< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

36/08/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : أحكام الجماعة
البحث في المسألة التاسعة مفصلاً : قال السيد اليزدي رحمه الله تعالى : إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهواً، أو لزعم رفع الإمام رأسه، وجب عليه العود والمتابعة، ولا يضرّ زيادة الركن حينئذٍ، لأنّها مغتفرة في الجماعة في نحو ذلك[1]،
في المسألة التاسعة مفصلاً : قال السيد اليزدي رحمه الله تعالى : إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهواً، أو لزعم رفع الإمام رأسه، وجب عليه العود والمتابعة، ولا يضرّ زيادة الركن حينئذٍ، لأنّها مغتفرة في الجماعة في نحو ذلك،
سبق أن ذكرنا في الدرس الماضي أن المأموم إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهواً، أو رفع عمداً زاعماً أن الإمام رفع رأسه، يجب عليه أن يعود إلى الركوع، وذلك أنه يجب متابعة المأموم للإمام في الأفعال، وأن وجوب المتابعة وجوب تعبدي تكليفي عند الماتن وهذا ما اختاره المشهور – كما وقفنا عنده في المسألة الثامنة مفصلاً – ومن المعلوم أن العود مرة ثانية إلى الركوع زيادة في الركن غير أن هذه الزيادة لا تضر بصحة الصلاة، لأنها إذا كانت لأجل متابعة الإمام فمغتفرة، ومن أهم ما يستدل به على أن الإخلال بالركن من حيث الزيادة أو النقصية، یضر بصحة الصلاة هو حديث " لا تعاد "، ولكن ثمة روايات وردت لتؤكد على أن زيادة الركن إذا كانت لأجل متابعة الإمام فلا بأس به، ولاتضر بصحة الصلاة. فهذه الروايات تخصص ما ورد في حديث " لا تعاد "، فنقول : إن الصلاة لا تعاد إلا عن خمس، إلا إذا كان ذلك لمتابعة الإمام.
الدليل على وجوب العود للمتابعة :
في المقام روايات عديدة تدل على وجوب العود إلى الركوع أو السجود لأجل تحقق متابعة الإمام. ومن هذه الروايات المباركة صحيحة حسن بن علي بن يقطين حيث جاء فيها : " وَبِإِسْنَادِ الشيخ في التهذيب عن محمد بن حسن عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَنْ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ قَالَ :( سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ يَقْتَدِي بِهِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ قَالَ يُعِيدُ رُكُوعَهُ مَعَهُ ).[2]
سند الرواية لا بأس به؛ لأن الشيخ رحمه الله يروي عن أحمد بن محمد، وأحمد بن محمد مردد بين أحمد بن محمد بن عيسى، وبين أحمد بن محمد بن يحيي، غير أن هذا الإجمال لا يضر في المقام؛ وذلك أن كلاهما من الثقات، وأحمد بن محمد يروي عن الحسن بن علي بن يقطين، وهو يروي عن أخيه الحسين، وهو يروي عن أبيه علي بن يقطين، وعلي بن يقطين و أولاده كلهم من الأجلاء والثقات.
أما الدلالة، فقوله عليه السلام :( يعيد ركوعه ) صريح في وجوب العود إلى الركوع.
ومنها صحيحة فضيل حيث رواه صاحب الوسائل قائلاً : " مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ( أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ صَلَّى مَعَ إِمَامٍ يَأْتَمُّ بِهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَالَ فَلْيَسْجُدْ ).[3]
ولهذا الحديث المبارك سند آخر، وهو : مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ وَ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ جَمِيعاً عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‌ مِثْلَهُ.‌[4]
سند الرواية : لاحظنا أن لهذه الرواية سندان: سند الشيخ الصدوق بإسناده إلى الفضيل بن يسار، وسند الشيخ الطوسي إلى الفضيل بن يسار و ربعي بن عبد الله، أما السند الأول، وهو سند الشيخ الصدوق، فلا بأس به، كما أكد عليه في مشيخته، غير أن في سند الشيخ الصدوق إلى الفضيل بن يسار، علي بن الحسين السعد آبادي، وهذا الراوي لم يرد في حقه توثيق من علماء الرجال، غير أنه ورد في أسناد " كامل الزيارات "، بل هو كان شيخا لابن قولويه، و کما تعرفون هناک خلاف بين علماء الرجال في أن المراد من توثيق ابن قولويه لمن ورد في أسناد كامل الزيارات، هل هو توثیق جميع من ورد في سلسلة أسناده، أو من روى عنه مباشراً، فالقدر المتيقن في المقام، هو توثيق من روى ابن قولويه عنه مباشراً، وعلي بن الحسين السعد آبادي كان شيخا لابن قولويه، فمن هنا تثبت وثاقته، ولأجل ذلك لا بأس بهذا السند.
أما سند الشيخ الطوسي عليه الرحمة، فهو يروي بأسناده عن سعد، وسنده إلى عبد الله بن الأشعري سند صحيح، وأحمد بن محمد كذلك من الثقات، وهو یروی عن محمد بن سنان، وهو کان من الغلاة، فلا يؤخذ بما يرويه، فسند الشيخ إلى الفضيل بن يسار، وإلى ربعي بن عبد الله سند مخدوش، لأن كلا السندين يمران بـ محمد بن سنان. والنتيجة أن هذه الرواية على سند الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه صحيحة، وعلى سند الشيخ الطوسي رحمة الله تعالى عليه ضعيفة.
أما الدلالة فقول الإمام : ( فليسجد ) صريح في وجوب العود إلى السجود، لأنه صيغة الأمر، وصيغة الأمر ظاهرة في الوجوب.
ومنها رواية سهل الأشعري حيث جاء فيها : " الشيخ الطوسي في التهذيب عن سعد بن عبد الله الأشعري عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: ( سَأَلْتُهُ عَمَّنْ رَكَعَ مَعَ إِمَامٍ يَقْتَدِي بِهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ قَالَ يُعِيدُ رُكُوعَهُ‌ مَعَهُ ).[5]
هذه الرواية لا اعتبار بها، وذلك أن محمد بن سهل الأشعري لم يرد في حقه التوثيق، وإن ورد التوثيق في حقه أبيه وهو سهل بن اليسع الأشعري، غير أن السند إذا ورد فيه واحد ممن لم يوثق، فلا اعتبار بها؛ لأن النتيجة تابعة لأخس المقدمتين. أما دلالة الرواية، فقوله عليه السلام : ( يعيد ركوعه معه ) ظاهر في وجوب العود إلى الركوع.
ومنها موثقة محمد بن علي بن فضال هو – كما رواه صاحب الوسائل – " وَبإسناد الشيخ عَنْ سعد عن مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ :" وَبإسناد الشيخ عَنْ سعد عن مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ :(قُلْتُ لَهُ أَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ فَأَرْفَعُ رَأْسِي قَبْلَهُ أُعِيدُ قَالَ أَعِدْ وَ اسْجُدْ ).[6]
سند الرواية : من ناحية السند لا بأس به؛ وذلك أن الشيخ عليه الرحمة يروي عن سعد هو من الأجلاء، وسعد يروي عن معاوية بن حكيم، وهو كذلك من الثقات، قال الكشي في محمد بن الوليد عن خزاز، ومعاوية بن حكيم، ومصدق بن صدقة، ومحمد بن سالم : " قال أبو عمر وهؤلاء كلهم فطحية، و هم من أجلة العلماء و الفقهاء و العدول، و بعضهم أدرك الرضا (ع) وكلهم كوفيون."[7]
فقول الكشي يدل على وثاقة هؤلاء بشكل صريح، والمستغرب في الأمر أنه قال في شأنهم بأنهم فطحية، ثم وصفهم بالعدول، ومن المعلوم أن العدالة لا تجتمع مع الانحراف عن المذهب الحق، غير أنه يمكن أن يحمل وصفه لهم بالعدول على أن المراد منه العدالة في نقل الخبر.
وقال النجاشي فيه : " معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار الدهني ثقة جليل في أصحاب الرضا عليه السلام.
أما محمد بن علي بن فضال، فكذلك من الثقات، لأن بني فضال كلهم ثقات بنص المعصوم حيث قال في شأنهم : " خذوا ما رووا وذروا ما رأوا." فالرواية من ناحية السند لا بأس به، فالسند موثق. ومن المستغرب أن صاحب المستمسك عبر عن هذه الموثقة بالرواية، وهذا التعبير مشعر بضعفها، والحال أن الرواية موثقة، لأن كل الرواة الذين وردوا في سلسلة السند ثقاة.
المحصل أن كل هذه الروايات التي وقفنا عندها تدل على ما ذكره الماتن في المقام من أنه " إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهواً، أو لزعم رفع الإمام رأسه، وجب عليه العود والمتابعة، مع الانتباه أن صحة الصلاة في المقام متوقفة على قول من رأى أن وجوب المتابعة وجوب تکلیفی تعبدي، كما اختاره معظم الفقهاء، ومنهم السيد اليزدي رحمهم الله جميعاً، ولكن من رأى أن وجوب المتابعة وجوب وضعي و هی شرط في صحة الصلاة– كما اختاره السيد الخوئي رحمه الله تعالى - فلا تبطل جماعة من أخل بالمتابعة، وصلاته صحيحة إذا جاء بوظيفة المنفرد.ومن هنا فقول الماتن : " ، و إن لم يعد أثم، وصحّت صلاته، إنما يتم على رأي المشهور الذين اختاروا أن وجوب المتابعة وجوب تكليفي، ولا يتم على رأي السيد الخوئي الذي اختار أن وجوب المتابعة وجوب شرطي، فحينئذ لم تصح جماعته، بل تتحول صلاته إلى الفرادى، وإذا لم يأت بوظيفة المنفرد، فلا تصح صلاته كذلك.


[7] رجال الكشي، ص563.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo