< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : وجوب جهاد المحارب

خلاصة بحثنا في الدرس السابق هو انّ سماحة الشيخ الآصفي جمع بين قوله تعالى:" ﴿ لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطينَ [1] و قوله تعالى: ﴿ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُم‌ ﴾[2] بانه: (لا مانع من الجمع بين كلا التصورين للكفر بأن نقول: إن حالة الأنظمة والكيانات السياسية هي المقصودة بالآيات التي تنذر وتحذّر من الكفار، وحالة الجماعات والأفراد هي المقصودة بالآية "لاينهاكم" فالدولة الاسلامية تتعامل مع الكفر من خلال البر والقسط فيما لو حدثت كارثة ام زلزال او مظلومية او غير ذالك، علماً بأنها تعلم بأن الله يقول" "وقاتلوهم كافة" ذالك لأنها إما غير قادرة الآن على قتالهم او لأن النوبة لم تصلهم، وفي هذا الوصف والظرف يأتي الآية "لا ينهاكم" لتنظيم العلاقات معهم بشكل مؤقت، او لأن آية "قاتلوهم كافة" تخص الكيانات السياسية الكافرة، وأما الأفراد والجماعات الكافرة من غير هذه الكيانات، فتكون مشمولة لقوله تعالى: "لا ينهاكم الله"(الآثار الفقهيةج4ص62).

ولكن بينّا زيف هذا الرأي بما لا مزيد عليه مضافا إلى ان هذا الكلام لم يذهب اليه أحد أن من يقول بوجوب الجهاد الابتدائي يقول بجهاد الكفار حتى يؤمنوا او يقتلوا ولا يحصر القتال بقتال الكيانات السياسية فقط وترك سائر الناس على كفرهم؟!! وأثبتنا أنّه لا توجد في القرآن آية تأمرنا بقتال الكفار بالمعنى الفقهي مطلقاً بل كل الآيات تفيد قتال المحارب والمعاند منهم، وامّا المسالم فالأمر فيهم هو اجراء البرّ والقسط فيهم والتعايش السلمي معهم سواء الانظمة السياسية او المكونات الاجتماعية او الافراد.

الآية الثانية: التي ناقشها المرحوم هي قوله تعالى: " ﴿ لاإكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي[3] .

هو رضوان الله عليه قال: والذي يُفهم من ظاهرها أنّها غير واردة في القتال، وأن التوحيد والدعوة اليه لا ينتشران به، اذ لايصح أن نُكره أحداً على توحيده سبحانه وتعالى ونرغمه، أو نرفع السيف عليه حتى يسلم، وهذا يعني نفي القتال الابتدائي في شريعة الله، وأن وجوب القتال لايشرّع الا دفاعاً).

ثم يقول: (والمقولة التي أكّدنا عليها سابقاً وقلنا فيها: إن القتال مرتبط بالدعوة إلى التوحيد، وليس بردِّ فعل ولا ينبعث من سوء العلاقة، وحالة التشنج تنفيها هذه الآية الكريمة، لأنها تدل على أن الدعوة إلى التوحيد تتم من خلال خلق القناعة في نفس الطرف المقابل لا من خلال رفع السيف فوق رأسه كما هو مفاد آية السيف وأخواتها في سورة البرائة. هكذا قد يتبادر هذا الفهم للذهن عند الوقوف أمام هذه الطائفة من الآيات).

ثم يردّ عليه بقوله: (أما الذي نفهمه نحن، فهو أن آية الإكراه من سورة البقرة تخصّ الدعوة إلى التوحيد وأن آية السيف وأخواتها من سورة البرائة تخصّ إزالة الفتنة عن طريق الدعوة إلى الله وتثبيت حاكمية الله على وجه الأرض، ومن المعلوم أن أئمة الكفر يعيقون عملنا في تأدية رسالة التوحيد إلى البشرية، و واجبنا بالمقابل يتحدَّد برفع الفتنة. إذن نحن نقاتل لا لأجل إرغام الناس على التوحيد، والقتال الابتدائي الذي هو عبارة عن رفع الفتنة عن طريق الدعوة إلى توحيد الله عزوجل، لا يعني بالتالي إرغام الناس على التوحيد فآية "لاإكراه في الدين" آية غير منسوخة بآيات القتال الابتدائي من سورة البرائة، وانّما مهمّة آيات برائة هو إزالة الفتنة وتثبيت حاكمية الله على وجه الأرض، وهو لا يتعارض مع آية " لاإكراه في الدين" من سورة البقرة التي تخص الدعوة إلى الله).(الآثار الفقهيةج4ص67) ثم انه تكملة لتدعيم رأيه في وجوب قتال جميع الكفار محصل كلامه في الحكم: ( نحن لا نقول بأن القتال منحصر في الدفاعي بل أوسع من ذالك فان الدفاع هو ردّ الفتنة وما نقوله بالجهاد الابتدائي هو ردع الفتنة هذا في الحكم.

واما في الموضوع فالقرآن هو الذي يقرر أن كل كافر مصدر للفتنة ...فالكفار فتنة للمؤمنين سواء هجموا على المؤمنين او لم يهجموا)(المصدرص68).

ولنا في كلماته هنا ايضاً ملاحظات: أولاً نرى في كلامه تشويش: فقد يقول بوجوب قتال أئمة الكفر وقد يقول بوجوب قتال الأنظمة السياسية للكفار وقد يقول بوجوب قتال جميع الكفار عند القدرة. ثانياً: المراد من الكافر في مبحث الجهاد في الفقه، هو كل من لم يعتنق الاسلام بينما في ثقافة القرآن يُستعمل الكفر و الفسق في المعنى اللغوي وهل يمكن القول بأن جميع من لم يعتنق الاسلام فهو معاند و يجب قتاله؟ . ثالثاً: كيف ننسب إلى الله ان الكفار كلّهم أهل الفتنة وهو يقول: ﴿ لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَ هُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ أُولئِكَ مِنَ الصَّالِحينَ (114) وَ ما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَ اللَّهُ عَليمٌ بِالْمُتَّقينَ [4] وقوله تعالى: ﴿ ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الاخر... ﴾[5]

رابعاً: بيت القصيد هو الإشتباه في فهم آيات الجهاد وهو ناشئ عن عدم الإلتفات إلى سائر الآيات التي في سياقها. فالآيات كلها تفيد جهاد المعاندين من غير معتنقي الاسلام.

ثم ان قلنا بوجوب جهاد الانظمة السياسية فما هو حكم سائر الناس من المشركين والكفار وهل ينتهي القتال بسقوط الانظمة السياسية او لابد من قتل جميع رجالها ؟ فانه بعد تفتيت النظام لا يبقى كيان حتى يصدق قتال الأنظمة وينتفي الموضوع بمجرد سقوط الانظمة؟

إلى هنا نكتفي بدراسة الآيات في مسئلة القتال و ندخل غدا انشاء الله في البحث عن السيرة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo