< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/06/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : هل يجوز الفرار اذا غلبه الظن

ثبت مما قلناه في المباحث السابقة ان حرمة الفرار من الزحف مشروط بما اذا كان العدو ضعف المسلمين او أقل من الضعف اما اذا كانوا أكثر فيجوز الفرار. ولكن لابد وأن نقول هذا الحكم خاص بالحرب الذي الهروب منه يكون سببا لحفظ النفوس وترك العدو الاضرار بالمسلمين، كما اذا كانت المبادرة من المسلمين بحيث ان تَركوا تُركوا، أما اذا كان الهروب سبب لسلطة العدو و وضع السيوف على رقاب المسلمين واحراق بيوتهم و نهب اموالهم. او كان في ترك القتال اضرار بالاسلام فيجب المقاومة ولا يجوز الهروب ولو ظن المجاهد بانتهاء الحرب إلى قتله، ولذا أمر رسول الله صلى الله عليه واله بوقف هؤلاء الذين جعلهم على ثغرة الجبل في الاحد بعدم ترك مكانهم ولو بلغ ما بلغ.

اما قوله تعالى: ﴿ الا متحرفا لقتال او متحيزا إلى فئة [1] فقد زعم البعض ان الموردين المذكورين من موارد استثناء حرمة الفرار الا انهما بمنزلة الاستثناء المنقطع فهما ليسا مصداقا للفرار، نعم هما استثنائين لحرمة تولية العدو الدبر، التي هي اعم من الفرار فكل فرار يلازم تولية الدبر و ليس كل تولية للدبر ملازم للفرار، بل هما موردين من تولية الدبر ليسا من الفرار في شيئ و احدهما تولية الدبر للتحرف للقتال وثانيهما تولية الدبر للتحيز إلى فئة يريد ان يقاتل معهم.

وذكروا من مصاديق التحرف للقتال: الكرّ والفرّ، ومنها: الحصول على موضع محصون كصفح الجبل، وقد ذكر المصنف من مصاديق "طلب السعة" وقد ذكر صاحب الجواهر القواعد والتذكرة والمسالك وغيرها ممن جعل طلب السعة مصداقا للمتحرف للقتال و منها : طلب"موارد المياه" ومنها: "استدبار الشمس" و منها: تسوية اللأمة. وقد ذكر في الجواهر ايضاً منها: "نزع شيئ ولبسه" و منها: "الارتفاع من هابط والاستناد إلى جبل، وعلى كل حال الميزان ان لا يكون ما توسل به المجاهد فراراً عن الحرب.

اما "المتحيز إلى فئة" كمن اصبح وحيدا او مع جمع قليل فيريد ان ينضم إلى جمع كبير يستطيع من خلالهم ان يقاتل بصورة اقوى. ثم اختلفت الكلمات في قلة الفئة الملحق بها او كثرتها وكذالك مدى قربها وبعدها . ولا فائدة للبحث من هذه الجهة ما دام ان الميزان في الحرمة تحقق الفرار وعدمه. فمن حاول الفرار فذهب إلى فئة قليلة او كثيرة قريبة او بعيدة فقد ارتكب المحرم ومن رام تحسين الوضع للجهاد و كسب القدرة على العدو، و اتخذ الذهاب إلى فئة تكتيكا للغلبة على العدو فهو مأجور و ممدوح

و قال الشهيد في التذكرة: و المتحيز إلى فئة بعيدة، لا يشارك الغانمين في غنيمة فارق قبل اغتنامها، و لو فارق بعد غنيمة البعض شارك فيه دون الباقي، أما لو تحيز إلى فئة قريبة فإنه يشارك الغانمين في المغنوم بعد مفارقته و هو أحد وجهي الشافعية، لأنه لا تفوت نصرته و الاستنجاد به، فهو كالسرية تشارك جند الإمام (ع) فيما يغنمون،[2]

وذكر فرع آخر وهو: إنما يُسقط الانهزامُ الحقّ، إذا اتفق قبل القسمة، أما إذا غنموا شيئا و اقتسموه ثم انهزم بعضهم لم يسترد منه ما أخذ» و هو جيد لكن أوله لا يخلو من نظر) ولعل السر فيه انه ولو كان منهزماً حين الاغتنام، ولكنّه كان مشاركاً في حرب انتهى إلى الاغتنام.

و كذالك ذكر فرع آخر وهو: لو تحيز إلى فئة و في الأثناء قد تحيزت هي، إلى أخرى يجوز لها أن تتحيز معها، إذا لم يصدق الفرار و الهروب، و إلا وجب الثبات، و الأولى تحقق ما عزم عليه من القتال بالتحيز إلى الفئة، لأنه الظاهر من الآية، فلا يكفي حينئذ عزمه من دون تحقق عزم الفئة التي يتحيز إليها، و يحتمل الاكتفاء بعزمه الذي رخص له الانصراف.

وهناك فرع آخر و هو: إنّ ما قلناه من لزوم المقاومة انما هو للمختار كما صرح به جمع من الفقهاء كالفاضل و ثاني الشهيدين و غيرهما، أما اضطرّ إلى الانسحاب لعروض مرض أو نفود سلاحه ، او لضرورة التي يسقط معها التكليف، فإنه يجوز له الانصراف و لان الدليل العقلي في الامثلة الاولى والنقلي في الامثلة الأخيرة تقيد إطلاق الآية وتخصصها بغير المعذور، نعم في غير مورد العذر لا يجوز الإنسحاب خصوصا إذا كان فيه مفسدة على المسلمين بظهور الضعف و الوهن أو خوف انكسارهم و غلبة العدو عليهم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo