< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/04/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :الاستدلال بالرويات حول الجهاد الابتدائي

كان بحثنا في دراسة الروايات حتى نرى هل يوجد دليل على وجوب قتال الكفار لمجرد عدم قناعتهم بالاسلام؟ وقد ذكرنا روايتين لم يتم سندهما ولا دلالتهما على الموضوع واليكم رواية أخرى في هذا الموضوع:

منها: (مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي الْخِصَالِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ‌ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: الْقَتْلُ قَتْلَانِ قَتْلُ كَفَّارَةٍ وَ قَتْلُ دَرَجَةٍ- وَ الْقِتَالُ قِتَالانِ قِتَالُ الْفِئَةِ الْكَافِرَةِ حَتَّى يُسْلِمُوا- وَ قِتَالُ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ حَتَّى يَفِيئُوا) [1]

يمكن ان يستدل به على جواز قتال الكفار لمجرد عدم اسلامهم لاطلاق قوله عليهم السلام: "قتال الفئة الكافرة حتى يسلموا او يقتلوا" قالفئة الكافرة لم تتقيد بشيئ فيشمل جميع القسام الكفار ومنهم المسالمون من غير المسلمين.

ويرد عليه اولاً: بضعف السند، فانّ سندها ضعيف بوهب ابن وهب و هو ابوالبختري الذي روى الكشي بسنده عن فضل بن شاذان في شانه انه: كان ابي البختري من اكذب البريّة، و قال الغضائري: ابو البختري القاضي كذّاب عاميّ، و قال فيه الشيخ: ضعيف، و قال النجاشي: كان كذاباً. واما الدلالة فليس فيها أدات اطلاق ولا عموم فالفئة الكافرة تعليق على المعهود لاأكثر. وان ابيت الا القول باطلاقه فيشمل أهل الكتاب والمشركين جميعاً و قسيمهم هو الفئة الباغية. فيخالف آيات التي وردت في أهل الكتاب والروايات الاخرى وكذالك يخالف رأي مشهور الفقهاء ايضاً. حيث يفصلون بين المشركين وأهل الكتاب.

ومنها: وَ عَنْهُ (محمد ابن الحسن باسناده) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ قَالَ: سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ ع رَجُلٌ وَ أَنَا حَاضِرٌ فَقُلْتُ لَهُ- جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ رَجُلًا‌ مِنْ مَوَالِيكَ بَلَغَهُ- أَنَّ رَجُلًا يُعْطِي سَيْفاً وَ قَوْساً فِي سَبِيلِ اللَّهِ- فَأَتَاهُ فَأَخَذَهُمَا مِنْهُ ثُمَّ لَقِيَهُ أَصْحَابُهُ- فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ السَّبِيلَ مَعَ هَؤُلَاءِ لَا يَجُوزُ- وَ أَمَرُوهُ بِرَدِّهِمَا قَالَ فَلْيَفْعَلْ- قَالَ قَدْ طَلَبَ الرَّجُلَ فَلَمْ يَجِدْهُ- وَ قِيلَ لَهُ قَدْ قَضَى الرَّجُلُ قَالَ فَلْيُرَابِطْ وَ لَا يُقَاتِلْ- قُلْتُ مِثْلَ قَزْوِينَ وَ عَسْقَلَانَ وَ الدَّيْلَمِ- وَ مَا أَشْبَهَ هَذِهِ الثُّغُورَ فَقَالَ نَعَمْ- قَالَ فَإِنْ جَاءَ الْعَدُوُّ إِلَى الْمَوْضِعِ- الَّذِي هُوَ فِيهِ مُرَابِطٌ كَيْفَ يَصْنَعُ- قَالَ يُقَاتِلُ عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ قَالَ يُجَاهِدُ- قَالَ لَا إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى دَارِ الْمُسْلِمِينَ- أَ رَأَيْتَكَ لَوْ أَنَّ الرُّومَ دَخَلُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ- لَمْ يَنْبَغِ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ- قَالَ يُرَابِطُ وَ لَا يُقَاتِلُ- وَ إِنْ خَافَ عَلَى بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ وَ الْمُسْلِمِينَ قَاتَلَ- فَيَكُونُ قِتَالُهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلسُّلْطَانِ- لِأَنَّ فِي دُرُوسِ الْإِسْلَامِ دُرُوسَ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ ص)[2] .

هذا الحديث سنده صحيح ولكن فيه منع صريح عن القتال ويامره بالمرابطه الا في الدفاع عن بيضة المسلمين.

ومنها: (مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ ع أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ وَ اسْتَحْيُوا شُيُوخَهُمْ وَ صِبْيَانَهُمْ.)[3] هذه الرواية سندها موثق فان السكوني عامي موثق و وجه الاستدلال امر النبي بقتال المشركين من دون تقييد فيشمل المسلم ايضاً.

ولكن يرد عليه بان الحديث بصدد النهي عن قتل الشيوخ والصبيان وليس في مقام بيان صفي من يقتل بل يمكن القول بان نهيخ عليه السلام عن قتل الشيوخ والصبيان لانهم مسالمين لا يتوجه خطر من جانبهم إلى المسلمين فتنتج خلاف المقصود.

ومنها: كليني عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنِ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع إِنَّ عَلِيّاً ع سَارَ فِي أَهْلِ الْقِبْلَةِ- بِخِلَافِ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي أَهْلِ الشِّرْكِ- قَالَ فَغَضِبَ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ- سَارَ وَ اللَّهِ فِيهِمْ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص يَوْمَ الْفَتْحِ- إِنَّ عَلِيّاً ع كَتَبَ إِلَى مَالِكٍ وَ هُوَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ فِي يَوْمِ الْبَصْرَةِ- بِأَنْ لَا يَطْعُنَ فِي غَيْرِ مُقْبِلٍ وَ لَا يَقْتُلَ مُدْبِراً- وَ لَا يُجِيزَ «3» عَلَى جَرِيحٍ وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ- فَأَخَذَ الْكِتَابَ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْقَرَبُوسِ- مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْرَأَهُ ثُمَّ قَالَ اقْتُلُوا فَقَتَلَهُمْ- حَتَّى أَدْخَلَهُمْ سِكَكَ الْبَصْرَةِ ثُمَّ فَتَحَ الْكِتَابَ فَقَرَأَهُ- ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَى بِمَا فِي الْكِتَابِ[4] .

السند صحيح و يظهر من هذا الحديث ان سيرة رسول الله في المشركين كان دفعهم عن القتال و بذل قصارى جهده على ان لا ينتهي الامر الى القتال، بينما هم كانوا مشركين معاندين محاربين غير مسالمين ومع ذالك سعى لانجاز الفتح من دون اراقة الدماء فهَمُّ الاسلام درء الفتنة والاجتناب من القتل الا بقدر الضرورة للدفاع عن بيضة الاسلام والمسلمين. فالحديث يوافق ما اخترناه في المسئلة.

وَ عَنْهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْخَزَّازِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنِ الْحَكَمِ الْحَنَّاطِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع بِمَا سَارَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع- فَقَالَ إِنَّ أَبَا الْيَقْظَانِ كَانَ رَجُلًا حَادّاً رَحِمَهُ اللَّهُ- فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا تَسِيرُ فِي هَؤُلَاءِ غَداً- فَقَالَ بِالْمَنِّ كَمَا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي أَهْلِ مَكَّةَ.[5]

سنده ضعيف لعدم ورود توثيق لحكم بن حناط والدلالة كسابقتها توافق ما ذهبنا اليه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo