< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الاصول

32/11/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع/ قيام الأمارات مقام القطع/ القطع الطريقي
 
 قيام الامارة مقام القطع
 وصل بنا الكلام إلى مبحث قيام الأمارات مقام القطع والكلام تارة في قيامها مقام القطع الطريقي ،وأخرى في
 قيامها مقام القطع الموضوعي ، والموضوعي تارة يكون على نحو الطريقية واخرى على نحو الصفتية ، وعليه فالبحث في أمور :
 الأمر الأول : في قيام الأمارة مقام القطع الطريقي ، وقد تقدم أن ما يمتاز به القطع الطريقي عن الموضوعي هو التنجيز ، سواء كان القطع بصغرى الموضوع او بكبرى الجعل ، ومن الواضح أن الأساس في التنجيز والتعذير هو القطع لذا فكل طريق لا بد أن يكون طريقا قطعيا أو ينتهي إلى القطع حتى يكون حجة ، ،والأمارة تارة تنجّز الحكم الواقعي ، وأخرى الحكم الظاهري سواء طابق الواقع أم لا ،
 شبهة استحالة قيام الأمارة مقام القطع الطريقي
 وحاصلها أنه إن كانت الأمارة منجزة للحكم الواقعي ، يلزم التنافي مع قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وتوضيح ذلك: أن الأمارة رغم جعل الحجية لها لا تفيد أكثر من الظن ، وحيث إن الظن ليس بيانا ، وموضوع قاعدة قبح العقاب هو عدم البيان فيستفاد منها التأمين على الواقع وأن المكلف معذور في تركه ، في حين أن الإمارة تنجز الواقع ومفادها أن المكلف غير معذور في الترك ، فيقع التنافي بين قاعدة قبح العقاب بلا بيان التي تفيد التأمين ، الأمارة الذي تنجز الواقع وتلزم المكلف بالجري على وفقها .
 وإن نجزت الحكم الظاهري ، فيرد إشكالان :
 الإشكال الأول: أنه مهما قلنا في بيان حقيقة الحكم الظاهري وأن المجعول هو التنجيز والتعذير أو الحكم المماثل أو الطريقية والعلمية أو قلنا بنظرية التزاحم في عالم الحفظ كما هو مبنى السيد الشهيد ،فإنه لا ملاك مستقل للحكم الظاهري بمعزل عن الحكم الواقعي المشكوك ، وبالتالي فليس لها تنجيز مستقل عن تنجيز الواقع المشكوك الذي عرفت تمامية التأمين العقلي في مورده ،
 الإشكال الثاني : بناء على أن للحكم الظاهري ملاكا مستقلا وتنجيزا كذلك ، فحينئذ لاحاجة لقيامها مقام القطع ، لأن الغرض من قيامها مقام القطع تنجيزها للواقع المنكشف به ، ومع كون الأمارة لها منجيزيتها المستقلة وأن مؤداها ثابت لدى المكلف بالوجدان فلا حاجة لهذا التنزيل .
 حل الشبهة
 هذه الشبهة إنما يصار إليها بناء على مسلك قبح العقاب بلا بيان ، وأما على مسلك حق الطاعة فلا محل لهذه الشبهة ، سواء على مستوى المنجزية أو على مستوى المعذرية
 أما على الشق الأول :

أعني المنجزية فإنه بناء على مسلك حق الطاعة يكون الاحتمال منجزا، ويحكم العقل بحق الطاعة ولزوم الانبعاث في موارد احتمال التكليف بل حتى في المورد الذي يقابل احتمال التكليف احتمال راجح بعدم التكليف ، وعليه فلو كانت الأمارة منجزة للواقع فلا منافاة بينها وبين حكم العقل بلزوم الطاعة، لأن منجزيتها تتوافق مع ما حكم به العقل من لزوم الانبعاث ، بل تكون الأمارة مؤكدة لذلك التنجيز .
 وعلى الشق الثاني :

أعني فيما لو كان مؤدى الأمارة التأمين على الواقع والمعذرية ، فأيضا لا تأتي الشبهة ، وذلك لأنه بناء على مسلك حق الطاعة لا يكون الاحتمال منجزا على كل حال ، وذلك لأن حكم العقل بلزوم الانبعاث معلق على عدم ورود ترخيص وتأمين من قبل المولى ، فإذا ورد الترخيص فهذا يعني ارتفاع موضوع حكم العقل لأنه من الأصل معلق على عدم ورود الترخيص ، إذ المكلف ليس بأحرص على مولوية المولى من المولى نفسه ، فمع التامين من قبل المولى لا موضوع لحكم العقل بلزوم الطاعة ، وهذا ليس تخصيصا في حكم العقل،بل إن حكم العقل بلزوم الانبعاث مقيد من أول الأمر بعدم ورود الترخيص ، وفي المقام حيث وردت الأمارة والتي مفادها المعذرية والتأمين على الواقع فهي ترخيص من قبل المولى في عدم إطاعة أوامره الاحتمالية .
 وعلى كل حال ، فأصحاب مسلك قبح العقاب بلا بيان يلتزمون بأن الأمارة تنجّز الحكم الواقعي ، والمكلف غير معذور في تركه ، مع أنها تفيد الظن ، والظن لا يكون بيانا ، فالقاعدة تفيد التأمين والمعذرية، وبالتالي فالمكلف معذور في الترك ، فيقع التنافي بين القاعدة ومنجزية الأمارة ، وهذه الشبهة أجابت عنها مدرسة الميرزا بناء على مسلكهم من أن مفاد دليل حجية الأمارة جعل الطريقية بجوابين:
 الجواب الأول : وهو بناء على الحكومة ، وحاصله : أن دليل حجية الأمارة الذي ينزلها منزلة القطع والعلم التعبدي هو حاكم على القاعدة أي رافع لموضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان وبالتالي يكون رافعا للمعذرية وللتأمين المستفاد من القاعدة رفعا تعبديا وإدعائيا ، وبعبارة أخرى فإن الأمارة وإن كانت تفيد الظن إلا أن دليل حجيتها ينزل هذا الظن منزلة العلم والقطع ويصبح مفادها بعد التنزيل العلم التعبدي ، والعلم التعبدي يصدق عليه أنه بيان وبالتالي يكون المكلف معاقبا في صورة المعصية ، لأن القاعدة تفيد التأمين في صورة عدم البيان ، وهذا بيان ، وهذه الحكومة بلسان التوسعة والنظر فيها لعقد الوضع كما هو واضح.
 ويشكل على هذا البيان بإشكالين يأتي بيانهما في الدرس المقبل انشاء الله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo