< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

36/08/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : أحكام الجماعة
المسألة الرابعة عشر.
قال السيد اليزدي قدس سره : " لو أحرم قبل الإمام سهواً أو بزعم أنّه كبّر كان منفرداً، فإن أراد الجماعة عدل إلى النافلة وأتمّها أو قطعها."[1]
علمنا في المباحث الماضية أن تقدم المأموم على الإمام لا يجوز في تكبيرة الإحرام، وتعرضنا لبعض الأدلة التي استدل بها في المقام. غير أن المأموم إذا كبر قبل الإمام سهواً، أو زاعماً أن الإمام قد كبر، ففي هذه الصورة، تعتبر صلاته منفردة، ولا تنعقد مع الجماعة، نعم إذا أراد أن يصلي مع الجماعة، فعليه أن يعدل إلى النافلة، ثم يتمها، أو يقطعها، لأجل مشاركة في صلاة الجماعة. هذا ما ذكره السيد اليزدي في المقام.
السر في العدول إلى النافلة حسب الفرض المذكور، أنه من نوى صلاة واجبة لا يجوز له أن يقطعها، ولذلك إن أراد المصلي أن يشارك في صلاة الجماعة، فعليه أن يعدل من الواجبة إلى النافلة ثم يتمها أو يقطعها. ومن الأحسن أن نشير إلى نكتة سبق أن أشرنا إليها، لكن نذكرها هنا لأن لها صلة بما نحن بصدده، هي أن بعض الفقهاء الكرام يرى أن النسبة بين صلاة الجماعة والصلاة الفرادى، هي نسبة الأقل والأكثر، فالصلاة الفرادى صلاة فقط، وصلاة الجماعة، صلاة مع زيادة الجماعة، ومن هنا فالصلاة الفرادى من مصاديق الأقل، وصلاة الجماعة من مصاديق الأكثر. فعليه من نوى أن يصلي مع الجماعة، فوقف خلف الإمام ليقتدي به، لكنه كبر قبله سهواً، أو كان يزعم أن الإمام كبر، فهنا تنعقد الصلاة الفرادى التي هي من الأقل، ولا تنعقد صلاة الجماعة.
ويرى البعض الآخر أن النسبة بين الصلاة الفرادى وصلاة الجماعة، كالنسبة بين خصال الواجب التخييري، وهذا ما عليه السيد الخوئي رحمه الله تعالى، بعبارة أخرى، أن طبيعة الصلاة خالية عن قيد الانفراد أو الجماعة هي تجب على المصلي، ولکن لهذه الطبيعة مصداقان في الواقع، وهما : صلاة الجماعة والصلاة الفرادى، فالمصلي مخير بين أن يصلى صلاة الجماعة، أو يصلي فرادى، فطبيعة الصلاة مقسم وصلاة الجماعة والفرادى قسماها. وکل واحچ منهما قسیم للآخر وعلى ذلك من أراد أن يصلى مع الجماعة، لكنه كبر قبل الإمام فصلاته انعقدت منفردة، وصحت، لأن ذلك من قبيل الاشتباه في التطبيق، وذلك أن المأموم كان يزعم أنه يصلي مع الجماعة، لكن صلاته وقعت منفردة، لأنه كبر قبل الإمام، ولا یمکن له ان یلحق بالجماعة بعد تکبیر الامام لانه لا يصح للمأموم ان یلتحق بالجماعة في أثناء صلاته. فصلاته تنعقد منفردة ويحكم بصحتها، سواء قلنا بالرأي الأول أو بالرأي الثاني.
إلا أن لنا فيما ذكره السيد اليزدي قدس سره مناقشة، وذلك أن المعيار في المسألة هو نية المصلي، فلابد أن يسأل عن نية المصلي، فإذا نوى في صلاته على وجه تعدد المطلوب، أي: هو ناوی للصلاة وان تکون فی ضمن الجماعة، فإذا نوى على هذا الوجه، يمكن أن يحكم بأن صلاته انعقدت منفردة، وهي صحيحة. لكنه إذا نوى على وجه وحدة المطلوب، أي: نوى صلاة الجماعة فنیته وقعت علی حقیقة واحدة، وهی الصلاة المقیدة بالجمعة فهنا يشكل أن يحكم بصحة صلاته، لأنه ما نوى لم يتحقق، وما تحقق لم ينوه.
ونظائر هذه المسألة كثيرة في الفقه، ومنها أن زيداً مثلا يريد أن يصلي صلاة الجماعة خلف عمرو فقط، يعني أنه يريد أن يصلي بشرط لا، أي لا بكر ولا خالد ولا .....الخ، فهنا إذا دخل الجامع زعم أن الإمام زيد، فنوى صلاة الجماعة، ثم بان له أن الإمام كان بكراً أو خالداً، فهنا تبطل جماعته، لأنه كان قد نوى أنه لا يصلي إلا خلف زيد، ونوى الاقتداء بزيد، إلا أنه كان عمراً في الواقع. نعم إذا نوى أن يصلي صلاة الجماعة خلف أي كان، ثم دخل الجامع، وزعم أن الإمام زيد، فنوى الاقتداء به، ثم بان له أنه كان عمراً، فهنا صلاته صحيحة، لأنه كان يريد أن يصلى صلاته مع الجماعة، ولا يهمه أن يكون الإمام زيداً أو عمرا، أو شخصا آخر، فهذا من قبيل الاشتباه في التطبيق.
المتحصل أنه لابد أن نفصّل في المقام، بحيث أن المأموم إذا نوى على وجه تعدد المطلوب، أي أنه يريد أن يؤدي صلاته، و أن تكون جماعة، فهنا إذا كبر قبل الإمام تحقق أحد مطلوبيه وهو الصلاة ولم یتحقق مطلوبه الآخر وهو الجماعة، فصلاته تحقق من دون الجماعة وهی المنفردة، لكنه إذا نوى على وجه وحدة المطلوب، أي : أنه يريد أن يصلي صلاة الجماعة، فكبر قبل الإمام، فيشكل أن يحكم بصحة صلاته فرادی. لأن ما وقع لم ينو، وما نوى لم يتحقق. من هنا فما قاله السيد اليزدي رحمه الله من أنه " لو أحرم قبل الإمام سهواً أو بزعم أنّه كبّر كان منفرداً." ليس تاماً بالجملة، بل إنما يصح كلامه هذا في الجملة. ثم قوله : " فإن أراد الجماعة عدل إلى النافلة وأتمّها أو قطعها. ظاهر في أنه يجوز نیة قطع النافلة من بداية العدول إليها، ومن المعلوم أنه لا يجوز أن ينوي المصلي أن يعدل إلى النافلة لا یرید اکمالها لانه فی الحقیقة ناو لصلاة ذات رکعة واحدة او أقل من ذالک ولم یرد فی الشریعة مثل ذالک. کما نری ان بعض العوام عندما یسافرون الی بلد یریدون المکث فیه اقل من العشرة ولکنهم یقولون نحن ننوی اقامة العشرة لأن نکمل الصلاة ونصوم، وفیما نحن فیه ایضا اذا نوی العدول الد النافلة ثم بدی له بعدالعدول ان یقطعها لا بأس به بناء علی جواز قطع النافلة کما علیه المشهور.
و هنا نود أن نشير إلی أن من یقول بجواز قطع الفریضة مطلقا فهو فی سعة قیقطع صلاته ویکبر بعد تکبیر الامام للجماعة ولکن من یری عدم جواز قطع الفریضة من دون عذر، کما علیه المشهور ومنهم المصنف وهو الأصح، فیمکن أیضا أن نعتبر اللحوق إلی الجماعة من الأعذار المبررة لقطع الفریضة کما أنه عد من الأعذار جواز القطع لأداء الدين، وجوازه لمن نسي الآذان والإقامة قبل الصلاة، وإلى آخر ما هنالك. فما یستفاد من خلال أدلة الجماعة وأهمیة الالتحاق بها نعرف أن ما نحن فیه أیضا عذر مرخص لقطع الصلاة، ومما يدل من الروايات على جواز القطع رواية علی ابن جعفر عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: ( سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي لَهُ‌ أَنْ‌ يُكَبِّرَ قَبْلَ‌ الْإِمَامِ‌ قَالَ لَا يُكَبِّرُ إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَبَّرَ قَبْلَهُ أَعَادَ التَّكْبِيرَ).[2] فقوله عليه السلام : (لَا يُكَبِّرُ إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَبَّرَ قَبْلَهُ أَعَادَ التَّكْبِيرَ ) يدل على أنه من كبر قبل الإمام فينبغي أن یعتد بتكبيره، و يعيد التكبير بعد تکبیر الإمام لتصح صلاته مع الجماعة. فإعادة التكبير تدل على جواز القطع. إن قيل :إنها ضعیفة السند فلا تصلح أن تكون حجة على الجواز، قيل : لكنها مؤيدة على الأقل، ومن يأخذ بروايات عبد الله بن الحسن، فالرواية عندهم حجة، كما مر بنا.
المسألة الخامسة عشر.
قال المؤلف رحمه الله تعالى : " يجوز للمأموم أن يأتي بذكر الركوع و السجود أزيد من الإمام، و كذا إذا ترك بعض الأذكار المستحبّة يجوز له الإتيان بها، مثل تكبير الركوع والسجود وبحول اللّٰه وقوّته ونحو ذلك."
سبق أن أشرنا إلى أنه يجب على المأموم متابعة الإمام في الأفعال، ولا يجب عليه متابعته في الأقوال، ولما كان متابعة الإمام ليست واجبة في الأقوال، جاز للمأموم أن يأتي بغير ما قرأه الإمام في الركوع أو السجود کما وکیفا.
نعم هناک مباحث طرح فی ذیل هذه المسألة ولنا فی بعضها مناقشاة نتجاوزها حرصا على التقدم فی البحث رجاء أن نختم هذا الفصل قبل حلول شهر رمضان المبارك، فمن أراد أن يتوسع فيها، فليراجع المفصلات في هذا المجال.
المسألة السادسة عشر.
قال الماتن رضوان الله تعالى عليه : " إذا ترك الإمام جلسة الاستراحة لعدم كونها واجبة عنده لا يجوز للمأموم الّذي يقلّد من يوجبها أو يقول بالاحتياط الوجوبيّ أن يتركها، وكذا إذا اقتصر في التسبيحات على مرّة مع كون المأموم مقلّداً لمن يوجب الثلاث وهكذا."[3]
إذا ترك الإمام جلسة الاستراحة بعد السجدتين وقام مباشرة بعدهما؛ لأنها ليست واجبة عنده اجتهادا او تقلیدا، لا يجوز للمأموم الذی یری وجوبها اجتهادا او تقلیدا أن يتركها متابعة للإمام فإذا يرى المأموم وجوب جلسة الاستراحة، أو يقول بالاحتياط الوجوبي، أو يقلد من يرى وجوبها أو يقول بالاحيتاط الوجوبي، فلا يجوز له أن يتركها مع ترك الإمام، بل لابد من أن يأتي بها. والحكم نفسه بالنسبة إلى التسبيحات في الركعة الثالثة والرابعة، فإذا افترضنا أن الواجب عند الإمام فيها الإتيان بها مرة واحدة، والواجب عند المأموم الإتيان بها ثلاث مرات، فيجب على المأموم أن يأتي بها ثلاث مرات مع أن الإمام قد قرأها مرة واحدة. ولو یستلزم ذالک ترک متابعة الإمام فی هذا الجزء ما لم ینته الی الخروج عن هیئة المقتدی، لأن الأهم هو الاتیان بما هو جزء للصلاة فی رأیه ومن هنا فعليه أن يأتي بجلسة الاستراحة أو التسبيحات ثلاث مرات، لكن لا يطول فيها، لكي لا يخرج عن هیئة الجماعة.
مع الملاحظة أن بعض الفقهاء يرون أنه لا يصح الاقتداء في الفرض السابق، إلا أن هذا القول ليس سديدا مطلقا، بل في المقام تفصيل، لأن الامام حسب المفروض لا یخل بشیئ من الارکان وما یخل به من الواجبات غیر الرکنیة مما لا یضر ترکه عن عذر مخلا بصحة الصلاة لحدیث لا تعاد، وأذا تم صحة صلاة الامام وهو عادل لا مانع من الاقتداء به. نعم لو كان الخلاف في الأركان، فلا يصح الاقتداء، وذلك أن الإمام مثلا يرى أنه لا يجب وضوء الجبيرة، بل التيمم يغني عنه، ويرى المأموم أنه يجب وضوء الجبيرة، والتيمم لا يصح، ففي مثل هذه الصورة لا يجوز ولا يصح للمأموم أن يقتدي به لانه یری بطلان صلاة الامام واقعا للاخلال بالطهارة وهی من الخمسة المذکورة فی حدیث لاتعاد، فهی ركن من أركان الصلاة.
المسألة السابعة عشر.
قال المصنف رحمه الله تعالى : " إذا ركع المأموم ثمّ رأى الإمام يقنت في ركعة لا قنوت فيها، يجب عليه العود إلى القيام، لكن يترك القنوت وكذا لو رآه جالساً يتشهّد في غير محلّه، وجب عليه الجلوس معه، لكن لا يتشهّد معه، وهكذا في نظائر ذلك."
اتضح لنا مما سبق في المباحث الماضية أنه يجب متابعة الإمام في الأفعال، ويتفرع على ذلك أن الإمام إذا انتهى من قراءة الفاتحة والسورة، وبدأ يقنت زاعماً أنه في الركعة الثانية، والحال أنه في الأولى، فعلى المأموم أن لا يرفع يديه للقنوت، وكما لا يجوز له أن يركع قبل الإمام، بل إنما يجب عليه أن يبقی قاما، حتی یركع مع الإمام، والحكم نفسه بالنسبة إلى التشهد، مثلا إذا رأى المأموم أن الإمام يتشهد في الركعة الأولى أو الثالثة، زاعماً أنه في الثانية أو الرابعة، أو يتشهد فيهما سهواً، فيجب على المأموم أن يجلس معه لكنه عليه أن لا يتشهد؛ لأنه يعرف أن المقام ليس مقام التشهد.
إن قيل : هلا ينبه المأموم الإمام، مع أنه يجب عليه انتباهه؟ قيل : إن الفرض في صورة عدم إمكان التنبيه للبعد أو لشيء آخر، أو أنه نبهه لكنه متيقن من أنه في الثانية أو الرابعة.

وقفة أخلاقية
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: ( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَخْفَى أَرْبَعَةً فِي أَرْبَعَةٍ أَخْفَى‌ رِضَاهُ‌ فِي طَاعَتِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَيْئاً مِنْ طَاعَتِهِ فَرُبَّمَا وَافَقَ رِضَاهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ وَ أَخْفَى سَخَطَهُ فِي مَعْصِيَتِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَيْئاً مِنْ مَعْصِيَتِهِ فَرُبَّمَا وَافَقَ سَخَطُهُ مَعْصِيَتَهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ وَ أَخْفَى إِجَابَتَهُ فِي دَعْوَتِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَ‌ شَيْئاً مِنْ دُعَائِهِ فَرُبَّمَا وَافَقَ إِجَابَتَهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ وَ أَخْفَى وَلِيَّهُ فِي عِبَادِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ عَبْداً مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ فَرُبَّمَا يَكُونُ وَلِيَّهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ ).[4]
تؤكد هذه الرواية المباركة على الأمور الأربعة :
أولاً– تمنع من أن نستصغر شيئا من طاعة الله تبارك وتعالى، ونعتبره صغيرا، ومن ثم فلا نهتم به، كما نهتم بما نظنه كبيرا، وذلك أن عملا بسيطا إذا عمله الإنسان من دون رياء، وعجب، وترفع، وأتى به مخلصا لوجه الله تبارك وتعالى، فيمكن أن يأخذ الإنسان إلى قمة الكمال، ويحصل على رضا الله تعالى، الذي هو هدف الخلق، وبالعكس لو جاء بعمل كبير – مثلا – صام شهرين متتابعين، أو صلى صلاة الليل، وأنفق مالا كبيرا، وإلى غير ما هنالك، لكن ليس من باب حصول رضا الله تعالى، بل من باب الرياء أو العجب، بعبارة أخرى يكون لغير وجه الله تبارك وتعالى، فهذا لا يفيده شيئا، بل يكون هبأ منثورا. وهذا يؤكد على أنه يجب أن تكون أعمالنا خالصة لوجه الله تعالى.
ثانياً – رب إنسان يرتكب معصية، وهو يظن أنها معصية صغيرة، لا تجلب سخط الله تعالى، فلا يحترز عنه، بل يرتكبها بدون أن يشعر بخوف، لكن هذه الرواية تؤكد على أن لا نستصغر أية معصية لله تعالى، وذلك أننا حينما نرتكب ذنبا، فنخالف أمر الله تعالى، ولما كان الله عظيما وكبيرا وعليا، فكل معصية وإعراض عن أمره تعالى عظيم؛ وذلك أنه مضاف إلى الله تعالى. ومن هنا فينبغي علينا أن لا نحتقر أي معصية، ونحتزر من كل صغيرة، فضلاً عن كبيرة.
ثالثاً– سادتى العلماء ترون أن كثيرا من الناس لا يقوم بالدعاء، مع أن طلب الدعاء من أعظم العبادات حسب ما ورد في الآيات والروايات المباركة، أو يستصغرون منزلة الدعاء، أو بعض أنواع منها، ويظنون أنه لا ينبغي أن ندعو الله تعالى في هذا الأمر مثلا، غير أن الرواية المباركة تمنع عن ذلك وتحث على طلب الدعاء، و تؤكد على عدم استصغار شيء منها، لأنه باب رحمة الله تعالى، وباب نجاته تعالى.
رابعا– كل من يتعمق ويتدبر في النصوص الدينية من القرآن الكريم والسنة الشريفة، يصل إلى أن الإنسان مكرم في نظر الله تبارك وتعالى، وأن الإسلام ينظر إلى بني آدم نظرة إكبار وإجلال، وهذا يؤكد على أن الإنسان مخلوق محترم ومكرم وشريف عند الله تعالى، فإذا كان الإنسان محترما ومكرما عند الله تعلى، فيجب علينا أن يحترم بعضنا بعضا، ولا نقترب من إهانة أحد، ولا نحتقر أي مخلوق من مخلوقات الله، وما أدرانا أن ما أهنناه مثلا يكون وليا من أولياء الله جل شأنه، ومن هنا فينبغي أن ننظر بنظرة الاحترام والإكبار إلى الإنسان، وهذا من أعظم العبادات. نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن لا يتساهلون في أمر العبادة، ولا يقتربون من المعصية، ولا يسئمون من دعاء الخير، ولا يهينون مخلوق الله تعالى بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo