< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

42/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: مناقشة وجوه الجمع العرفي/ المسألة 11 / التخيير في الأماكن الأربعة/ القاطع الثالث/ قواطع السفر

دعوى أن النسبة بين أخبار الطائفة الأولى والثانية هي العموم والخصوص المطلق، فإن أخبار التمام مطلقة من حيث نية الإقامة وعدمها، واختصاص روايات التقصير بعدم نية الإقامة.

وفيه: إباء أخبار الطائفة الأولى الآمرة بالتمام، عن التخصيص، فإنها لا تتم في مثل الروايات الآمرة بالتمام بمجرد المرور، أو يوم الدخول، أو ولو صلاة واحدة[1] .

    1. ما ذكره الميرزا (قده)[2] من أن الطائفة الأولى نص في التمام، ظاهرة في تعينه، والطائفة الثانية نص في القصر، ظاهرة في تعينه، فنرفع اليد عن ظهور كل منهما بالتعيين بنص الآخر في التمام أو القصر؛ ولذا ينتج التخيير. وإن شئت قلت: إنه ليس منشأ التعارض بين الطائفتين هو نصوصية كل منهما في التمام والقصر؛ لأنه يمكن أن يكون ذلك على وجه التخيير، وإنما منشأ التعارض هو ظهور كل منهما في تعين التمام أو القصر، فيتصرف في كل من الطائفتين برفع اليد عن الظهور في التعيين بنصوصية الطائفة الأخرى بالقصر أو التمام، وهذا ما ينتج التخيير.

وفيه: أنه ما هو المقصود من النصوصية في التمام، والنصوصية في القصر؟ هل بمعنى وجوب التمام ووجوب القصر؟، فمن الواضح أن الطائفتين ليستا نصاً، لا في وجوب التمام، ولا وجوب القصر، وإنما هما ظاهرتان في ذلك، والوجه في ذلك أن منشأ الظهور في الوجوب هي الصيغة، وهي مهما بالغنا في قوة ظهورها لا ترقى إلى أزيد من مستوى الظهور في الوجوب، وأما المادة وإن كانت نصاً في التمام أو القصر، إلا أن مجرد ذلك لا يكفي، بل لا بد من استعلام حال المادة، من خلال الهيئة التي تتهيأ بها، وهي هيئة الأمر في "أتم" أو " قصَّر" وهذه لا تزيد على الظهور في الوجوب، سواء كان إفاتها له على أساس الوضع، أو الإطلاق بصيغه الثلاثة المختلفة، أو بحكم العقل. والحاصل: أننا أمام ظهورين للطائفة الأولى، الأول ظهورها في وجوب التمام، والثاني ظهورها في كونه على وجه التعيين، فلا يوجد أقوائية ظهور في كل من الطائفتين حتى يتصرف بالظهور في التعيين، الذي هو منشأ التعارض، برفع اليد عنه، ومن المعلوم أن الظهور لا يكون قرينة عامة عرفية على ظهور آخر مثله وفي رتبته.

ثم إنه أفاد (قده): أنه مما يشهد لهذا الجمع روايات الطائفة الثالثة، أعني روايات التخيير.

وفيه: أنك بعد أن عرفت دخولها في حلبة المعارضة مع روايات الطائفة الأولى والثانية، فلا تصلح لأن تكون شاهداً على مضمون هو داخل في المعارضة، ونكتة ذلك أن ظهور كل من الطائفتين الأولى والثانية في التعيين، كما أنها تحقق المعارضة فيما بين الطائفتين الأولى والثانية، كذلك تحققها فيما بين كل واحدة من الطائفتين مع الطائفة الثالثة، فمثلاً ظهور روايات الطائفة الأولى في وجوب التمام، وأنه على وجه التعيين، كما أنها تنفي الطائفة الثانية التي توجب القصر على وجه التعيين، كذلك تنفي روايات الطائفة الثالثة التي تثبت القصر على وجه التخيير كأحد فردي وظيفة المكلف في الأماكن الأربعة.

    1. قد عرفت أن المعارضة ثلاثية الأطراف، فإن الطائفة الأولى كما تُكذب الطائفة الثانية الآمرة بالقصر تعييناً، كذلك تُكذب الطائفة الثالثة التي مفادها التخيير، إلا أن الطائفتين الأولى والثانية ظاهرتان في تعيين التمام أو القصر، بخلاف الطائفة الثالثة فإنها أقوى ظهوراً من تينك الطائفتين في التخيير، فنرفع اليد عن ظهور كل من الطائفتين الأولى والثانية في تعيين التمام والقصر بأظهرية الطائفة الثالثة في التخيير. والحاصل: أنه بقرينة روايات القصر، لا سيما صحيحة أبي ولاد، أنه لا يتعين التمام إلا بنية الإقامة، فالأمر بالقصر كالأمر بالأمر بالتمام في أن كل منهما ظاهر في التعيين، وهو قابل للتصرف فيه بحمله على بيان أحد فردي التخيير، لأظهرية أخبار التخيير في التخيير من أخبار القصر والتمام في تعيين خصوص القصر أو التمام.

 


[1] كما مر في الروايات المتقدمة.
[2] كتاب الصلاة، ج3، ص386.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo