< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : مناقشة ادلة اطلاق القتال

ثبت من خلال مباحثنا المبسوطة ان القتال انما يجوز على المحارب والمعاند ولكن المسالم من الكفار لادليل على جواز قتالهم.

وهنا نود أن نشير الى نقطة هامة وهي انه وردت روايات من طرق العامّة يمكن ان يستفاد منها الاطلاق في جواز قتال الكفار ولو لم يكونوا محاربين، كرواية سنن ابي داوود عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه واله :"امرت ان أُقاتل الناس حتى يقولوا لااله الا الله فاذا قالوها منعوا منّي دمائهم و اموالهم الا بحقّها و حسابهم على الله" (سنن ابي داوودج1ص594ح2640). فهذه الرواية جعلت متعلق الامر بالقتال مطلق الناس من دون قيد ولا شرط فيشمل المسالم والمحارب، نعم ان الصدوق رضوان الله عليه ايضاً رواه في العيون بإسناده عن علي ع قال: قال النبي ص: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها فقد حرم عليّ دماؤهم و أموالهم". عندما نتأمل في هذين الحديثين نرى ان التعبيرين متوازيان فيستشف منهما ان ما رواه الصدوق ايضاً تسريب مما ورد من طريق العامة. وسنده من طريق الصدوق ايضاً ضعيف جداً للارسال. وبما انّ سيرة السلاطين كانت على المبادرة الى فتح البلاد وتوسعة سلطانهم على الاصقاع. كان في البلاد الاسلامية داعي قوي لجعل روايات تبرّر ممشي السلاطين و تشجّع الناس على المشاركة في الحرب بداعي فتح البلاد والحصول على الغنائم و توفير الضرائب. مما لم نعرف لها نظير في سيرة النبي ولا في سيرة علي ولا في سيرة الحسن عليهم السلام و لم نجد محاولة في حياة ائمتنا الكرام لجمع الجيش والاعوان ليحاربوا الناس على الاسلام.

ثم ان صاحب الجواهر بعد ما يحكم بوجوب الجهاد الابتدائي بقوله: (فإن بدؤوا فالواجب محاربتهم و ان كفوا وجب بحسب المكنة) وقد بحثنا عن هذا الموضوع بما لا مزيد عليه يقول: (واقله في كل عام مرة) قال صاحب الجواهر: (كما سمعته سابقا من غير واحد مستدلين عليه بقوله تعالى «فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ» إلى آخره بالتقريب الذي أسلفناه و لكن لا يخفى عليك ما فيه،)[1] (جواهر الكلام ج21ص49).

انه رضوان الله عليه عند ما تحدث عن كفائية وجوب الجهاد قال: (ثم إن الكفاية بحسب الحاجة بكثرة المشركين و قلتهم و ضعفهم و قوتهم، و عن الشيخ و الفاضل و الشهيدين و الكركي أن أقل ما يفعل الجهاد في السنة مرة، بل عن الأخير دعوى الإجماع عليه، و هو الحجة‌ إن تم، لا ما قيل من قوله تعالى «فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ» الآية باعتبار تعليق وجوبه على الانسلاخ، فيجب كلما وجد الشرط، و لا يتكرر بعد ذلك بقية العام، لعدم إفادة الأمر المطلق التكرار، إذ هو كما ترى فيه نظر من وجوه.)( جواهرص11) وجه الاستدلال توجه الامر بالقتال الى المكلفين كل سنة ينسلخ اشهر الحرم فلابد من القتال بمقدار صدق الامتثال وصرف الوجود مسقط للتكليف فلا يجب بعدها الى عام المقبل. و صاحب الجواهر لم يذكر وجوه النظر في هذا الدليل، ولكن الوجوه التي يمكن القول بها، أولاً: بما ان الأمر تعلق بالعام الاستغراقي فالامتثال منحل بعدد افراد المشركين فكلما وجد مشركا يجب عليه قتله، نعم لو كان متعلق الامر عاما بدليا لكفى قتل واحد منهم. ثانياً: بما ان هذا الامر ورد في قضية خارجية وهي تتعلق بمشركي المكة المكرمة في عصر النبي صلى الله عليه واله وليس قضية حقيقية وحكما كليا حتى يتوجه التكليف الى كل المكلفين طيلة التاريخ. ثالثاً: ان التكليف صدر لسنة معينة ومرة واحدة فلا يشمل كل ما ينسخ اشهر الحرم حتى في عصر النبي صلى الله عليه وآله

ثم قال صاحب الجواهر: (و لذا قيل التحقيق خلاف ذلك في الوجود و العدم، فقد تجب الزيادة عليها مع الحاجة، كخوف قوة العدو مع الاقتصار عليها، و أداؤه إلى ضعف المسلمين عنهم، و يجوز تركه أصلا في السنة بل و السنتين للعذر مثل أن يكون في المسلمين ضعف في عدد أو عدة أو حصول مانع في الطريق، كعدم الماء و نحوه، أو لرجاء الرغبة في الإسلام أزيد من القتال و نحو ذلك

ولكن لا وجه لايجاب الجهاد في كل سنة مرة واحدة بل ان قلنا يجب الجهاد الابتدائي فكلما كان الجهاد مستطاع المسلمين يجب عليهم القيام به الى ان يزول موضوعه وهو حسب الفرض وجود مشرك او كتابي لم ينعقد معه عقد الذمة .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo