٰ وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَذَكَّرُ وَ لَا يَخْشَى- وَ لَكِنْ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَحْرَصَ لِمُوسَى عَلَى الذَّهَابِ"[5] سنده كما ترون ضعيف ولكن يدل على جواز التورية في الحرب في مقام الخدعة.

ومنها: ما عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ قَالَ: الْحَرْبُ خُدْعَةٌ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص- فَوَ اللَّهِ لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَوْ تَخْطَفَنِي الطَّيْرُ- أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص- وَ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِّي فَإِنَّمَا الْحَرْبُ خُدْعَةٌ- فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص بَلَغَهُ أَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ- بَعَثُوا إِلَى أَبِي سُفْيَانَ إِذَا الْتَقَيْتُمْ أَنْتُمْ وَ مُحَمَّدٌ- أَمْدَدْنَاكُمْ وَ أَعَنَّاكُمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَطِيباً- فَقَالَ إِنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ بَعَثُوا إِلَيْنَا إِنَّا إِذَا الْتَقَيْنَا- نَحْنُ وَ أَبُو سُفْيَانَ أَمَدُّونَا وَ أَعَانُونَا- فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا سُفْيَانَ فَقَالَ غَدَرَتْ يَهُودُ فَارْتَحَلَ عَنْهُمْ"[6] في السند ابو البختري وهو وهب بن وهب الذي هو من اكذب البرية. فالسند ضعيف وهي مشتملة على نسبة الكذب برسول الله صلى الله عليه وآله وهو مستبعد عنه ولو أن الكذب جائز للمصالح الهامة.

ومما ذكر فقهائنا من محرمات الحرب هو الغلول كما في النهاية و النافع و القواعد و الإرشاد و التحرير و المنتهى و التذكرة و المسالك و غيرها، ومستند الحكم هو ما ورد من النهي عنه في النصوص السابقة، في قوله لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا كما مرت بنا في الايام الماضية و فسره في المحكي عن جامع المقاصد بالسرقة من أموالهم، وقال صاحب الجواهر:

فيه: (أنه مناف لما هو المعلوم في غير المقام من كون مال الحربي فيئا للمسلم، فله التوصل إليه بكل طريق، اللهم إلا أن يكون إجماعا، أو يكون المراد السرقة منهم بعد الأمان و نحوه مما يكون به محترم المال مع كفره، أو يراد به النهي عن السرقة من الغنيمة، بل قيل إنه أكثر ما يستعمل في ذلك، بل يمكن حمل ما يقبل ذلك من عبارات الأصحاب عليه، و اللّٰه العالم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo