الموضوع: الأصول/ مباحث القطع / مبحث الأقل والأكثر/ الأقل والأكثر الارتباطين

 الكلام في التنبيه الثالث وقلنا بأنه يرجع إلى مطلبين الأول في وجه عدول صاحب الكفاية عن إجراء البراءة عن وجوب الأكثر إلى إجرائها عن جزئية السورة المشكوك جزئيتها، والثاني وجه التفصيل بين المنع عن جريان البراءة العقلية مع الإلتزام بجريان البراءة الشرعية.

 وقلنا بأنه ربما كان الوجه في ذلك أن البراءة الشرعية عن وجوب الأقل معارضٌ للبراءة كذلك عن وجوب الأكثر، وبعد التساقط تصل النوبة إلى البراءة عن جزئية القيد الزائد بلا معارضٍ لكونها أصلاً طولياً حيث إن الشك في الجزئية مسبَّبٌ عن الشك في الأمر بالأكثر.

 وفيه: أولاً: إنه مبنيٌّ على مسلك الإقتضاء لا العليَّة والذي هو مذهب صاحب الكفاية.

 

 وثانياً: إن ترتُّب جزئية السورة على وجوب الأكثر عقليٌّ، لا أنه شرعيٌّ، وعليه فلو نفينا بالبراءة الشرعية وجوب الأكثر فإنه لا يترتَّب عليه نفي الجزئية إلا بنحوٍ عقليٍّ.

 

 وثالثاً: إن البراءة عن نفس الجزئية غير تامةٍ في نفسها لأنها لا تقبل التنجيز ولا التعذير، وإن ما يكون قابلاً لذلك هو منشأ انتزاعها أعني الأمر بالأكثر بحيث لو فرض واقعاً جزئية السورة للواجب مع عدم وجوب الأكثر لم يكن المكلَّف ملزماً بإتيانها، ولذا فإن الجزئية غير قابلةٍ للوضع الظاهري بمعنى إيجاب الإحتياط اتجاه الواقع المحتمل، حتى يُرفع كذلك ظاهرياً- بنفي إيجاب الإحتياط اتجاه الواقع المحتمل، نعم ما يقبل الوضع ظاهراً والرفع كذلك إنما هو الوجوب منشأ انتزاعها- وأما الجزئية كحكمٍ وضعيٍّ منتزعٍ عقلاً من الواجب الواقعي أو الظاهري فتكون جزئيةً واقعيةً للواجب الواقعي، أو ظاهريةً للواجب الظاهري،

 

 وبعبارةٍ أخرى: إن الرفع الظاهري لا يتعلَّق بنفس الجزئية وإنما للشارع أن يرفع الجزئية عند الشك، هذا بحسب اللسان وإلا فإنه بحسب الحقيقة رفعٌ لمنشأ الإنتزاع ولإيجاب الإحتياط اتجاه منشأ انتزاع الجزئية وهو وجوب ذلك الجزء، إلا أنه ليس مفاداً لأدلة البراءة التي لا بدَّ أُخذ في موضوعها ما يدخل في العهدة ويتنجز على المكلف.

 

 ورابعاً: إن البراءة عن الجزئية لو جرت فإنها تعارض البراءة عن كلية الأقل المنتزعة عن وجوب الأقل بحده.

 ثم إن الميرزا له كلام آخر يأتي والحمد لله رب العالمين