< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/02/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :المرابطة

حديث لافتتاح الاسبوع: "مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَصَّ رَسُولَهُ صلى الله عليه وآله، بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَامْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنْ كَانَتْ فِيكُمْ فَاحْمَدُوا اللَّهَ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ مِنْهَا فَذَكَرَهَا عَشَرَةً: الْيَقِينَ وَ الْقَنَاعَةَ وَ الصَّبْرَ وَ الشُّكْرَ وَ الْحِلْمَ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَ السَّخَاءَ وَ الْغَيْرَةَ وَ الشَّجَاعَةَ وَ الْمُرُوءَةَ"(وسائل ج15ص180).

بعد ما ثبت انّ المرابطة مستحبة في نفسها وقد تجب لظروف طارئة، حيث توقّف حفظ الاسلام والمسلمين فعلاً بالحراسة، كما قال به الفاضل المقداد، وذكرنا ادلة قول المشهور وحمل كلام المقداد بالضرورة الحاصلة من الملابسات الطارئه.

نعم هناك روايات ظاهرها المنع من الرباط منها: خبر عبد الله بن سنان: وَ بِإِسْنَادِهِ –اي اسناد الشيخ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ- مَا تَقُولُ فِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ فِي هَذِهِ الثُّغُورِ- قَالَ فَقَالَ الْوَيْلُ يَتَعَجَّلُونَ قَتْلَةً فِي الدُّنْيَا- وَ قَتْلَةً فِي الْآخِرَةِ- وَ اللَّهِ مَا الشَّهِيدُ إِلَّا شِيعَتُنَا وَ لَوْ مَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ".(وسائل باب 6 من ابواب جهاد العدو). وجه الاستدلال على حرمة المرابطة هو نسبة الويل وان لهم قتلة في الدنيا وقتلة في الآخرة والثانية كناية عن العذاب، لهؤلاء الذين يقتلون في الثغور وهم المرابطون.

ويمكن النقاش في هذا الدليل سندا و دلالة، اما السند: ففيه علي بن معبد، ولم يرد له توثيق، وكذالك واصل، الذي هو واصل بن سليمان و هو ايضاً لم يرد له توثيق. وامّا الدلالة: فهي ايضاً قاصرة عن معارضة ما دل على استحباب المرابطة، لأنّه اولاً: هذه الرواية تتحدّث عن قضية خارجية، لا ندري هم قُتلوا في الحرب او في المرابطة. و ثانياً: ظاهر الامر انهم لم يكونوا مؤمنين و قد وجّه الامام الويل اليهم، لعدم ايمانهم كما هو مقتضى مقابلتهم بالشيعة، في كلامه عليه السلام، وثالثاً: لعلّهم كان عملهم خدمةً للطاغوت والدفاع عنه، لا لله ولخدمة المسلمين. فهذه الرواية ساقطة عن معارضة ما ذكرناه للاستحباب، سنداً و دلالةً.

اما الرواية الثانية فهي صحيحة عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الرِّضَا عليه السلام أَنَّ يُونُسَ سَأَلَهُ وَ هُوَ حَاضِرٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مَاتَ- وَ أَوْصَى أَنْ يُدْفَعَ مِنْ مَالِهِ فَرَسٌ وَ أَلْفُ دِرْهَمٍ- وَ سَيْفٌ لِمَنْ يُرَابِطُ عَنْهُ وَ يُقَاتِلُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الثُّغُورِ- فَعَمَدَ الْوَصِيُّ فَدَفَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ- إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا فَأَخَذَهُ مِنْهُ وَ هُوَ لَا يَعْلَمُ- أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِذَلِكَ وَقْتٌ بَعْدُ- فَمَا تَقُولُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُرَابِطَ عَنِ الرَّجُلِ- فِي بَعْضِ هَذِهِ الثُّغُورِ أَمْ لَا؟ - فَقَالَ: يَرُدُّ إِلَى الْوَصِيِّ مَا أَخَذَ مِنْهُ وَ لَا يُرَابِطُ- فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِذَلِكَ وَقْتٌ بَعْدُ-، فَقَالَ: يَرُدُّهُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ يُونُسُ: فَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْوَصِيَّ؟ قَالَ: يَسْأَلُ عَنْهُ-، فَقَالَ لَهُ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَقَدْ سَأَلَ عَنْهُ فَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ إِنْ كَانَ هَكَذَا فَلْيُرَابِطْ وَ لَا يُقَاتِلْ. قَالَ: فَإِنَّهُ مُرَابِطٌ فَجَاءَهُ الْعَدُوُّ- حَتَّى‌ كَادَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ يُقَاتِلُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا عليه السلام:- إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يُقَاتِلُ عَنْ هَؤُلَاءِ. وَ لَكِنْ يُقَاتِلُ عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ- فَإِنَّ فِي ذَهَابِ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ دُرُوسَ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه واله - فَقَالَ لَهُ يُونُسُ يَا سَيِّدِي فَإِنَّ عَمَّكَ زَيْداً- قَدْ خَرَجَ بِالْبَصْرَةِ وَ هُوَ يَطْلُبُنِي- وَ لَا آمَنُهُ عَلَى نَفْسِي فَمَا تَرَى لِي- أَخْرُجُ إِلَى الْبَصْرَةِ أَوْ أَخْرُجُ إِلَى الْكُوفَةِ؟ فَقَالَ: بَلِ اخْرُجْ إِلَى الْكُوفَةِ فَإِذَا مَرَّ فَصِرْ إِلَى الْبَصْرَةِ".(وسائل باب 7 من ابواب جهاد العدو ح2).

وجه الاستدلال: ان الامام أمر برد ما أخذ من الوصي ونهيه عن الرباط.

ويرد عليه بأن هذه الرواية المباركة ولو هي صحيحة السند بلا اشكال الا أنّها من ناحية الدلالة فهي على الاستحباب ومطلوبية المرابطة ادل منها على خلافها، لانّه أولاً: ذاك المتبرع أوصى لمن يرابط عنه ويقاتل في بعض هذه الثغور، فمورد الوصية اعم من المرابطة والقتال وكما اتّضح آنفاً ، لا يجوز القتال تحت إمرة امام غير عادل، و ثانياً: مورد السؤال، كان في ظرف عدم اتيان وقت المرابطة، كما صرح به السائل. ثالثاً: ان الامام عندما ينهاه عن المرابطة يعلل نهيه بعدم اتيان وقت المرابطة بعد، فمعناه اذا أتى وقت المرابطة لا بأس بها، ثم عندما يذكر للامام عدم امكان ارجاع ما أخذ إلى صاحبه يأذن له الامام للمرابطة و لكن يؤكدعليه بعدم القتال، رابعاً: عند ما يذكر للامام فرض هجمة العدو، يجيز له القتال مؤكداً ان لا يكون قتاله عن هؤلاء و انما يكون عن بيضة الاسلام، فهذه الرواية الشريفة تبين لنا ان المرابطة بما هي لابأس بها ولكن جعلها للدفاع عن الطاغوت امر محظور، وما ورد في ذيل الحديث من قوله عليه السلام: " يُقَاتِلُ عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ- فَإِنَّ فِي ذَهَابِ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ دُرُوسَ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه واله" يدل على انها في نفسها اذا كانت بنيّةٍ صالحة فهي امر مرغوب وانما الممنوع هو جعلها للسلطان الجائر.

ثم هنا أود ان اشير إلى نقطة هامة وهي أن من يرى عدم جوازالمرابطة في عصر الغيبة لابد ان يجعل العنوان بسط يد المعصوم عليه السلام وعدم بسطه، لان هذة الروايات التي يمكن ان يستند اليها لعدم جواز المرابطة، هي صدرت عن امام الصادق والرضا عليهما السلام فان كان هناك مايز فهو بين بسط اليد و قبضها لا الظهور او الغيبة، ولكن لا مجال لهذا التفارق ايضاً بل الميزان هو كون المرابطة دفاعاً وحراسة عن بيضة الاسلام والمسلمين وبين ما اذا كانت حراسة ودفاعاً عن الحكومات الطاغوتية، فتأمذل في النصوص وكذالك مقتضى القاعدة في التشريعات تجد ما اشرنا اليه.

ثم هناك بحث حول الرباط هل له حد قلِّة وكثرةً ام لا؟ قد تشتّت الاقوال في ذالك، فمنهم من حدد الأقل بثلاثة أيّام و الأكثر بأربعين يوماً وهو المشهور ومنهم من حدد الاقل بيوم ومنهم من نفي التحديد في جانب الاقل و منهم من لم يحدد في جانب الأكثر، وعلى كل حال علينا النظر إلى ادلة كل فريق كي نستخلص منها ما هو الأقرب ونترك البحث للأيام القادمة ان شاء الله.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo