< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : هل يجوز الفرار اذا غلبه الظن

بعد ما حكم المحقق بعدم جواز ترك القتال اذا كان عدد العدو ضعف المسلمين او أقل وهو قول الاكثر و بينا وجهه الوجيه، طرح فرعاً آخر و هو: (و لو غلب عنده الهلاك لم يجز الفرار، و قيل يجوز لقوله تعالى: ﴿ وَ لٰا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"[1] و الأول أظهر لقوله تعالى: "إِذٰا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا[2] ﴾.

فرض المسألة هو عند ما يكون العدو ضعف المسلمين وما دون، حيث يجب المقاومة و يحرم الفرار، فهل اذا غلب الظن بالهلاك او تيقن ذالك يجوز الفرار؟ إختار المحقق عدم الجواز، ثم اشار إلى قول المخالف و دليله. وأكثر الفقهاء اختاروا ذالك ايضاً.

وقال في المختصر: (و لا يجوز الفرار إذا كان العدو على الضعف أو أقل، إلا لمتحرف أو متحيز إلى فئة و لو غلب على الظن العطب على الأظهر، و لو كان أكثر جاز.)[3] .

قال العلامة الحلي: (فاذا التقى الصنفان وجب الثبات،....... و إن غلب الهلاك.[4]

وقال في التحرير: (و لو غلب على ظنّه الهلاك لم يجز الفرار، و قيل: يجوز، و لو غلب ‌الأسر فالأولى أن يقاتل حتّى يقتل، و لا يسلّم نفسه للأسر)[5] .

وقال في التذكرة: (و لو لم يزد عدد المشركين على الضعف لكن غلب على ظنّ المسلمين الهلاك إن ثبتوا، قيل: يجب الثبات، لقوله تعالى إِذٰا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلٰا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبٰارَ، و قيل: يجوز، لقوله تعالى وَ لٰا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ. و لو غلب على ظنّه الأسر، فالأولى أن يقاتل حتى يقتل، و لا يسلّم نفسه للأسر، لئلّا يعذّبه الكفّار بالاستخدام)[6] .

وقال الفاضل المقداد: ( لو غلب على الظن العطب في الحالة المذكورة هل يجب الثبات حينئذ أم لا؟ قال في المبسوط: فيه قولان، أحدهما الجواز لقوله وَ لٰا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ، و ثانيهما عدمه لقوله إِذٰا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا .و اختاره المصنف، للأمر بالثبات مطلقاً و لجواز كذب ظنه، لقوله تعالى فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صٰابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ و هذا أجود، لأن التغرير بالنفس ليس منافياً للجهاد بل مقصود فيه)[7] .

وقال الشهيد في المسالك: (قوله: «و لو غلب عنده الهلاك لم يجز له الفرار و قيل: يجوز. إلخ». (..... منشأ القولين من دلالة الإطلاقين على المراد، و الأقوى وجوب الثبات. و طريق الجمع منع كون الثبات على هذا الوجه إلقاء باليد إلى التّهلكة، بل إلى الحياة الباقية المخلّدة، فلا تعارض بين الإطلاقين)[8] .

وقال الشيخ في المبسوط: (و إذا غلب على ظنه أنه إذا ثبت قتل و هلك فالأولى أن نقول: ليس له ذلك لقوله تعالى «إِذٰا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا».و قيل: إنه يجوز له الانصراف لقوله تعالى «وَ لٰا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ")[9] .

ونسب صاحب الجواهر جواز الفرار في الفرض إلى العلامة في القواعد حيث قال: (و لو زاد الضعف على المسلمين جاز الهرب، و في جواز الهزام مائة بطل عن مائتي ضعيف و واحد، نظر ينشأ من صورة العدد و المعنى، و الأقرب المنع، إذ العدد معتبر مع تقارب الأوصاف، فيجوز هرب مائة ضعيف من المسلمين من مائة بطل مع ظن العجز- على رأي)[10]

فنقول: انّ أدلة حرمة الإنصراف هو قوله تعالى: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذا لَقيتُمُ الَّذينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ [11] . و قوله تعالى : ﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذا لَقيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [12] والروايات الكثيرة التي توجب القتال وتحرِّم تركه وهذه النصوص مطلقة تشمل جميع الظروف وانما خُصِّصت بقول الله تعالى: ﴿ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرينَ [13] . فبقي حالة غلبة ظن العطب تحت اطلاق حرمة الفرار.

أمّا أدلة من يُجوِّز الفرار هي:

أولاً : قوله تعالى: ﴿ ... وَ لا تُلْقُوا بِأَيْديكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنينَ ﴾.[14] فهذه الآية تنهى عن القاء النفس إلى التّهلكة، والقتال في فرض غلبة الظن بالقتل القاء للنفس إلى التّهلكة.

ثانياً : قاعدة الحرج التي تفيد رفع التكليف اذا اوجب الحرج وأي حرج أقوى من القتل.

ثالثاً : أن اكثر الواجبات والمحرمات تسقط عند خطر الموت كالصلاة والصوم وغيرها والجهاد منها فيسقط بظن الهلاك.

رابعاً : وفي فرض الشك في الوجوب الاصل هو عدمه.

خامساً : النسبة بين قوله تعالى: ﴿ فلا تولوهم الادبار ﴾ وقوله: ﴿ اذا لقيتم فئة فاثبتوا ﴾ من ناحية، وقوله تعالى: لاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة نسبة العموم من وجه فيتساقطان بالتعارض في المجمع فالمرجع هو أدلة وجوب حفظ النفس عن الخطر، او يتزاحمان فالمرجع هو التخيير وهو يلازم عدم وجوب الجهاد او عدم حرمة الفرار. هذا أقصى ما يمكن من الدليل لمن يجوز الفرار في فرض غلبة الظن بالعطب والهلاك. و دراسة ادلة القولين والتحاكم بينهما إلى غد انشاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo