< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

41/06/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: المسألة 8 لو قصر المسافر لا عن قصد / القاطع الثالث/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المساف

مسألة 8 :

"لو قصر المسافر اتفاقا لا عن قصد فالظاهر صحة صلاته [1] ، وإن كان الأحوط الإعادة [2] ، بل وكذا لو كان جاهلا بأن وظيفته القصر فنوى التمام لكنه قصر سهوا ، والاحتياط بالإعادة ( 4 ) في هذه الصورة آكد وأشد".[3]

تعرض فيها لفرع ذكره المحقق في الشرائع، وهو أن المسافر لو كان ناوياً للتمام جهلاً بأصل الحكم، أو بخصوصيته، أو بالموضوع، أو نسياناً للموضوع، أو الحكم، إلا أنه غفل عن ذلك وسلَّم على الركعتين، فكان تقصيره إتفاقياً غير مقصود، وقد حكم ببطلان صلاته، وأدعى في الجواهر نفي الخلاف على البطلان بالنسبة لكل من تعرض لهذا الفرع.

ولعل منشأ الحكم بالبطلان، إما أن المذكورين، من الجاهل، أو الناسي، المسافر تنقلب وظيفته واقعاً من القصر إلى التمام، ومن المعلوم أن القصر في موضع التمام موجب لبطلان الصلاة، وإما على اختلاف حقيقة القصر والتمام، وأنهما ماهيتان متعددتان، وقد قصد المسافر التمام؛ لاعتقاده جهلاً، أو نسياناً، ذلك وقد تحقق في الخارج ماهية أخرى لم تكن منوية، ولا مقصودة، فما قُصِدَ لم يقع وما وقع لم يقصد.

وقد عرفت بما لا مزيد عليه مما ذكرناه في المسائل السابقة، أن وظيفة المسافر الجاهل، أو الناسي، لم تنقلب من القصر إلى التمام، وإنما وظيفته تعييناً القصر، غايته الحكم بصحة الصلاة الرباعية لو أتى بها الجاهل، أو الناسي، لا أن وظيفته انقلبت من القصر إلى التمام، وعليه فلو أتى بها قصراً ولو سهواً يكون قد أتى بما هو وظيفته.كما أنك عرفت أن القصر والتمام فردان وحصتان من حقيقة واحدة وطبيعة فاردة، وإنما الاختلاف فيما يرجع إلى الخصوصية، لا إلى الماهية المأمور بها، وإنما هي واحدة.

إلا أن صاحب الجواهر أفاد في وجه البطلان، تبعاً لما في المبسوط بما حاصله: أنه قد صلَّى صلاة يعتقد فسادها، وأنها غير المأمور بها.

والصحيح أن الصرر المحتملة في الفرض هي:

    1. أن يكون النظر إلى صروة الالتفات إلى عدم الأمر بالقصر، بالنسبة للصلاة المأتي بها، والتي سلم فيها على الركعتين، والحكم حيئنذٍ بالبطلان تام؛ لكونه ملتفتاً إلى عدم الأمر بالظهر ــ مثلاًــ قصراً، وإنما بالتمام، ومع ذلك أتى بها قصراً. والحاصل: أن وظيفته التمام، فيكون القصر المأتي به غير مأمور به.

مع أنه يمكن تصحيحه بما تقدم من أن التشريع في تطبيق المأمور به على المأتي به، وليس في الأمر حتى يكون خالياً من التقرب المعتبر في عبادية المأتي به، فيأتي بالقصر على أساس أنه عين المأمور به الذي هو التمام.

إلا أن عبارة الماتن تأبى هذه الصورة، فإن قوله: لو قصر المسافر اتفاقاً، ظاهرة في رجوع الالتفات إلى القصر، أي كان من نيته التمام، إلا أنه وقع منه القصر اتفاقاً وبلا قصد.

    2. أن يقع السلام منه بلا قصد إليه، كالفعل الصادر من غير نية، مثل النائم بلا قصد غليه، وفي مثله لا محصل لدعوى الإجزاء؛ لفوت التقرب في فعل السلام المعتبر فيه ذلك. فلو أتى بالمنافي يحكم بالبطلان، ولو لم يأتِ به يُحكم بتجديد السلام بقصد الصلاة والتقرب، بعد التفاته إلى ذلك.

    3. أن يصدر السلام منه سهواً، بأن يعتقد أن عليه التمام، ثم يسلم على الركعتين، باعتقاد أنه أتى بالأربع، وأن التسليم على الأربع، وفي مثل ذلك يُحكم بالصحة والإجزاء، وعدم لزوم الإعادة قصراً بعد علمه بأنه حكمه، لعين ما تقدم في المسألة السابقة.

ثم إن الماتن تعرض لصورة الجهل بأصل الحكم، فقصد التمام على أساس أنه وظيفته، وجاهلاً بكون وظيفته القصر، إلا أنه مع قصد التمام قصّر سهواً، وقد حكم الماتن بصحة ما أتى به من قصر، ثم ذكر أن الاحتياط بالإعادة في هذه الصورة أشد وآكد.

وقد ذهب البعض إلى البطلان؛ لتبدل وطيفة الجاهل من القصر إلى التمام وانقلاب حكمه، فيكون القصر غير المأمور به، فيحكم ببطلان المأتي به، ولا بدية إعادتها تامة؛ لأن المأتي به ـ المقصورةـ لم يكن مأموراً به، وإنما الأمر تعلق بالتمام الذي لم يأتِ به، لا بالقصر وحسب. فمقتضى القاعدة لا إجزاء للمأتي به المصورة عن التمام المأمور به، ولا دليل خاص دلَّ على صحة ذلك، وإجزائه عن المأمور به الواقعي.

وفيه: أنه لا دليل على كون وظيفة الجاهل التمام مطلقاً، حتى ولو جاء بالقصر، وإنما المستفاد من الأدلة صحة صلاته لو أتى بها تامة، لا أن وظيفته انقلبت من القصر إلى التمام، بل لازمه وجوب القضاء تماماً لو لم يأتِ به في الوقت حتى ولو علم بعد خروج الوقت أن وظيفته القصر؛ لأنه مسافر.

إن قلت: أن مفاد دليل القضاء التوسعة في وقت الأداء.

وفيه: أن ذلك لا ينفع؛ لأنه لا بد من التطابق بين الأداء والقضاء، فلو لو يصلِّ داخل الوقت في صورة الجهل، فقد فاته التمام. ودليل القضاء يدل عىل توسعة الوقت للتمام، فيجب القضاء خارج الوقت تماماً حتى لو علم بأن حكم المسافر القصر. فالوظيفة تعييناً هي القصر، ولا تبدل إلى الجامع ما بين القصر والتمام، غايته أنه لو أتى بالتمام جهلاً بأصل الحكم صحت الصلاة المأتي بها، كل ذلك حسب ما تضمنته أدلة إجزاء التمام عن القصر بالنسبة للجاهل بأصل الحكم، لا أنه مخير بين القصر والتمام، ولا أن وظيفته التمام تعييناً. وإنما لو زاد ركعتين جهلاً بأصل الحكم صحت صلاته بمقتضى الأدلة، وبما أن المأمور به واقعاً هو القصر تعييناً، وقد سهى حسب الفرض عن التمام وسلم على الركعتين، وقد أتى بالتسليم قاصداً لذلك، ومتقرباً به، فالصحيح: هو الحكم بصحة الصلاة، ولا موجب للإعادة. ونية التمام لا تكون قادحة في صحة المأتي به قصراً بعد أن عرفت أن خصوصية التمام والقصر ثابتة للمصداق والفرد، لا أنها موجبة لتعدد الطبيعة واختلاف الحقيقة المأمور بها.

 


[1] لا يخلو من إشكال وكذا ما بعده . ( الحكيم ).
[2] بل لا بد منها في هذا الفرض فضلا عما يليه . ( آل ياسين ) . * هذا الاحتياط لا يترك . ( النائيني ) * بل لا يترك فيها . ( الگلپايگاني ).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo