< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/05/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة
 لا بأس بالإشارة إلى بعض كلمات الفقهاء فيما يتعلق بالصورة الأولى:
 قال السيد الحكيم في المنهاج مشيرا إلى بطلان الإجارة: (أما إذا كانت مقيدة كما إذا استأجر الدابة لركوب نفسه فلا تصح إجارتها من غيره فإذا أجرها من غيره بطلت الإجارة فإذا ركبها المستأجر الثاني كان آثما إن كان عالما بالفساد) [1] وعلق على ذلك السيد الشهيد في تعليقته رقم 46 حيث قال: (بمعنى انه ملك الغير حصة أخرى من الركوب لا نفس تلك الحصة وإلا صحت كما إذا كان للغير غرض في تملك تلك الحصة لبذلها ) [2] ،
 وأما فيما يرتبط بالضمان فقد قال السيد السيستاني: (فإذا استوفى المستأجر الثاني منافعها وكان عالماً بالفساد كان آثماً، وتلزم المستأجر الأول للمالك الأجرة المسماة في الإجارة الأولى وما به التفاوت بينها وبين أجرة المثل للمنفعة المستوفاة إن كان، وأما المستأجر الثاني ففي كونه ضامناً للمالك أو للمستأجر الأول بشيءٍ إشكالٌ إلخ..) [3]
 وقال السيد الأستاذ في المنهاج: (فإذا ركبها المستأجر الثاني وكان عالماً بالفساد كان آثماً وكان للمالك أن يرجع على أي واحدٍ منهما بتفاوت أجرة مثل المنفعة الثانية على أجرة مثل الأولى لا أكثر، كما له حق الفسخ ورد أجرة المسمى وأخذ أجرة مثل منفعة العين في المدة التي كانت بيد المستأجر لتخلُّف المستأجر عن الشرط الضمني المستفاد عرفاً بعدم دفع العين إلى الآخر، ويضمن المستأجر الثاني للأول أجرة مثل المنفعة الفائتة على الأول إذا كان المالك أخذ التفاوت من الثاني، وإن كان أخذها من الأول رجع به على الثاني أيضاً، وإذا كان الثاني جاهلاً ومغروراً من قِبَل الأول لم يضمن إلا أقلَّ الأمرين من أجرة المسمى في الإجارة الفاسدة أو أجرة مثل المنفعة الفائتة.) [4]
 وقال السيد الخوئي : (فإذا ركبها المستأجر الثاني وكان عالماً بالفساد كان آثماً ويضمن للمالك أجرة المثل للمنفعة المستوفاة، وللمؤجِّر بأجرة المثل للمنفعة الفائتة، ولكن مع الجهل وعلم المؤجِّر بالحال يرجع إلى المؤجِّر بما غرمه للمالك) [5] ، وقريبٌ من ذلك ما في منهاج السيد محمد سعيد (ج2) فراجع.
 وقال السيد الحكيم : (وفي كونه ضامنا أجرة المثل للمالك أو للمستأجر الأول إشكال ، والأظهر عدمه بلا فرق بين كونه عالما بالفساد وكونه جاهلا به) [6] ،قال السيد الشهيد: في تعليقته رقم 47 على كلام السيد الحكيم هذا: (بل الظاهر أنه-المستوفي للمنفعة- يضمن أجرة المثل للمنفعة الفائتة للمستأجر الأول ويضمن للمالك التفاوت بين أجرة المثل للعين بلحاظ تلك المنفعة، وأجرة المثل لها بلحاظ كلتا المنفعتين.) [7]
 أقول: وافق كلٌّ من السيد الخوئي في المنهاج، والسيد الشهيد في تعليقته على منهاج السيد الحكيم، والسيد السيستاني، والسيد محمد سعيد، والسيد الأستاذ السيد الماتن فيما لو كانت المنفعة المستوفاة من قبل المستأجر الثاني غير مضادةٍ للمنفعة المملَّكة للمستأجر الأول بالإجارة الأولى، حيث يثبت للمالك الأجرة المسماة على المستأجر الأول، وأجرة المثل على المستأجر الثاني بإزاء المنفعة المستوفاة، وأما إذا كان ما بين المنفعتين المملَّكة بالإجارة الأولى والمستوفاة تضادٌ فإن الإجارة الأولى صحيحة ولا موجب لبطلانها بعد بذل المالك العين للمستأجر ومضي المدة التي بوسعه استيفاء المنفعة إلا أنه لم يستوفها لبذله العين للمستأجر الثاني لاستيفاء المنفعة من العين، وتثبت الأجرة المسماة للمالك على المستأجر الأول، وأما أجرة مثل المنفعة المستوفاة؛ فإن لم تزِد أجرة مثل المنفعة المستوفاة على أجرة مثل المنفعة المملَّكة بالإجارة الأولى للمستأجر الأول فلا يستحق المالك غير الأجرة المسماة على المستأجر الأول، وكان للمستأجر الأول أجرة مثل المنفعة المستوفاة على المستأجر الثاني، هذا مع عدم فسخ العقد لمكان تخلّف ما شرطه عليه المالك ارتكازاً من عدم تسليط الغير على العين وإلا ثبتت للمالك أجرة مثل المنفعة المستوفاة، وأما لو زادت أجرة مثل المنفعة المستوفاة على أجرة مثل المنفعة المملَّكة كان للمالك علاوةٌ على الأجرة المسماة نسبة ما بين الأجرتين: المسماة والمثل والباقي للمستأجر على المستوفي ولا تكون للمالك، ونكتة ذلك أنه لمكان التضاد ما بين المنفعتين المملَّكة والمستوفاة فإن المالك لا يكون مالكاً لكلتا المنفعتين المملَّكة والمستوفاة وإنما يكون مالكاً لخصوص المنفعة المملَّكة للمستأجر الأول دون المنفعة المستوفاة، فلذا يستحق الأجرة المسماة ليس إلا، دون أجرة مثل المنفعة المستوفاة لعدم كونه مالكاً لها، وإنما يستحق أجرة مثل المنفعة المستوفاة المستأجرُ الأول على الثاني لا لكونه مالكاً وإنما بملاك التفويت، وهذا ما ذكره بعض من تقدَّم ذكرهم من الأعلام فلاحظ.
 نعم لو كانت أجرة مثل المنفعة المستوفاة أزيد من أجرة المسماة استحق المالك التفاوت لكونه مملوكاً له ولا يشمله التضاد بين المنفعتين فلذا يستحق هذا التفاوت منضمَّاً إلى الأجرة المسماة.
 إلا أنك عرفت أنه لا تضاد ما بين المنافع على مستوى الملكيَّة، وإنما التضاد في مقام تحصيل تلك المنافع؛ وموضوع الضمان الأول لا الثاني، فلذا يستحق المالك الأجرتين المسماة والمثل لما استوفاه الغير من منفعة العين رغم التضاد ما بين المنفعتين في مقام التحصيل والاستيفاء لعدم التضاد بينهما في مقام الملكيَّة والذي عرفت أنه هو الموضوع للضمان.
 والحمد لله رب العالمين.
 
 
 
 
 
 
 
 
 


[1] - منهاج الصالحين للسيد الحكيم ج 2 ص 124
[2] - منهاج الصالحين للسيد الحكيم ج 2 ص 124
[3] - منهاج الصالحين للسيد السيستاني ج 2 ص 129مسألة 446
[4] - منهاج الصالحين للسيد الهاشمي ج 2 ص 120 مسألة 442
[5] - منهاج الصالحين للسيد الخوئي ج 2 ص 93 مسألة 442
[6] - منهاج الصالحين للسيد الحكيم ج 2 ص 124
[7] - منهاج الصالحين للسيد الحكيم ج 2 ص 124و 125

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo