< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

36/05/23

بسم الله الرحمن الرحیم

عنوان البحث : عدم الحيلولة بين الإمام والمأموم شرط في صحة الجماعة
وقفة أخلاقية
(عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ لِرَجُلٍ اقْنَعْ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَى مَا عِنْدَ غَيْرِكَ وَ لَا تَتَمَنَّ مَا لَسْتَ نَائِلَهُ فَإِنَّهُ مَنْ قَنِعَ شَبِعَ وَ مَنْ لَمْ يَقْنَعْ لَمْ يَشْبَعْ وَ خُذْ حَظَّكَ مِنْ آخِرَتِك‌).[1]
يأمرنا الإمام عليه السلام بأن نقنع بما قسم الله لنا، ولا ننظر إلى ما عند غيرنا؛ لأن الإنسان الذي لم يقنع بما قسم الله له، لا يمكن له أن يصل إلى القناعة؛ لأنه كلما نظر إلى ما عند الأخر، فيراه أعلى منه مالا وثروة، ولو وصل إليه على فرض بعيد، وأحيانا على فرض محال، فإذا وصل إليه، ففوق ذي مال ذو مال. فعلى ذلك هو دائما يشعر بالخيبة والخسران، وأنه لم يصل إلى نوايا، ولا تتمن ما لست نائله، كذلك ينبغي أن لا نحدث أنفسنا بما لا يمكن لنا أن نصل إليه دائما نعيش الأهواء والآمال وهذا شيء لا يصل الإنسان إليه، فإنه من قنع شبع ومن لمن ينقع لم يشبع، وخذ حظك من الآخرة، نعم إن أمر الآخرة غير أمر الدنيا، أمر الأخرة قابل للوصول، ولكن أمر الدنيا ليس بأيدينا، أمر الآخرة فجعل الله تعالى فيه الإنسان قابلا لأن يحصل عليه، ولأن يصل إلى أعلى درجات الكمال، وكلما كانت تمنياتنا أعلى وأكثر، ففرص نجاحنا أكثر وأكبر. لأن الإنسان يستطيع في ليلة واحدة أن تتجاوز الألاف سنة من ناحية التقدم والكمال، في لحظات قليلة كحر بن زياد الرياحي انتقل من حالة الشقاء إلى السعادة في لحظات قليلة، وصار من أصحاب الحسين عليه السلام. وبالعكس كثير من الناس سقطوا في لحظات من أعلى المنازل إلى أسفل السافلين، فالله تبارك وتعالى جعل الصعود إليه والكمال إليه طريقا سهلا لكل إنسان أراد.
المسألة التاسعة العشرة : إذا انتهت صلاة الصف المتقدم من جهة كونهم مقصرين أو عدلوا إلى الانفراد فالأقوى بطلان الاقتداء المتأخر للبعد إلا إذا عاد المتقدم إلى جماعة بلا فصل كما أن الأمر كذلك من جهة حيلولة أيضا على مضى، [2]
هذه المسائل قلنا هي سهلة لآننا بحثنا عنها في مناسبات اخرى وهذه المسائل تركز على بعض الفروع وبعض المصاديق التي مر ذكر أصل هذه المصاديق. إذا انتهت صلاة الصف المتقدم من جهة كونهم مقصرين بأن يكون صلاتهم ركعتين وانتهوا عن صلاتهم وعدلوا إلى الانفراد كما أن بعض الناس في أثناء الصلاة يعدلون إلى الانفراد، فالأقوى بطلان الاقتداء المتأخر للبعد، والذي يكون في الصف المتأخر، ومن يكون أمامه خرج عن صلاة الجماعة، الأقوى بطلان اقتدائهم يعنى جمعاتهم لماذا للبعد لأن وجود الصف المتقدم المنتهية صلاتهم يكون سببا للبعد لمن يكون خلفه أكثر من مربد الفرس و أكثر مما يتخطى، مكان السجدة إلى مكان الوقوف إلا إذا أعاد المتقدم إلى الجماعة بلا فصل، انتهوا من الجماعة وقاموا ليلتحقوا بصلاة الإمام، كما أن الأمر كذلك من جهة حيلولة أيضا على مضى، هذه المسألة ذكرت في عنوانين أولا الحيلولة قالوا إذا صارت الحيلولة طبعا هذا مانع عن صحة الصلاة إلا إذا كان مباشرة هؤلاء وقفوا وصلوا هذا ما ذكر،
نحن طبعا بالنسبة إلى كلا الأمرين، شككنا وقلنا إنه لعل أدلة الحيلولة كصحية زرارة، لا تشمل ما إذا كان الحائل إنسانا، فجاء في أدلة الحيلولة أنه إذا كان سترة أو جدارا وشمول هذا العنوان للإنسان أمر مستبعد لأن الإنسان إذا التفت إلى يمينه ويساره يرى من بعده لكن مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط، كما أن في مسألة البعد وقلنا إذا حصل البعد وتقدم مباشرة ويرفع البعد بتقدمه فلا باس وقلنا إن تنقيح المناط بما ورد في إمام قد بطل وضوؤه مثلا يتقدم أحد الناس والناس يصلون به، فهم انقطعوا عن الإمام ووصلوا صلاتهم بإمام جديد، وقلنا إن الميزان هو اتصال المأموم بالإمام الذي يكون صلاته صحيحة من البداية إلى النهاية، بعبارة أخرى توفر شروط صلاة الجماعة في كل الصلاة من أولها إلى نهايتها، ومن هنا فانقطاع للحظات قليلة لا يضر بصحة الجماعة،
ويؤيده الروايات التي تقول أن المتأخر عن الصلاة لابد أن يكبر ثم يلحق بالجماعة، ويجري نفس الحكم ما إذا أحدث الإمام في الصلاة فيتقدم شخص أخر ويكمل الصلاة، وهنا اقتداء الناس صحيحة ولو حصل الانقطاع للحظات، ومن هنا فإذا حصل البعد والمتباعد مباشرة يخطو خطوة أو خطوتين ليتقدم إلى الصف المتوفر فيه شروط صحة الجماعة لعل صلاته صحيحة،
لكنه قلنا إن الاحتياط جيد في المقام، والاحتياط إما بعدول إلى صلاة الانفراد، وإما بإكمال الصلاة ثم إعادتها مرة أخرى.
المسألة العشرين : الفصل لعدم دخول الصف المتقدم في الصلاة لا يضر بعد كونهم متهيئين للجماعة فيجوز لأهل الصف المتأخر الإحرام قبل احرام المتقدم وإن كان الأحوط خلافه. كما كان الأمر كذلك من حيث الحيلولة على ما سبق. [3]
إذا وقف شخص في صف متأخر والصف المتقدم لم يقم بتكبيرة الإحرام فهل يجوز لأهل الصف المتأخر أن يكبروا أو لا ؟ الجواب، نعم يجوز والدليل على ذلك السيرة المتشرعة من الزمن القديم إلى زماننا هذا، خاصة إذا كان عدد المشاركين أكثر فلا يمكن الانتظار لأنه ربما لا يشارك من يكون في الصف المتأخر في صلاة الجماعة حتى نهايتها إذا قلنا بوجوب الدور من المتقدم فالمتأخر، وكما ذكر في التأريخ أن عدد المشاركين في زمان أمير المؤمنين ما يقارب ثلاثين ألف مصل، ففي مثل هذه الحالة، لا يمكن درك الركعة الأولى حتى الصلاة كلها، إذا انتظر القائم في الصفوف المتأخرة إلى انتهاء القائمين في الصفوف المتقدمة من تكبيرة الإحرام. فمن هنا يستفاد أن تهيئ أهل الصفوف المتقدمة يكفي ولا يجب الصبر على من يكون في الصفوف المتأخرة، بل يجوز له أن يكبر قبل تكبير أهل الصفوف المتقدمة. وإن كان الأحوط خلافه. ونفس الأمر بالنسبة إلى الحيلولة فمادام أهل الصف المتقدم لم يكبروا فهم حائلون بين الأمام وبين أهل الصف المتأخر، لكن بما أنهم متهيئون للصلاة فهذا يكفي في صحة كونهم وسطاء بين الإمام والمأمومين في الصف المتأخر وكذلك بين الصفوف المتأخرة بعضها لبعض، أو من يمين أو يسار.
المسألة الحادية والعشرين: إذا علم بطلان صلاة الصفّ المتقدّم تبطل جماعة المتأخّر من جهة الفصل أو الحيلولة، و إن كانوا غير ملتفتين للبطلان، نعم مع الجهل بحالهم تحمل على الصحّة، و لا يضرّ كما لا يضرّ فصلهم إذا كانت صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم و إن كانت باطلة بحسب تقليد الصفّ المتأخّر. [4]
ذكر المؤلف في هذه المسالة خمسة أمور :
الأمر الأول : إذا علم بطلان صلاة الصفّ المتقدّم
إذا عرف من يكون في الصف المتأخر أن صلاة من يكون وسيطا بينه وبين الإمام من جهة التقدم أو من جهة اليمين أو اليسار غير صحية، لعدم صحة قراءته مثلا، أو أنه لم يتوضأ وضوء صحيحا، وما شابه ذلك، فصلاته لم تنعقد مع الجماعة وصلاته غير صحيحة، لأن الوسيط بينه وبين الإمام لم يأت بصلاة صحيحة، وعدم صحة الصلاة إما للبعد، وإما للحيلولة، لأن الوسيط أما صار سببا للبعد الذي يكون مانعا عن الصلاة، أو سببا للحيلولة بينه وبين الإمام، والحكم نفسه إذا كان الأمر من جهة اليمين أو اليسار، بمعنى أن الوسيط بينه وبين الإمام أو المأمومين الذين لهم اتصال بالإمام إذا كانت صلاته غير صحيحة وهو متصل بالجماعة بواسطته، نعم إذا كان لهم اتصال من الأمام يكفي وإن كان من بيمينه صلاته غير صحيحة،
لكن إذا كان صلاة من يكون سبب الاتصال بينه وبين الإمام باطلة فصلاته مع الجماعة غير صحيحة، ولذا قال السيد (رحمه الله ) : إذا علم بطلان صلاة الصفّ المتقدّم تبطل جماعة المتأخّر من جهة الفصل، يعني البعد أو الحيلولة. قال المصنف : البعد أو الحيلولة ولم يقل البعد و الحيلولة، ولعله أراد أنه يمكن أن يكون الفصل لا يكون مانعا بحيث إذا كان قليلاً لا يعتد به، يعنى يمكن أن يكون عدم صحة صلاة - من يكون اتصاله بالجماعة بواسطة المأموم الذي صلاته فاسدة -، للفصل أو للحيلولة أو لكلا الأمرين.
الأمر الثاني : و إن كانوا غير ملتفتين للبطلان،
قد يكون من كانت صلاتهم فاسدة وهم وسطاء بين الإمام والمأمومين الذين خلفهم أو من جهة اليمين أو جهة اليسار، ملتفتون إلى بطلان صلاتهم، لكن لا يبالون بالدين، كمن يعرف أن قراءته غير صحيحة، لكن لا يبالي ولا يسعى لتصحيحها، ففي مثل هذه الصورة بطلان صلاة - من يكون خلفهم أو على يمينهم أو يسارهم والاتصال تم بهم – واضح.
وقد يكون من كانت صلاتهم فاسدة وهم وسطاء بين الإمام والمأمومين المتأخرين عنهم، غير ملتفتين إلى أن صلاتهم باطلة، بل يعتبرونها صحيحة، فمن تأخر عنهم أو يكون على يمينهم أو على يسارهم، صلاتهم باطلة كذلك، كالصورة الأولى.
بعبارة أخرى، أنه لا فرق بين الالتفات إلى البطلان وبين عدمه، وهذا كمن توضأ بماء نجس فسواء أن يكون ملتفتا إلى نجاسة الماء أو لم يكن وضوئه غير صحيح. ففي المقام إذا عرف من قام في الصف المتأخر أن الوسيط بينه وبين الإمام توضأ بماء نجس وهو لم يلتفت إلى هذا الأمر فصلاة المتأخر باطل، لأن صلاة الوسيط باطل قطعاً. لكنه إذا لم يعرف المتأخر أن صلاته باطلة، بل شك في أنه هل توضأ بماء صحيح وطاهر أو لا؟ أو هل قراءته صحيحة أو لا، ففي هذه الصورة يحمل عمله على الصحة، لأصالة صحة عمل الغير، وتجرى هذه الأصالة إذا كانت لها دخل في عمله، ومثاله أن شخصا أراد أن يشتري شيئا من البائع ولكنه لا يعرف أنه تملك بطريقة شرعية أو لا، ولا يعرف هل البيع السابق صحيح أو لا، فهنا أصالة صحة عمل الغير تجوز له أن يشتري منه، وكذلك إذا عرف الشخص أن الصحن الذي قدم فيه طعاما له هو كان نجسا، فهل طهره أو لا، فإذا مر بين نجاسته وتقديم الطعام له وقت بمقدار يمكن فيه طهارته، يحمل على الطهارة.
الأمر الثالث : كما لا يضرّ فصلهم إذا كانت صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم و إن كانت باطلة بحسب تقليد الصفّ المتأخّر.
بين السيد في هذا الأمر أن فصل الصف المتقدم لا يضر بصحة الصلاة الجماعة إذا كانت صلاتهم صحيحة حسب تقليدهم وإن كانت باطلة عند تقليد الصف المتأخر، مثلا من وقف في الصف المتقدم توضأ وضوء الجبيرة لأن مرجعه أفتى به، فوضوؤه صحيح حسب تقليده، لكنه من تأخر عنه في الصف يرى أن المقام ليس مقام الجبيرة بل يجب عليه التيمم، فوضوؤه حسب نظر وتقليد المتأخر باطل، ومن ثم صلاته باطلة، لكن مثل هذا الفصل لا يضر بصلاة الجماعة كما أكد عليه السيد اليزدي، لأن صلاة أهل الصف المتقدم صحيح حسب تقليدهم، ففي مثل هذه الصورة هل يجوز للمتأخر أن يقتدي بهم أو لا، هنا قولان :
الأول : ذهب بعض الفقهاء أن المعيار هو صحة صلاة أهل الصف المتقدم حسب رأي وتقليد أهل الصف المتأخر، فإن كانت صلاتهم باطلة في نظره فلا تكون صلاته صحيحة،
الثاني : وذهب الأخرون أن المعيار ليس صحة صلاة أهل الصف المتقدم حسب تقليد أهل الصف المتأخر، بل الميزان أن تكون صلاة أهل الصف المتقدم صحيحة في نظرهم وإن كانت باطلة في نظر أهل الصف المتأخر،
لفهم هذا المطلب واستيعابه بشكل جيد، لابد أن نتوقف عند مصطلح " التصويب " و " التخطئة "، ذهب كل من الأشاعرة والمعتزلة إلى التصويب في الاجتهاد، والتصويب عند الأشاعرة عبارة عن أنه ليس لله سبحانه وتعالى أحكام، وإنما أحكامه تعالى ما وصل إليه اجتهاد المجتهد، فما وصل إليه المجتهد من حكم يجعله الله تعالى حكما واقعيا، والتصويب عند المعتزلة : أنه ليس لله أحكام وما يصل إليه مجتهد من حكم يجعل حكما بإزائه مطابقا لما وصل إليه المجتهد وهو يكون حكمه الواقعي، ومن هنا يقولون بإصابة المجتهد إما بوصوله إلى الحكم الواقعي أو بوصوله إلى ما جعله الله حكما مطابقا لما وصل إليه، ومن هنا يقولون : من اجتهد وصل. أما علماء الإمامية فلا يوافقون هذا القول.
فبما أن الأشاعرة يعتقدون بالتصويب فمن هنا جاء فتوى شيخ الأزهر شلتوت الذي كان معاصرا لأية الله البروجردي بصحة العمل وفق ما وصل إليه مجتهدو الشيعة، لأن ما وصل إليه مجتهد هو حكم واقعي وليس ظاهرياً، ومن هنا جاءت فتواهم بصحة الاقتداء خلف الإمام الشيعي، وهذا ليس من باب المسايرة أو التقية وما شابه ذلك بل هو من باب التصويب، يصوبون ما وصل إليه المجتهد من حكم شرعي، ويعتبرونه حكما واقعيا لله تبارك وتعالى،
الشيخ وهبة ذحيلي من علماء دمشق كان يشارك معنا في المؤتمرات، وكان وموقفه موقفا متوازنا وجيدا، فقلت له مرة أن في منطقة " سيستان " لا يصلى إخواننا السنة خلف الإمام الشيعة ويقولون أن وضوء الشيعة غير صحيح لأنهم لا يغسلون أرجلهم بل يمسحون عليها، فبما أن وضوؤهم باطل فصلاتهم باطلة، ومن هنا لا يصلون خلف الأمام الشيعي، فرد الشيخ الذحيلي قائلا، أن هؤلاء جهال لا يعرفون، وذلك أنكم حينما تمسحون على الأرجل فهذا ما وصل إليه مجتهدوكم، وما وصل إليه المجتهد هو حكم واقعي وليس ظاهرياً، وقال ذكرت هذا الأمر في كتابي " الفقه وأدلته " وأضاف قائلا إني حاضر أن أزور تلك المنطقة وأقول لهم أن صلاتهم صحيحة.
هذا الكلام وفق من ذهب إلى التصويب، أما من لم يعتقد بالتصويب في باب الاجتهاد، وقال بالخطئة ففيه قولان، الأول : إذا لم يصل المجتهد إلى حكم واقعي فما يفتي به هو حكم ظاهري مجز، وإن لم يكن مطابقا لحكم واقعي لله تعالى، الثاني بعض الفقهاء ذهبوا أن مجرد المعذورية ليس مجزيا عن الواقع، وثمرة هذا الخلاف يظهر فيما إذا عمل المجتهد عملا ما ثم تبين له أن عمله كان مخالفا لحكم الله الواقعي، فهنا هل يعيد عمله أو لا، فمن قال بالإجزاء، لا يجب عنده إعادة العمل لأنه وإن كان عمله كان مخالفا للحكم الواقعي لكن عمل حسب الحكم الظاهري وهو مجز، لكنه من ذهب إلى المعذورية يقول إنه وإن لم يكن آثما فيما عمله، غير أنه يجب عليه الإعادة.
وكذلك ثمرة الاختلاف تظهر فيما نحن فيه، فمن يكون في الصف المتقدم صلاته صحيحة حسب تقليده، وباطلة حسب تقليد من في الصف المتأخر، فإذا كان من وقف في الصف المتأخر ممن يقول هو أو مجتهده بالإجزاء فصلاة أهل الصف المتقدم بمنزلة الصلاة، وصلاة المتأخر صحيحة لا بأس به. لكن إذا كان ممن لا يقولون بالإجزاء فصلاته باطلة،
غير أنه يمكن أن يستدل على صحة الصلاة في صلاة الجماعة بأمور أخرى منها :
أولا : أنه مما ثبت من السيرة المتشرعة هو أن كثير ما كان من يقف في الصف المتقدم تختلف آراءه عن ما وقف في الصف المتأخر أو عن الإمام، وخاصة في زمن أمير المؤمنين عليه السلام فكثير من الأحيان من كان واقفا في الصفوف المتقدمة لا يعتقد بإمامة أمير المؤمنين بل كان يراه خليفة كخلفاء الآخرين، وحتى بعضهم كان من الخوارج، ومن كان يعتقد بإمامة أمير المؤمنين عليه السلام من خلص الأصحاب كانوا يقفون وراءه، ولم يمنعهم الأمام عليه السلام من ذلك،
فهذه السيرة تفيد بأن من يكون في الصف المتقدم وصلاته صحيحة حسب رأيه واجتهاده فلا يعتبر هذا فصل وحيلولة بل صلاة من كان وراءه صحيحا ولو كان صلاة الصف المتقدم باطلة عنده. وكذلك يمكن أن يقال إن ما يستفاد من صحيحة زرارة في مقام الحيلولة منصرفة عن مثل هذه الموارد. بل تدل على أن من حال هو غير مصل مثلا، أو حائل شيء آخر،
وكذلك يمكن الاستدلال بصحة في ما نحن فيه بإطلاقات صحة الصلاة الجماعة فإنها تشمل مثل هذه الموارد.
وإذا وصل الأمر إلى الشك، يعني إذا شك أحد هل أن بطلان صلاة أهل الصف المتقدم حسب رأي من وقف في الصف المتأخر مانع عن صحة الصلاة أو، فتحكم أصالة البراءة بعدم المانعية.



BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo