< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

32/11/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 كان الكلام في ما أفاده الشيخ الأنصاري من أن إطلاق دليل الحجية يمكن أن ينزل الأمارة منزلة القطع بلحاظ آثار القطع الطريقي وبلحاظ آثار القطع الموضوعي وقلنا بان صاحب الكفاية أشكل عليه بأنه لا يعقل للزوم اجتماع اللحاظين الآلي والاستقلالي ، وقد أجابت مدرسة النائيني أن محذور اجتماع اللحاظين مبني عل مسلك التنزيل وأما لو قلنا بالاعتبار فلا يتم ، وقلنا بان جواب مدرسة الميرزا قابل للنقاش .
 نقاش جواب مدرسة الميزرا
 وحاصل ما فيه : إن هذا الجواب يتم لو كان البيان المأخوذ عدمه في موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وهكذا العلم المأخوذ في موضوع دليل حكم القطع الموضوعي هو الأعم من الحقيقي والإدعائي ، حيث يكون اعتبار الأمارة علما محققا لفرد من جامع العلم وهو معنى الورود إلا أنه محض افتراض بلا دليل ، وذلك لأن موضوع التأمين العقلي لا يرتفع بمجرد إنشاء العلمية واعتبارها كذلك ، بدليل أنه ربما هدد ظالم المولى بولده إن لم يجعل الأمارة علما فاعتبرها كذلك لا بداعي إبراز اهتمامه بالغرض اللزومي في صورة الشك والالتباس ، وإنما درءا للخطر عن ولده ، فإن مجرد جعل العلمية لا يوجب ارتفاع موضوع حكم العقل بالتأمين ، نعم إذا كان الغرض من ذلك إبراز اهتمام المولى بالغرض الواقعي في مورد الشك وعدم البيان ، فيمكن القول بالورود، وذلك لأنه إنما يرد دليل حجية الأمارة على القاعدة العقلية فيما لو كان مدلوله التصديقي مزيد الاهتمام بالغرض الواقعي في موارد الشك وعدم الرضا بضياعه ، وإلا فإن مجرد جعل العلمية لا يكفي لرفع موضوع حكم العقل بالتأمين ، وهكذا الحال بالنسبة لدليل القطع الموضوعي حيث أخذ في موضوعه عنوان القطع، وهو لا يشمل إلا أفراده الحقيقية دون الاعتبارية ومجرد اعتبار الأمارة علما لا يحقق مصداقا لهذا العنوان ، وبناء على ذلك فلا بدَ من أجل إسراء حكم ذلك الدليل أن يكون دليل جعل العلمية ناظرا له حتى يتم تنزيل ما ليس بعلم علما والذي يرجع إلى الحكومة التنزيلية ولا ربط له بالورود وهذا ما فرّ منه الميرزا .
 استفحال المشكلة بناء على جواب النائيني
 بل هنا سوف تستفحل المشكلة ، إذ لو تمشينا مع ما ذكره الميرزا من اعتبار العلمية فحيث ان دليل الحجية لم يكن بلسان التنزيل فلا إطلاق في البين ليتمسك به من أجل ترتيب جميع آثار القطع سواء القطع الطريقي أو الموضوعي ، بل غاية ما يستفاد من اعتبار الأمارة علما ثبوت آثار القطع في الجملة ، وذلك لأنه لما كان الاعتبار صادرا من حكيم وصونا لهذا الاعتبار عن اللغوية لا بد وان يضمّن هذا غرضا وداعيا وحيث إن هذا السنخ من الدلالات عقلية فإنها لا تثبت إطلاقا لكفاية ثبوت الأثر في الجملة لرفع محذور اللغوية ونفيها وصون كلام الحكيم عنها ، والقدر المتيقن من اعتبار الأمارة علما ترتب آثار القطع الطريقي دون القطع الموضوعي ، فلا لغوية ولا إطلاق في دلالة الاقتضاء يقتضي ترتب آثار القطع الأعم من الطريقي والموضوعي .
 أضف إلى ذلك أننا لسنا أمام لفظ محدد حتى نبحث عن مدى دلالته على ترتيب الآثار الأعم من القطع الطريقي والموضوعي ، لأن المهم في الدليل على الحجية سيرة العقلاء كدليل لبي لا لسان لها ، وكل ما بأيدينا من أدلة لفظية لم تثبت دلالتها على اعتبار الأمارة علما حتى نبحث عن أن هذا الاعتبار في خصوص موارد القطع الطريقي أو الأعم منه ومن الموضوعي ، وإنما هو دليل لبي ولا يستفاد من السيرة المنعقدة على حجية الأمارة أزيد من التنجيز والتعذير ، ونكتة ذلك أنه ليس للعقلاء أحكام قد أخذ القطع فيها موضوعيا بنحو يشكل سيرة لديهم ، وإنما الشائع في المولويات العرفية أن يكون القطع فيها مجرد طريق إليها حيث انعقدت السيرة على اعتبار بعض الأمارات كطريق إلى الواقع بدلا عن القطع به ، اللهم إلا أن يدعى قيام السيرة على اعتبار الأمارة علما لترتيب الأحكام الشرعية التي أخذ القطع في موضوعها إما على نحو تمام الموضوع أو جزئه ، وهذا قد عرفت فيما سبق عدم تماميته ، لأن تصرف كل مشرع في دائرة تشريعاته وساحة تقنينه ولا يتناول أحكام العقل .
 وسوف يأتي مزيد كلام حول هذا المطلب غدا إنشاء الله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo