< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/06/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : عدم معرفة القاتل

كان بحثنا حول كلام المصنف حيث قال: (و لا يلزم القاتل دية و يلزمه كفارة و في الأخبار و لا الكفارة)[1] وأثبتنا عدم القصاص والدية على القاتل ثم ذكرنا احتمال آخر و هو كون الدية على بيت المال مستنداً إلى إطلاق قوله عليه السلام في ذيلها: "لايبطل دم امرء مسلم" وقلنا يستأنس من هذا الحديث وغيرها بأن المقتول اذا قتل بأمر من الامام لابد وان يتكفل الامام بديته، بل اوسع من ذالك ان المقتول في الاسلام لابد أن لايذهب دمه هدراً فان كان له مدين فهو يدفع وان لم يوجد له ضامن فلابد من دفعها من بيت المال. ويظهر ذالك من عدة روايات:

1- منها: ما عن مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ شَمُّونٍ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ مِسْمَعٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: مَنْ مَاتَ فِي زِحَامِ النَّاسِ يَوْمَ جُمُعَةِ أَوْ يَوْمَ عَرَفَةَ- أَوْ عَلَى جِسْرٍ لَا يَعْلَمُونَ مَنْ قَتَلَهُ فَدِيَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ وَ زَادَ فِيهِ- أَوْ عِيدٍ أَوْ عَلَى بِئْرٍ".[2] فهذا الحديث ولو ضعيف من حيث السند لجهات منها وجود سهل ابن زياد و منها الأصم وهو عبدالله بن عبد الرحمن الأصم المسمعي قال فيه ابن الغضائري: (ضعيف مرتفع القول و له كتاب في الزيارات ما يدل على خبث عظيم و مذهب متهافت وكان من كذابة أهل البصرة)[3] ، وقال النجاشي فيه: (بصري ضعيف غال ليس بشيئ روى عن مسمع كردين وغيره له كتاب المزار سمعت ممن رآه فقال لي وهو تخليط)[4] . وفيه مسمع: وهو ابن عبد الملك بن مسمع كردين أبا سيار قال فيه الكشي: (وهو من أهل البصرة وكان ثقة...) وقال فيه النجاشي: (ابو سيار الملقب كردين شيخ بكر بن وائل بالبصرة ووجها وسيدا للمسامعة و كان اوجه من أخيه عامر بن عبد الملك أبيه وله بالبصرة عقب منهم) وهو يذكر في عامر انه كان أقل وجاهة من أخيه ويذكر في عبدالملك انه كان له وجاهة) وهذه التعابير يمكن ان يستفاد منه الوثاقة خصوصا عند ما يصدر من رجالي كالنجاشي.

ولكن من حيث الدلالة لا بأس بها بل لعل الملاك في كون الدية من بيت المال هو كونه ممن: "لايعلمون من قتله" فيشمل ما ذكر وما هو مثلها في عدم معرفة القاتل او عدم امكان الوصول اليه.

2- ومنها: (مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا مُتَعَمِّداً- ثُمَّ هَرَبَ الْقَاتِلُ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ- قَالَ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أُخِذَتِ الدِّيَةُ مِنْ مَالِهِ- وَ إِلَّا فَمِنَ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ- فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرَابَةٌ أَدَّاهُ الْإِمَامُ- فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ[5] . في السند حميدبن زياد الذي قال فيه الشيخ في الفهرست: (عالم جليل واسع العلم كثير التصانيف) وفي مكان آخر يقول: (ثقة كثير التصانيف روى الاصول أكثرها...وقال النجاشي في شأنه: (كان ثقة واقفا وجها فيهم) وفيه: الحسن بن محمد بن سماعة وقد قال فيه الشيخ: (واقفي المذهب الا انه جيد التصانيف نقي الفقه حسن الانتقاء او انتقاد)، وقال فيه النجاشي: (من شيوخ الواقفة كثير الحديث ثقة فقيه وكان يعاند في الوقف ويتعصب)[6] وفيه:أحمد بن حسن الميثمي قال فيه الشيخ في الفهرست: (أحمد ابن الحسن بن اسماعيل بن شعيب بن ميثم بن عبد الله التمار ابو عبد الله مولى بني أسد كوفي ثقة الحديث سليم روى عن الرضا عليه السلام) وقال فيه النجاشي: ( بن حسن بن اسماعيل...قال فيه ابوعمرو الكشي: كان واقفاً....وقد روى عن الرضا عليه السلام وهو على كل حال ثقة صحيح الحديث معتمدعليه...) فالسند موثق يمكن أن يستند اليه. وأما الدلالة فقوله عليه السلام: " فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرَابَةٌ أَدَّاهُ الْإِمَامُ- فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ)[7] فيه إطلاق وكان في تقنين قاعدة شاملة كل ما وجد له مصداق.

3- ومنها: ما عن مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي وَلَّادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَيْسَ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ مُعَاقَلَةٌ فِيمَا يَجْنُونَ- مِنْ قَتْلٍ أَوْ جِرَاحَةٍ إِنَّمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ- فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ رَجَعَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ- لِأَنَّهُمْ يُؤَدُّونَ إِلَيْهِ الْجِزْيَةَ- كَمَا يُؤَدِّي الْعَبْدُ الضَّرِيبَةَ إِلَى سَيِّدِهِ- قَالَ وَ هُمْ مَمَالِيكُ لِلْإِمَامِ فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فَهُوَ حُرٌّ.وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ وَ رَوَاهُ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ «5»‌[8] اما السند ففيه ابي الولاد وهو الحناط الآجري حفص بن يونس و بن سالم على قول كما قال النجاشي، ولكن لم يرد له توثيق. اما الدلالة فهذه الرواية تثبت الدية على الامام لاهل الذمة فبالأولى يثبت ذالك للمسلمين.

4- ومنها: ما عن مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: أُتِيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِرَجُلٍ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً- فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنْ عَشِيرَتُكَ وَ قَرَابَتُكَ- فَقَالَ مَا لِي بِهَذَا الْبَلَدِ عَشِيرَةٌ وَ لَا قَرَابَةٌ- قَالَ فَقَالَ فَمِنْ أَيِّ الْبُلْدَانِ أَنْتَ- قَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ وُلِدْتُ بِهَا- وَ لِي بِهَا قَرَابَةٌ وَ أَهْلُ بَيْتٍ..... فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَرَابَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ- وَ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا وَ كَانَ مُبْطِلًا (فِي دَعْوَاهُ) فَرُدَّهُ إِلَيَّ مَعَ رَسُولِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- فَأَنَا وَلِيُّهُ وَ الْمُؤَدِّي عَنْهُ- وَ لَا أُبْطِلُ دَمَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ" [9] . في السند مالك بن عطية وثقه النجاشي بقوله: (مالك بن عطية الأحمسي ابوحسين البجلي كوفي ثقة روى عن ابي عبد الله) ولكن سلمة بن كهيل لم يرد له توثيق بل ان القهبائي يستفيد مما ورد في انه ضال مضل. فالسند ضعيف ولكن الدلالة في قوله عليه السلام في ذيل الحديث: " فَرُدَّهُ إِلَيَّ مَعَ رَسُولِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- فَأَنَا وَلِيُّهُ وَ الْمُؤَدِّي عَنْهُ- وَ لَا أُبْطِلُ دَمَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ"[10] يفيد ضمان الامام لرجل قد قتل خطاً فبالاولى المقتول بامر الامام يتكفل ديته الامام عليه السلام.


[2] الوسائل ج‌29 باب23من الديات ح1ص260‌.
[8] المصدر باب1ح1ص391.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo