< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

41/05/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: المستفاد من الروايات وكلام السيد الخوئي/المسألة 4/ ما لو صام في السفر/ القاطع الثالث/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

والقدر المتيقن من هذه الصحاح صورة الجهل بأصل الحكم، حيث دلت على الإجزاء وعدم وجوب الإعادة. وقد أوجبت الإعادة في صورة العلم بالحكم مطلقاً، سواء صورة العمد وغيره. وأما صورة الجهل بالخصوصيات، وهكذا الجهل بالموضوع، قد يُستدل على الإجزاء، وبالتالي عدم وجوب القضاء،، بإطلاق كل من صحيحة العيص بن القاسم، وصحيحة ليث المرادي، فإن من يصوم في السفر بجهالة لم يقضه، فلا فرق بين الجهل بالحكم، أو الجهل بالخصوصيات، أو الجهل بالموضوع. إلا أنه يخصص بكل من منطوق صحيحة الحلبي، ومفهوم صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله، فإنهما ظاهران في اعتبار الجهل بأصل الحكم شرطاً في الإجزاء، وبالتالي الصحة وعدم القضاء، فيقدمان عليهما بالأخصية.

نعم لو سُلِّم تساوي الصحاح هذه، ولم تكن هاتان الصحيحتان أخص مطلقاً من تينك الصحيحتين، فمع فرض أن ظهور هاتين الصحيحتين أقوى من تينك الصحيحتين قدمتنا عليهما بملاك أقوائية الظهور، وإلا فإن التعارض يستحكم فيما بينها، وبعد التساقط يكون المرجع ما دل على بطلان الصوم في السفر فيحُكم بوجوب القضاء في هاتين الصورتين، أعني الجهل بالخصوصيات أو بالموضوع.

هذا هو التعبير الصحيح للمطلب، خلافاً لما ورد في بعض التقريرات من أن مقتضى صناعة الإطلاق والتقييد، لا بدية حمله على الجهل بأصل الحكم، ثم قال: لصراحة الطائفة الأولى في أن المناط في الصحة عدم بلوغ النهي الظاهري في الجهل بأصل الحكم فهي أخص من الثانية، فتقيدها لا محالة. ثم قال: ومع تكافؤ الظهورين وتساوي الاطلاقين من غير ترجيح في البين، فغايته تعارض الطائفتين وتساقطهما، والمرجع عموم ما دل على بطلان الصوم في السفر[1] .

إلا أن في كلامه تأملاً ظاهراً، فإن التعليل بصراحة الطائفة الأولى غير صحيح، بعد فرض أن هذه الطائفة أخص من تلك، فإنها تُحمل تلك على هذه وتُقيَّد بها، وإنما نحتاج إلى صراحة إحدى الطائفتين في صورة تساويهما، لا في صورة أخصية إحداهما وأعمية الأخرى. ومع فرض التساوي، فمع تكافؤ ظهور الطائفتين يُحكم بالتساقط، ويكون المرجع عموم ما دل على بطلان الصوم في السفر.

وقد أورد عليه السيد الخوئي[2] بأن اختصاص الطائفة الأولى بالجهل بأصل الحكم مبني على أن لفظة "ذلك" في قوله (ع): إن كان بلغه أن رسول الله (ص) نهى عن ذلك، تشير إلى طبيعي الصوم في السفر، حيث يصدق على الجاهل بالخصوصية مع العلم بأصل الحكم أنه بلغه، فنهى النبي (ص) عن ذلك، ثم ذكر (قده) أنه بعيد عن مساق الرواية بحسب المتفاهم، بل ظاهر الصحيح أن المشار إليه هو الصوم الصادر عن الرجل على ما هو عليه من الخصوصيات، لا طبيعي الصوم العاري عن الخصوصيات، ومن الواضح أن الجاهل بالخصوصية لم يبلغه نهي النبي (ص) عن تلك الخصوصية من الصوم، وذلك الصنف الخاص منه، ولذا يشمله الحكم بعدم وجوب القضاء المطابق مع مضمون الطائفة الثانية، من دون ثبوت معارض ولا مخصص.

ونكتة ذلك: أن نهي النبي (ص) عن الصوم في السفر إنحلالي، ينحل إلى نواهي عديدة بعدد الحصص من الصيام، الواقعة في السفر، وهذا الفرد من الصوم الخاص الصادر من الجاهل بالخصوصية لم يبلغه نهي النبي (ص) فيكون محكوماً بعدم وجوب القضاء حسب مفاد صحيحة الحلبي، ولو سلم الإجمال في صحيحة الحلبي، وأن المشار إليه طبيعي الصوم في السفر أو الحصة منه المشتملة على الخصوصية، فالمرجح إطلاق صحيح العيص بن القاسم الدال على نفي القضاء عن مطلق الجاهل بلا معارض.

 


[1] مستند العروة الوثقى، السید ابو القاسم الخوئی، ج8 ص374.
[2] ن، م ص374-375.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo