< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/02/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :وجوب الهجرة

فيما مضى ثبت وجوب الهجرة من بلاد الكفر والشرك لحفظ الدين والقيام بالواجب الشرعي وهذا الامر مستمر مادام يوجد الكفر والشرك ولم ينقض في عصر النبي صلى الله عليه واله وهذا الامر يدل عليه ما أقمنا من الدليل على وجوب الهجرة باطلاقها مضافا إلى حكم العقل بوجوب طاعة الله ورفع الموانع أمام امتثال اوامره، الا لمن عجز عن ذالك كما بيناه سابقاً.

و هنا فرع آخر وهو انه هل يجب المهاجرة عن بلاد المخالفين اذا لم يتمكن المكلف عن أتيان ما يجب عليه من اظهار شعائر المذهب، من التوضئ على مذهب الشيعة او اسبال اليدين في الصلاة او استمرار في الصوم حتى ذهاب الحمرة، او اقامة العزاء على الحسين عليه السلام وما شابه ذالك؟

قال في الجواهر: (هذا كله في بلاد الشرك، و عن الشهيد إلحاق بلاد الخلاف التي لا يتمكن فيها المؤمن من إقامة شعار الإيمان، فتجب عليه الهجرة مع‌ الإمكان إلى بلد يتمكن فيها من إقامة ذلك) (جواهرج21ص36) وأنا عند ما راجعتُ إلى الدروس والذكرى واللمعة ما وجدت هذا الكلام من الشهيد، نعم ان الشهيد الثاني قال في روضة البهية: (الحَقَ المصنف فيما نقل عنه ببلاد الشرك، بلاد الخلاف، التي لا يتمكن فيها المؤمن من إقامة شعائر الإيمان، مع إمكان انتقاله إلى بلد يتمكن فيه منها) (ج2ص382) ومثل هذا التعبير ورد عنه في المسالك ايضاً. ثم رأيت ان صاحب الجواهر في نهاية البحث قال: (فمن الغريب ما سمعته عن الشهيد، و لم أعرف ذلك لغيره، بل و لا له أيضاً في كتاب من كتبه المعروفة)(المصدرص37).

وعلى كل حال، فهنا لابد من البحث في أمرين: الأول اذا خاف الشيعة الساكن في بلاد السنة على نفسه او أهله او دينهم، فعند ذالك يجب المهاجرة لدلالة العقل والنقل على ذلك، فان العقل يحكم بلزوم البقاء على الحق وعدم جواز جعل النفس في معرض الانحراف عن الدين والمعتقدات الحقة، قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّٰاهُمُ الْمَلٰائِكَةُ ظٰالِمِي أَنْفُسِهِمْ قٰالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قٰالُوا كُنّٰا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قٰالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّٰهِ وٰاسِعَةً فَتُهٰاجِرُوا فِيهٰا"(النساء97) و قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ﴿التحريم6﴾ وغيرها مما يدل على لزوم حفظ الدين عن الانحراف ولزوم البحث عن الحق. فلا شك في وجوب المهاجرة لمن رأي نفسه او أهله في خطر الإنحراف. وهذا الامر كذالك لابد من مراعاته في أمر الزواج من المخالف، فانه ولو ان الزواج من المخالفين صحيح وضعاً، ولكنّه عند خطر الانحراف حرام تكليفاً. وهذا الأمر يجري في المعاشرة والاختلاط او الزواج مع الفساق والفجارايضاً.

الأمر الثاني: عند مالا يخاف على دينه ولكنه مضطر بعدم اتيان بعض التكاليف على ما ورد في المذهب بعنوانه الاوّلي، وانّما هو لابد له ان يأتي بها وفقاً لمذهب المخالفين من باب التقية، فهل يجب عليه المهاجرة لان لا يقع في مثل هذه الامور او لا؟.

قال المحق الكركي على ما حكى عنه في الجواهر: (الظاهر أن هذا إنما يكون حال وجود الإمام عليه السلام و ارتفاع التقية، أما مع غيبته و بقاء التقية فهذا الحكم غير ظاهر، لأن جميع البلاد لا يظهر فيها شعار الإيمان و لا يمكن إنفاذها إلا بالمسارة، و إن تفاوتت في ذلك) (جواهرج21ص37)

ونحن عند ما نراجع الروايات لا نرى التحريض على المهاجرة من بلاد السنة بل هناك تشجيع وتشويق بالتقية وان اعمالكم تقية صحيح ومقبول عند الله وبما اننا اذا اردنا ان ندخل في بحث التقية ويخرجنا عن طور البحث ولذالك نقول ان روايات التقية تفيد عدم وجوب البحث عن المندوحة بل يكفينا في ظروف التقية نعمل حسب الحكم الثانوي سواء كانت التقية خوفية او مداراتية فما قاله صاحب الجواهر عند بيان عدم وجوب الهجرة عن بلاد المخالفين : (لعل ذالك معلوم من مذهب الامامية قولا وفعلا فمن الغريب ما سمعته عن الشهيد ولم اعرف ذالك لغيره بل ولا له أيضا في كتاب من كتبه المعروفة) في غاية المتانة. ولعل الاختلاط بهم يفيدنا لأن لا نتهم بالخروج عن الدين والخرافات التي نحن بريئ منها، كما ان الاختلاط فرصة للتأثير في قلوب الآخرين و احياء امر اهل البيت عليهم السلام، و قد نسمع البعض يقولون يا ليت كان كل ايران شيعة ولم يكن من السنة فيها شيئ!! ولكني أقول: لو لم يكن عندنا من غير الشيعة أحد لما كانت فرصة ليعرف الناس ان الاسلام محتضن لكل الشرائح و يعترف لهم بحقوقهم وانهم الاحرار في ان يمارسوا طقوسهم الدينية فوجود غير الشيعة حتى غير المسلمين من الفرص لاصدار الثورة الاسلامية إلى سائر البلاد ونشر الثقافة الاسلامية على ما يراه أهل البيت عليهم السلام. وهنا اود ان أذكر بعض ما ورد في التقية كي نعرف اهميتها ودورها في اصلاح الامور و تحبيب القلوب فان التقية ليست النفاق فان النفاق هو اظهار الحق وابطان الباطل و التقية هي اظهار الباطل والمماشاة مع الآخرين وابطان الحق، وذالك لحفظ الدماء وأمن البلاد في الخوفية منها و حسن المعاشرة و التسامح والتآخي مع الاخرين في المداراتية منها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo