< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

37/01/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : وجوب الجهاد عليه هل يسقط اذا جهز غيره؟
قد انتهينا من البحث في الفقير الذي يجد من يبذل له معونة الجهاد، والغني الذي لايقدر على الجهاد لضعف او مرض ففي كلا الموردين وصلنا إلى ان الكفاية اذا حصلت فلا يجب الجهاد في الاول ولايجب الإنفاق في ثاني، بل كلاهما يستحب لهما ذالك، وأمّا اذا لم يكمل الكفاية، ففي كلا الموردين الحكم هو الوجوب.
ثم طرح المحقق هنا فرعاً آخر فقال: (و لو كان قادراً فجهّز غيره سقط عنه ما لم يتعين). يعني: لو كان المؤسر قادراً على الجهاد، فلم يذهب إلى الجهاد وانما تكفل بمؤنة الجهاد لغيره، سقط عنه الجهاد بشرط عدم تعيّن الجهاد عليه، مثل ما اذا أمره الامام بشخصه ليجاهد، او كان هجمة العدو قوياً بحيث وجب على الكل أن يشارك في الجهاد و لا يكفي البعض. فمورد الكلام هو ما اذا كان وجوب الجهاد عليه من باب كونه أحد المكلفين فاذا جهز غيره يخرج بذالك عن اطراف الكفاية .
قال صاحب الجواهرفي هذه المسئلة: (بلا خلاف أجده فيه)
وقال الحلّي رضوان الله عليه: (من وجب عليه الجهاد، يتخيّر بين أن يخرج بنفسه و يجاهد،و بين أن يستأجر غيره ليجاهد عنه، و تكون الإجارة صحيحة، و لا يلزمه ردّ الأجرة، ذهب إليه علماؤنا) [1]
وبما انه جعل التخيير بين الامرين، فمن اتى بخصلة منهما سقط عنه الاخري وهذا هو مقتضى التخيير ثم قال: ذالك ما ذهب اليه علمائنا يعني الامامية، فكلامه ظاهر في الإخبار عن الإجماع.
وقال الشهيد في الدروس: (و لو قدر فأقام غيره مقامه سقط عنه، إلّا أن يعيّنه الامام، و يجوز الاستئجار للجهاد عندنا) [2]. فهو ينسب جواز الاستئجار بالشيعة وهذا التعبير يفيد الاجماع، فالانفاق بدون الاستئجار أولى بالجواز و بسقوط الوجوب به. وهذه المسئلة مطروحة في باب الإجارة، حيث يُبحث عن :مستثنيات حرمة أخذ الأجرة على إمتثال الواجبات، فجعلوا منها إستئجار الغير للجهاد اذا وجب كفاية.
واستدل الشهيد الثاني في المسالك لهذه المسئلة بقوله: (و بدونه –اي بدون التعيّن- تجوز الإستنابة، لأنّ الغرض من الواجب الكفائي المقتضي لسقوطه عمّن زاد عمّن فيه الكفاية بحصول من فيه الكفاية، تحصيله على المكلّف بالواجب، بنفسه أو بغيره) [3].
وتبييناً لهذا الاستدلال نقول: بما ان الهدف في واجب الكفائي تحقق الأمر في الخارج، وهو واجب توصلي لا يشترط فيه نية، فبمجرد تحقق الامر يسقط. وقد يؤيَّد هذا الحكم بخبر أبي البختري حيث انّ صاحب الوسائل يعقد الباب بعنوان: "بَابُ جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْجِهَادِ وَ أَخْذِ الْجُعْلِ عَلَيْهِ‌" وهذا مشعر برأيه الموافق لمضمون الخبر واما نص الخبر فهو: "عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّ عَلِيّاً ع سُئِلَ عَنْ إِجْعَالِ الْغَزْوِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ- أَنْ يَغْزُوَ الرَّجُلُ عَنِ الرَّجُلِ وَ يَأْخُذَ مِنْهُ الْجُعْلَ" [4] اما السند: فالسندي بن محمد، قد قال فيه النجاشي: (سندي ابن محمد اسمه أبان...وهو إبن اخت صفوان ابن يحيى كان ثقةً وجهاً في اصحابنا الكوفيين) اما ابوا البختري قال الكشي فيه:(ابوا البختري إسمه وهب بن وهب بن كثيربن زمعة...كان ابوا البختري من أكذب البريّة) وقال الشيخ في الفهرست: (وهب بن وهب أبوا البختري ضعيف وهو عامي المذهب الخ) وقال النجاشي فيه: (وهب بن وهب بن عبد الله بن زمعة ...روى عن ابي عبد الله عليه السلام وكان كذاباً وله أحاديث مع الرشيد في الكذب) نعم ان الغضائري يقول في حقه: (وهب بن وهب....أبوا البختري القاضي كذاب عامي، الا انّ له عن جعفر بن محمد عليهما السلام أحاديث كلُّها يوثق بها) ولكن كما تعرفون انّ نسبة هذا الكتاب إلى الغضائري غير ثابت بسند صحيح، مضافاً إلى انّ هذا البيان لا يوثِّق الراوي وانّما يوثِّق رواياته عن الصادق عليه السلام، و نحن لا نعرف وجهه، فلا يعتمد عليه. فالسند ساقط بابي البختري. اما الدلالة فهي صريحة فيما نحن بصدده، ولذا انما يمكن اعتبارها مؤيداً. ومثلها ما ورد عن النبي صلوات الله عليه قال: "من جهز غازيا كان له كمثل أجره"[5]
وخلاصة القول: انّ من جهّز غيره ممن هو زائد عن الكفاية، فأجره على الله، ومن جهّز من هو مكمِّل للكفاية فقد رفع عن كاهله المسؤولية، و من جهّز من هو دون الكفاية، لا يسقط عنه التكليف، لانّه لم يرد عليه دليل الا ظاهر كلام بعض الفقهاء ولعلّهم أرادوا ما قلناه، كما هو ظاهر في كلام الشهيد في المسالك في مقام الاستدلال على هذه المسألة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo