< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/02/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع

/

حجية العقل/ مناقشة الإخباري

 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 كان الكلام في النقاش مع الإخباري وقلنا انه لا ينبغي التشكيك بحصول اليقين وذلك لأن الخطأ في المقدمات العقلية لا يخلو إما في المادة، فالمادة بحسب الفرض هي أولية بديهية ، وإما في الهيئة فعلم المنطق هو الذي يتكفلها وهو الذي يعصم الفكر عن الخطأ .
 وقلنا بان المحدث الاسترآبادي أجاب عن ذلك بأنه لا نسلم بان المادة بديهية دائما فقد تكون نظرية تحتاج إلى إعمال فكر ومن هنا يتسرب لها الخطأ.
  وأجيب: في كلماتهم بان مآل الخطأ إلى الصورة لا إلى المادة لأن الفكر البشري يسير من معارف أولية إلى استخراج معارف نظرية بطريقة القياس المنطقي، والمنطق بدوره يحدّد صورتها،
 فالخطأ إن كان في الصورة يمكن التخلص منه بالتطبيق الصحيح لعلم المنطق،
 وان كان في المادة فلا تخلو إما أن تكون أولية أو نظرية، والأول لا مجال لتسرب الخطأ إليها، والثانية لا شك بأنها مستخرجة من قياس مادته أولية فننقل الكلام حتى ينتهي الأمر إلى خطأ في الصورة ولا يعقل أن يكون في المادة لأنه لا خطأ في المعارف الأولية بعد أن كانت ضرورية .
 أقول للإخباري أن يجيب: تارة نسلم بتقسيم المعارف البشرية إلى أولية ونظرية وأخرى لا نسلم،
 فعلى التسليم بهذا التقسيم،فلا يخلو الواقع إما أن تكون كل المقدمات في القياس بحسب الكبرى وأصل القاعدة وبحسب التطبيق،-أي كبرى وصغرى - بديهية أو لا ،
 فعلى الأول: لا يتسرب الخطأ، ولكنه واضح البطلان إذ لو كانت كل المقدمات بديهية لما وقع الخطأ خارجا والتالي باطل فكذلك المقدم إضافة إلى انه لم يدّع ذلك أحد،
 وعلى الثاني: ولا أقل يكون بعضها غير ضروري، فإن كانت عدم البداهة على مستوى الكبرى فسيكون الخطأ في نفس القواعد التي كان يرجى منها العصمة عن الخطأ في التفكير، وان كانت عدم البداهة في التطبيق كنا بحاجة إلى عاصم آخر، وهذه المرحلة ليس على مستوى القواعد، وإنما في مرحلة التطبيق ولا يغني أحدهما عن الآخر أعني القواعد التي تعصم عن الخطأ في التفكير عن وجود ما يعصم عن الخطأ في تطبيق تلك القواعد، فان علم المنطق يعطي الضمانة ويعصم الفكر على مستوى الكبرى، وأما في عالم التطبيق فلا عاصم من الخطأ بلحاظه.
 المعارف القبلية الأولية
 إلا أن هذا الكلام برمته نسير به حسب منهاج القوم من وجود معارف قبلية أولية نخلص من خلالها إلى المعارف الثانوية وهي تتلخص بحسب نظرهم في قضايا ست بديهية هي مواد البرهان وهي:
  1. الأوليات،
  2. والفطريات إذا لم نرجعها إلى الأوليات، وهي القضايا البديهية التي قياساتها معها والتي يكفي فيها الالتفات إلى كل من الموضوع والمحمول للجزم بثبوت الثاني للأول بلا توسيط أمر آخر،
  3. والتجريبيات،
  4. والمتواترات،
  5. والحدسيات،
  6. والحسيات.
 وأما بحسب منهاج السيد الشهيد فان المعارف القبلية التي يتسلح بها الفكر البشري لتكوين المعرفة البشرية وتراكمها تقتصر على خصوص القضايا الأولية والفطرية دون الأربعة البقية فان المعرفة البشرية فيها ليست قبلية وإنما بعدية تثبت بحساب الاحتمالات والتي يكون السير الفكري فيها من الخاص إلى العام.
 وملخص البحث أن أكثر هذه القضايا بداهة وهي الحسية كانت بحاجة إلى الدليل الاستقرائي لكي تستمد حقانيتها ولا يكفي فيها مجرد دعوى بداهتها، وذلك أن:
  القضايا الحسية على نحوين:
 النحو الأول: ما لو كان الواقع المحسوس أمرا وجدانيا كالإحساس بالألم وهذا لا إشكال في أوليته بلا حاجة إلى دليل الاستقراء لأن الإدراك في هذا النحو يتصل بالمدرك حيث يكون المدرك بنفسه ثابتا في النفس إذ ليس له واقع موضوعي خارج النفس يكون له انعكاس في النفس مع الواقع.
 النحو الثاني: ما لو كان الإحساس بالواقع الموضوعي خارج عالم النفس كالإحساس بالكرسي الذي تجلس عليه، وهذا النحو لا يتعلق إحساسنا به مباشرة،
 لذا قد وقع الكلام حول كيفية إثبات واقعيته لمجرد انطباع صورته في الذهن، والبحث عن مطابقة ذاك الانطباع للواقع، ومن هنا وجد عدة اتجاهات في تفسير ذلك:
 الاتجاه الأول: ما عليه فلاسفة المسلمين من أن القضايا المحسوسة هي أولية وضمان حقانيتها وتحقق المحسوس في الواقع ناشئ من أوليتها وبداهتها التي لا يحصل الخطأ فيها.
 وأورد عليهم: برفض أوليتها باعتبار وقوع الخطأ فيها، مع انه لو كانت كما زعم فلاسفة المسلمين لما وقع الخطأ فيها.
 الاتجاه الثاني:وهو التفصيل بين الواقع الخارجي على إجماله والواقع التفصيلي وان المعرفة الحسية بالواقع الخارجي على إجماله أولية وضرورية بخلافه بالنسبة للواقع التفصيلي، فتفاصيل المعرفة الحسية ليست حسية.
 الاتجاه الثالث: ما سلكه السيد الشهيد في كتابه القيم فلسفتنا من إرجاع المعرفة الحسية إلى معرفة مستنبطة من مبدأ العلية باعتبار أن الصورة الحسية المنطبقة في الذهن حادثة لا بد لها من علة، وعلتها واقع ذي الصورة الموجود في الخارج، وإلا لما انطبعت الصورة في الذهن وقانون العلية قضية أولية.
 وهذا جوابه: أن هذا القانون غاية ما يقتضي هو وجود علة لحصول الصورة في الذهن إلا انه لا يوضح لنا ماهية هذه العلة، وهل هي وجود ذي الصورة في الخارج؟ أو أنها حركة ذهنية لدى من انطبعت عنده هذه الصورة في الذهن، فان هذا الاتجاه لا يوضح ذلك.
 والحمد لله رب العالمين
 
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo