< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

36/11/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : سقوط الجهاد عن المملوك
قال المحقق رضوان الله عليه في من يجب عليه الجهاد: (هو فرض على كل مكلّفٍ حرٍ ذَكرٍ غيرَ هِمِّ فلا يجب على الصبي و لا على المجنون و لا على المرأة و لا على الشيخ الهِمّ و لا على المملوك).
قد فرغنا عن معنى الجهاد وعن كونه فرضا وعن عدم وجوبه على الصبي والمجنون بما لا مزيد عليه فانهما من الشروط العامة للتكليف .
واليوم نتكلم حول سقوطه عن المملوك وهو المشهور بين الاصحاب قال صاحب الجواهر: (بلا خلاف اجده فيه بل في المنتهى الحرية شرط فلا يجب على العبد اجماعا) ولكن لم يذكر الشيخ سقوطه عن العبد في نهايته حيث قال: (و يسقط الجهاد عن النساء والصبيان والشيوخ الكبار والمجانين والمرضى ومن ليس به نهضة إلى القيام بشرطه) ولكن ذكره في الجمل والعقود حيث قال: ( وشرائط وجوبه سبعة: الذكورة والبلوغ وكمال العقل والصحة والحرية وان لا يكون شيخا ليس به قيام ويكون هناك امام عادل او من نصبه الامام للجهاد..) فعدم ذكره في النهاية ليس دليلا على مخالفته في الرأي،
كما ان ابي الصلاح الحلبي الذي هو متقدم على الشيخ عصرا، ذكر شرط الحرية في الكافي في الفقه فقال: (يجب جهاد كل من الكفار والمحاربين من الفساق...على كل رجل حر كامل العقل سليم من العمى والعرج والمرض مستطيع للحرب...) وكذالك قال ابن براج في المهذب: (...وجب ذالك على الجميع لوجوبه على كل رجل منهم حر بالغ كامل العقل سليم من الشيخوخة والمرض...).
وهنا نذكر الادلة التي استدلوا بها او يمكن ان يستدل بها:
منها : الاجماع كما ادعاه العلامة في المنتهى ولكن دون اثباته خرط القتاد لان كثير من الفقهاء لم يتعرضوا لبحث الجهاد ومنهم من تعرض للجهاد وشروط وجوبه ولم يعُدَّ الحرية منها او العبودية مانعة عنها وما يظهر من كلام العلامة من الاجماع فهو ظاهر عن الاخبار عن الحدس دون الحس حيث يفرِّع الاجماع على نفي الوجوب عن العبد، على شرطية الحرية. فالظاهر انه حصل عنده القطع باشتراط الحرية فرأى ملازمة ذالك لعدم الوجوب على العبد ثم استنبط ان الكل يقول بذالك فنسب الحكم اليهم بقوله اجماعاً.
ومنها قوله تعالى في سورة التوبة: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى‌ وَ لا عَلَى الَّذينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنينَ مِنْ سَبيلٍ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحيمٌ (91)
تقرير الاستدلال هو رفع الحرج من عدم الواجد لمؤنة الحرب، ورفع الحرج مساوق لعدم الوجوب. والعبد بما انه لا يملك شيئا فهو غير واجد لمؤنة القتال فتشمله الآية المباركة .
ولكن يرد عليه ان الوجدان اعم من الملكية فيمكن الوجدان باعطاء الغير المال اليه لمؤنة الجهاد، كما في الأية التي تليها دلالة على ذالك حيث يقول تعالى: "وَ لا عَلَى الَّذينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَ أَعْيُنُهُمْ تَفيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ" (التوبة92). فمعنى الاية انه لو كان لرسول الله ما يحملهم لاصبحوا واجدا ولوجب عليهم الجهاد. وقد افتى بذالك كثير من الفقهاء القدامى. كما سوف ياتي في كلام المحقق فيقول: (و من عجز عنه بنفسه لعذر من الأعذار السابقة و كان مؤسرا وجب إقامة غيره) ويعلق عليه صاحب الجواهر بقوله: (كما عن الشيخ و القاضي و الحلي و المقداد في الكنز)، والظاهر على ما ورد في التاريخ عند ما ازداد عدد المسلمين وجعل المناوبة في الحرب، فكان بعض الاغنياء يرسل الفقراء بماله ليجاهد في نوبته. مضافا إلى ان هذا القول لا مجال له لمن ذهب إلى امكان الملكية للعبد مطلقا او في الجمله كالمكاتب الذي شارط مع مولاه بأن يعمل ويدفع قيمته إلى مولاه ويحرر بدلا عن هذا المال المدفوع.
ومنها : النبوي المشهور الذي استند اليه غير واحد وهو الذي رواه ابن براج رضوان الله عليه في المهذب بقوله: فما روي عن رسول الله صلى الله عليه واله من انه اذا اسلم عنده رجل قال له: حر او مملوك؟ فان كان حرا بايعه على الاسلام والجهاد و ان كان مملوكا بايعه على الاسلام دون الجهاد) وهناك رواية رواه العلامة عن امير المؤمنين تخالف هذا المعنى وهي: (الْحَسَنُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الْمُطَهَّرِ فِي الْمُخْتَلَفِ نَقْلًا عَنِ ابْنِ الْجُنَيْدِ أَنَّهُ رَوَى أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع لِيُبَايِعَهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى أَنْ أَدْعُوَ لَكَ بِلِسَانِي وَ أَنْصَحَكَ بِقَلْبِي وَ أُجَاهِدَ مَعَكَ بِيَدِي فَقَالَ حُرٌّ أَنْتَ أَمْ عَبْدٌ فَقَالَ عَبْدٌ فَصَفَقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَدَهُ فَبَايَعَهُ".
ولكن صاحب الوسائل بعد ما يروي هذا الحديث يقول: أَقُولُ: عَمِلَ بِهِ ابْنُ الْجُنَيْدِ وَ حَمَلَهُ الْعَلَّامَةُ عَلَى تَقْدِيرِ الْحُرِّيَّةِ أَوْ إِذْنِ الْمَوْلَى أَوْ عُمُومِ الْحَاجَةِ وَ تَقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْجِهَادِ عُمُوماً وَ يَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ التَّصَرُّفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَا مَالِهِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ" (وسائل ج 15 باب4من ابواب جهاد العدوح3)
وقال ابن براج: وانما ذكرنا الحرية لأن العبيد لا يجب عليهم لأنهم لا يملكون شيئا، يوضح ذالك القران والخبرفاما القران فقوله سبحانه: "ولا على الذين لايجدون ما ينفقون حرج" والمملوك داخل في ذالك لانه لا يملك شيئا مما ذكرناه، واما الخبر فذكر النبوي آنف الذكراعلاه،
وقد نوقش في ذالك بان استثناء العبد ان كان لعدم امتلاكه المال وفقره لما عطف في كلام الفقهاء على الفقر فان العطف قاطع للشركة. ويجاب عن ذالك بان كثيرا ما نري عطف الاخص على الاعم وبالعكس وهذا امر متعارف و قاطعية العطف للشركة يكفيها التغاير في النسبة كما قد عطفوا المريض على العمى والعرج وقيدوا المرض بما هو مانع عن القدرة لممارسة القتال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo