< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/06/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : محاربة الاعداء بكل الوسائل

بعد ما ذكر الجواهر قول المحقق: (و يحرم إلقاء السم)[1] يشير الى القائلين بالحرمة من النهاية و الغنية و السرائر و النافع و التبصرة و الإرشاد و الدروس و جامع المقاصد مع التقييد في كثير منها بما إذا لم يضطر إليه أو يتوقف الفتح عليه، ويستند الى في ذالك الى خبر السكوني . عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام: "أن النبي صلى اللّٰه عليه و آله نهى أن يلقى السم في بلاد المشركين"‌

ثم يذكر كلام المحقق حيث قال: (و قيل يكره) ويشير الى القائلين بالكراهة، من القواعد و التحرير و التذكرة و اللمعة و الروضة و غيرها، و المحكي عن المبسوط و الإسكافي، و المختلف نسبته إلى أصحابنا ويبين ان وجه هذا القول هو حمل النهي في‌ الخبر السكوني علي الكراهة، لقصوره سندا عن إفادة الحرمة، و يقول و لعله لذا قال المصنف: "و هو أشبه". ومعنى قصور السند عن افادة الحرمة،أن الاحكام الالزامية لا تثبت الا بخبر الثقة ولكن السنن تثبت بضعاف الاخبار أيضاً من باب التسامح في أدلّة السنن. فاذا قصر السند عن افادة الحرمة فلا يقصر عن افادة الكراهة.

و يشكل عليه بأن السكوني مقبول الرواية، بل حكي الإجماع على العمل بأخباره، فلا وجه لرفع اليد عن ظهوره في الحرمة، ثم يجعل للجمع بين موثقة سكوني و ما استدل به على الجواز وجه آخر وهو القول بأن ظاهر خبر السكوني النهي عن إلقاء السم في البلاد، لاستلزامه غالباً قتل الأطفال و النساء و الشيوخ و من فيها من المسلمين و نحوهم ممن يحرم قتلهم، وتلك تدل بعمومها على جوازاستعمالها في قتل العدو ففُرِض اختصاصُه بقتل الكفار الذين يجوز قتلهم بأنواع القتل، بل قد يتوقف في الجواز في الأول اي في البلاد و إن توقف الفتح عليه، لإطلاق الخبر المزبور، بل إن كان هو المراد من الضرورة في عبارة من قيد أمكن منعه لذلك أيضاً و منه يعلم ما في قول المصنف فإن لم يمكن الفتح إلا به جاز بلا كراهة، فما عن ظاهر بعض من جوازه و إن أدي إلى قتل نفس محترمة و لم يتوقف الفتح عليه واضح الضعف لذلك و للمقدمة، كما هو واضح. و بهذا البيان يمتاز موضوع موثقة السكوني عن مادل على جواز قتال الكفار باي وسيلة تمّ به الفتح، الشاملة للسم، بان موضوع الموثقة استعمال السم في البلاد اي المدن و موضوع أدلة الجواز هو قتل الكفار المقاتلين فلا تنافي بينهما حتى نحتاج الى التماس جمع صناعي.

قال المحقق: (و لو تترسوا بالنساء و الصبيان منهم كف عنهم، إلا في حال التحام الحرب و كذا لو تترسوا بالأسارى من المسلمين و إن قتل الأسير إذا لم يمكن جهادهم إلا كذلك) (الشرائع ج 1ص68). ذكر النساء والصبيان انما جاء كمصداق ممن لايجوز قتله فالمجانين والمعاهدون والشيوخ والمعمرون والمتبتلون وكل من لا يخاف من جانبه، فهو مصداق للحكم المذكور اعلاه، فلابد من الكف عنهم اذا لم يكن ضرورة في المداومة على الجهاد. كما أن حال التحام الحرب مصداق للضرورة فلو امكن الكف في حال الالتحام من دون خطر على المسلمين يجب، كما أنه لو لم يكن الالتحام ولكن عدم المبادرة بالقتال يفقد فرصة للمسلمين لا تتوفر لهم بعد ذالك و فيه خسارة كبيرة كما أن العدو اذا اُمهل يتزوّد بقوّة لا يمكن دفعه بسهولة، فيجب المبادرة بالقتال ولو قتل من خلاله الترس ممن ليس مهدور الدم.

ان صاحب الجواهر هنا رسم تعارضاً بين ما دل على وجوب قتل الكفار وما دل على حرمة قتل الترس، ثم جعل خبر حفص مرجحاً لما دل على وجوب قتال الكفار وهو: (عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِ الْحَرْبِ- هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُرْسَلَ عَلَيْهَا الْمَاءُ أَوْ تُحْرَقَ بِالنَّارِ- أَوْ تُرْمَى بِالْمَنْجَنِيقِ حَتَّى يُقْتَلُوا وَ مِنْهُمُ النِّسَاءُ- وَ الصِّبْيَانُ وَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَ الْأُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ- وَ التُّجَّارِ فَقَالَ يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ وَ لَا يُمْسَكُ عَنْهُمْ لِهَؤُلَاءِ- وَ لَا دِيَةَ عَلَيْهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَ لَا كَفَّارَةَ[2] الْحَدِيثَ. وكانه يريد أن يستفاد من خبر حفص جواز قتل الترس من دون الاضطرار ايضاً ولذالك يعلق على كلام المحقق حيث قال: (و كذا لو تترسوا بالأسارى من المسلمين و إن قتل الأسير إذا لم يمكن جهادهم إلا كذلك) بقوله: (بل مقتضى إطلاق الخبر المزبور جوازه و إن لم يتوقف عليه، بل في التحرير لو تترس الكفار بنسائهم و صبيانهم فإن كانت الحرب ملتحمة جاز قتالهم، و لا يقصد قتل الصبي و لا المرأة، و إن لم تكن ملتحمة بل كان الكفار متحصنين بحصن أو من وراء خندق كافين عن القتال قال الشيخ: يجوز رميهم، و الأولى تجنبهم، و لكن ظاهره أولوية التجنب مع عدم التحام الحرب و إن توقف الفتح عليه، كما أن ظاهره الاكتفاء في جواز قتلهم بالتحام الحرب و إن تمكن من غيره)، وهنا تعرض صاحب الجواهر لكلمات الفقهاء و مقارنتها مع بعضها، و ذكر كلمات الفقهاء في جواز قتل الترس في حال القتال من دون شرط، ثم قال: (و خلاصة الكلام أن قتل الكافر الحربي واجب، فمتى أمكن الوصول إليه من دون مقدمة محرمة فعل، و إلا تعارض خطاب الوجوب و الحرمة، فمع عدم الترجيح يتجه التخيير، و لعله المراد من الجواز في عبارة الأصحاب، بل ظاهر الخبر المزبور ترجيح الأول على وجه يبقى‌ الوجوب، ل‌قوله عليه السلام: «و لا تمسك عنهم لهؤلاء»‌بل ربما يؤيده معلومية ترجيح الإسلام على مثل ذلك، و لذا رمى النبي صلى اللّٰه عليه و آله الطائف بالمنجنيق و فيهم النساء و الصبيان، و أما احتمال ترجيح خطاب الحرمة في الفرض فلم أجده لأحد).

ولكن كما بينّا سابقاً لا يمكن اتخاذ اطلاق من خبر حفص لجواز قتل الترس اولا لضعف سنده، وثانياً: لأن قوله: "لاتمسك عنهم لهؤلاء" معناه لايرفع اليد عن القتال لهؤلاء فالكلام انما يكون فيما يتوقف الجهاد لقتل هؤلاء الذين ليسوا مهدوري الدم لو خلي وطبعه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo