< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

36/12/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : وجوب الجهاد بالحرية
كان بحثنا في اشتراط وجوب الجهاد بالحرية او مانعية العبودية عن وجوب الجهاد وذكرنا بعض ما استدلوا به او ما يمكن ان يستدل به من الاجماع وقد ناقشناه، و الاستدلال بالاية 92 من سورة التوبة حيث نفى الحرج عن من لا يجد ما ينفق ان لا يشارك في الحرب اذا كان ناصحا لله ولرسوله، وناقشنا الاستدلال بها
اولاً : بان الوجدان اعم من الملكية لان الوجدان قد يحصل ببذل المولى له او غيره نفقة الحرب فيصبح واجداً،
ثانياً : من الفقهاء من ذهب إلى تجويز الملكية للعبد مطلقا او في الجملة كالعبد المكاتب .
وقد ناقش صاحب الجواهر في الاول بان: اتفاق حصول البذل لاينافي اشتراط الوجوب المطلق، بالوجدان، كما لا ينافيه بالنسبة إلى اشتراط السلامة من الفقر مع امكان البذل.
لكن يمكن الملاحظة في كلام صاحب الجواهر بان موضوع بحثنا عنوان العبد واستدل على عدم الوجوب عليه بانه غير واجد والدليل اخص من المدعى ومثل العبد مثل الحر فانه لا يجب عليه ايضا اذا كان فاقدا وانما يجب عليه اذا كان واجدا اما بان يملك المؤنة او تُبذل له.
و ناقش في الثاني: بان القول بملكية مع الاتفاق على حجر التصرف عليه غير مجد.
ولكن يمكن الملاحظة في هذه المناقشة بان نقول اذا كان دليل عدم وجوب الجهاد على العبد مجرد عدم وجدانه للمؤنة لا يجوز للمولى ان يمنعه ولا يجب على العبد طاعة المولى في ذالك لانه طاعة مخلوق في معصية الخالق، نعم لو وجدنا دليلا ورد على عدم وجوب الجهاد على العبد بما انه عبد لا بما انه غير واجد فيتم المقصود ومفروضنا في هذا الاستدلال هو حصر الدليل في هذه الاية.
واستدل ايضا على عدم وجوب الجهاد عليه بقوله تعالى: "عبداً مملوكاً لايقدر على شيئ" ومادل على عدم قدرته من الروايات والممنوع شرعا كالممنوع عقلا ولا يجوز تكليف غير القادر. كما استدلوا ايضا بوجوب طاعة العبد لمولاه وهذا ينافي مع وجوب مشاركته في الجهاد. وكذالك بعدم امكان التصرف منه بنفسه.
و في الجواب عن هذه الوجوه الثلاثة نقول: اما الآية المباركة فانّها ليست في مقام التشريع بل هي في مقام بيان واقع الحال قال تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْ‌ءٍ وَ مَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَ جَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ النحل75 ففي هذه الاية يقارن بين انسان مسكين يعيش في الحرمان والمتنعم الذي له يد مبسوطة، بل لعلّ قوله عبدا مملوكا لا يريد بيان الحالة السائدة على العبيد دائماً، بل يريد منه مقارنة بين عبد يعيش في أسوء الحالات والمتنعم.، كما يظهر ذالك من الآيات التي تتقدمها والتي تليها، فلا علاقة للآية بما نحن فيه.
واما وجوب طاعة العبد لمولاه انما هو في المباحات ولكن لا يجوز له ان يطيع مولاه في فعل المعصية ولا في ترك الواجب فلا يمكن الاستدلال بوجوب الطاعة على عدم وجوب الجهاد عليه.
واما عدم التصرف منه في نفسه ؟ فما هو المراد من هذا الكلام. هل يجوز للمولى ان يتصرف في عبده بما يريد؟ هل يجوز له ان يؤذيه ويكلفه فوق طاعته؟ هل يجوز له ان يهينه؟ الا يجب عليه الانفاق له بالمطعم والمسكن والملبس بما يناسبه. نعم للعبد حقوق على مولاه كما للمولى حقوق على العبد. وليس العبد شيئ يتصرف فيه بل هو انسان يتعامل معه معاملة عادلة وهو ايضاً مخاطب لاوامر الله ونواهيه فلا يمكن الاستدلال بعدم وجوب حكم اذا كان لدليل الحكم اطلاق او عموم. فما نسب إلى الاسكافي بعدم اشتراط وجوب الجهاد بالحرية لعموم الدليل ليس ببعيد . ولذا لو كان لمسئلتنا هذه صغرى لقلنا ان الاحتياط الوجوبي ان لا يمنع المولى عبده من الجهاد كما ان الاحتياط الوجوبي على العبد ان لا يبادر بالجهاد من دون اذن مولاه الا اذا لم يتوفر من به الكفاية. وهذا الاحتياطين لرعاية الشهرة في اشتراط الوجوب بالحرية ولعدم تمامية الدليل على عدم الوجوب لصرف كونه عبداً.
ثم هناك بحث في في ان العبد المبعض يجب عليه الجهاد في نوبته اولا؟ فصاحب الجواهر رتب الامر على ان نرى هل الحرية شرط في وجوب الجهاد ام ان العبودية رافع للوجوب فان كان الاول لا يجب على المبعض جهاد لانه فاقد للحرية ولو جزءاً يسيراً، واما ان كان العبودية رافعة للوجوب فالعمومات شاملة له في نوبته وشبّه هذه المسئلة بمسئلة شرط الذكورة في الخنثى المشكل حيث انه ان قلنا ان الذكورة شرط لوجوب الجهاد، فلا يجب على الخنثى المشكل لانه ليس ذكراً، وان قلنا ان الانوثة هي المسقطة للتكليف فيجب على الخنثى الجهاد لانها ليست انثى كي يرفع الجهاد عنها. وبما ان معقد الجماع المنقول هو عدم وجوبه على العبد وهو في نوبته ليس عبدا فيجب عليه الجهاد لشمول عموم الادلة له فانها توجب الجهاد الا على العبد.
ولكن يشكل على هذا الرأي بانكم ان تسلمتم عدم عبوديته في ظرف نوبته فلابد ان تلتزموا بحريته في نوبته فان قلنا ان الحرية شرط فقد تحقق الشرط للوجوب فلا وجه لهذا التفصيل.
نعم ان قلتم هو حقيقة ثالثة فتفصيلكم في مورده ولكن ظاهر التبعيض المتناوب فرز العبودية عن الحرية في الزمان ولا بأس بذالك مادام هذه العناوين اعتبارية يسع فيها ما لا يسع في الامور الحقيقية والتكوينة.
نعم يبقى اشكال التغرير حيث انه لا يجوز لاحد المشتركين ان يتصرف في مال المشترك بما يُفقد ويُفوّت مصلحة الشريك في نوبته والحرب يجعله في معرض الموت وهو اتلاف لموضوع حق الغير.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo