< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/06/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تترس العدو بمن يحرم قتله

بعد ما قلنا بأن المشركين إن تترسوا بنسائهم و اطفالهم او بأسرى المسلمين يجوز قتلهم عند الضرورة وفيما لا يمكن الانتصار عليهم الا بقتل الترس.

هناك من الفقهاء من فرق بين الجهاد الدفاعي والجهاد الدعوي ففي الدفاعي جوز قتل الترس سواء كان مسلما او كان من الكفار قال فخر المحققين في الايضاح: (إذا تترسوا بمن يحرم قتله كنسائهم أو صبيانهم أو بمسلم فأما ان يكون الجهاد دافعا عن المسلمين بان قصدهم الكفار أو للدعوة و الكفار قصدهم الدفع عن‌ أنفسهم، فإن كان الأول رمى الترس مطلقا، و ان كان الثاني فاما ان يحتمل الحال تركهم أو لا؟ فإن كان الثاني رمى الترس غير المسلم لما رواه الشيخ (ره) عن حفص بن غياث عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في الرواية المتقدمة في إلقاء السم و لأن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم رماهم بالمنجنيق في الطائف و فيهم النساء و الصبيان، و لان الكف عنهم يفضى الى تعطيل الجهاد و لانه يجب على كل مسلم بذل نفسه فلا يقع المخاطرة على غير المسلم (و يحتمل) ضعيفا عدمه للنهى عن قتل النساء و الصبيان، و اما الترس المسلم فلا يجوز رميه لقوله تعالى: "وَ لَوْ لٰا رِجٰالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِسٰاءٌ مُؤْمِنٰاتٌ" الآية و يحتمل الجواز لما تقدم).(جلد1ص351).

فهو رضوان الله عليه بالنسبة الى جواز رمي غير المسلم، استدلّ برواية حفص اولاً، وفعل رسول الله صلى الله عليه وآله في رمي الطائف بالمنجنيق ثانياً، وإفضاء الكف عنهم الى تعطيل الجهاد ثالثاً،ولانه يجب على كل مسلم بذل نفسه فلا يقع المخاطرة على غير المسلم رابعاً. اي مخاطرة غير المسلمين ليس أعز عن مخاطرة المسلمين فمادام يجب بذل النفس على المسلم في سبيل الجهاد فنفس غير المسلم ارخص منها وبالاولى يضحّى بها في سبيل انتصار المسلمين.

ويستدل على عدم جواز رمي ترس المسلم بقوله تعالى: " وَ هُوَ الَّذي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصيراً . هُمُ الَّذينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَ لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ في‌ رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَليماً[1] ومعناه: و لو لا أن تدوسوا رجالاً مؤمنين و نساء مؤمنات بمكة و أنتم جاهلون بهم لا تعلمون، فتصيبكم من قتلهم و إهلاكهم مكروه، لما كف الله أيديكم عنهم ولكن كف ايديكم عنهم: "لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ" و يحتمل ان يكون المعنى: ليدخل في رحمته من أسلم من الكفار بعد الصلح. وأن المراد من المؤمنين والمؤمنات الذين يؤمنون بعد الفتح وهذا المعنى قريب جداً، حيث آمن كثير من أهل مكة المعظمة بعد الفتح غير الدامي. ووجه الاستدلال إن الله كف ايديكم عنهم كرامة وحفظاً لرجال مؤمنين و نساء مؤمنات فيستفاد منها وجوب الكف عن القتال عندما جعل العدو من المؤمنين ترساً حرصاً للاحتفاظ بحياتهم.

بعد ما عرفت من أدلّة فخر المحققين في كلا الشقين من المسألة فنقول:

أما الاستدلال لجواز رمي الترس غير المسلم، بخبر حفص ففيه اولاً: ضعف السند، وثانياً: فيه قوله: " حَتَّى يُقْتَلُوا وَ مِنْهُمُ النِّسَاءُ- وَ الصِّبْيَانُ وَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَ الْأُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ- وَ التُّجَّارِ" فلا يختص بغير المسلمين، وثالثاً: كما بيناه سابقاً قوله: "يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ وَ لَا يُمْسَكُ عَنْهُمْ لِهَؤُلَاءِ" يفيد حالة الاضطرار، واليك نص الحديث: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِ الْحَرْبِ- هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُرْسَلَ عَلَيْهَا الْمَاءُ أَوْ تُحْرَقَ بِالنَّارِ- أَوْ تُرْمَى بِالْمَنْجَنِيقِ حَتَّى يُقْتَلُوا وَ مِنْهُمُ النِّسَاءُ- وَ الصِّبْيَانُ وَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَ الْأُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ- وَ التُّجَّارِ فَقَالَ يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ وَ لَا يُمْسَكُ عَنْهُمْ لِهَؤُلَاءِ".

واما استدلاله بما فعل رسول الله بالنسبة إلى أهل طائف، فلم يثبت ذالك بحجة شرعية، مضافا إلى انه كان فعل النبي صلى الله عليه وآله وهو قضية خارجية ولا يمكن تعميمه اذ لا نعرف وجه عمله عليه السلام.

واما استدلاله بأنّ الكف عنهم يفضى الى تعطيل الجهاد، فهو ان كان يلازم كلا الشقين يعني سواء كان الترس من الكفار أو كان من المؤمنين.

واما استدلاله بانّه يجب على كل مسلم بذل نفسه فلا يقع المخاطرة على غير المسلم، فهو مجرد قياس أو استحسان ولا يجوز ذالك في استنباط الحكم الشرعي. هذا في الشق الاول.

اما استدلال للشق الثاني يعني عدم جواز قتل الترس اذا كانوا مؤمنين بآية "ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات" فهو ايضاً غير تام لأنها لا تفيد لأثبات عدم جواز رمي المسلمين المتترسين بهم لانه لم يرد فيها نهيٌ وانما ذكر مصلحة الصلح وخصوصا على القول بعدم جواز تلك الافعال من غير ضرورة، وفي المكة لم يشهروا اهلها سيفاً على المسلمين عند الفتح.

فخلاصة القول عدم مقبولية هذا التفصيل وانما يجوز قتل الترس غير مهدوري الدم اذا كانت ضرورة هي أهم من حفظ النفوس والامام هو يقيم الموقف ولعل أهمية حفظ نفوس المؤمنين على غيرهم قد يأثر في الموقف أيضاً.

 


[1] سورة الفتح، 24-25.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo