< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

41/03/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: المسألة 39 و40/ لا فرق في التردد بين البلد أو القرية أو المفازة/ اتحاد مكان التردد/ القاطع الثالث/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

مسألة 39 :

"لا فرق في مكان التردد بين أن يكون بلدا أو قرية أو مفازة".[1]

ذهب الشهيد على ما يظهر من بعض كتبه، كالدروس واللمعة، إلى اشتراط أن يكون التردد في مصر، وقرية، وبلد، وكأنه لا يصح التردد في مفازة، أو أرض ليست بقرية، والتشكيك في في أصل اشتراطه ذلك، فإن عبارته غير واضحة الظهور في الاشتراط، وكأن عبارته واردة مورد التمثيل، وعلى فرض الاشتراط، ربما كان مستنده الروايات التي ورد فيها ذكر البلد والمدينة، فيقتصر عليها، بحيث لا تشمل مثل المفازة، مضافاً إلى أن المصر والبلد مضبوط ومسور حساً أو تقديراً، بحيث يصدق التردد في مكان واحد والخروج عنه، بخلاف المفازة التي لا حصر لمكان التردد، لا حساً ولا تقديراً.

وفيه: أما الوجه الأول: فتدفعه روايات الأرض التي هي مطلقة لمثل الأرض المعمورة والمسكونة وغيرها، ولا وجه لتقييدها بخصوص الأولى، فإنه بلا موجب.

ومنه يُعلم جواب الوجه الثاني، إذ لا يُراد التردد في مفازة مترامية الأطراف، وإنما في جانب محدود منها، وهذا هو المقصود من التردد في ا لأرض، الذي ورد في جملة من الروايات.

مسألة 40 :

"يشترط اتحاد مكان التردد، فلو كان بعض الثلاثين في مكان وبعضه في مكان آخر لم يقطع حكم السفر وكذا لو كان مشتغلا بالسير وهو متردد فإنه يبقى على القصر إذا قطع المسافة ولا يضر بوحدة المكان [2] إذا خرج عن محل تردده إلى مكان آخر ولو ما دون المسافة [3] بقصد العود إليه عما قريب إذا كان بحيث يصدق عرفا أنه كان مترددا في ذلك المكان ثلاثين يوما كما إذا كان مترددا في النجف وخرج منه إلى الكوفة لزيارة مسلم أو لصلاة ركعتين في مسجد الكوفة والعود إليه في ذلك اليوم أو في ليلته [4] بل أو بعد ذلك اليوم[5] " [6]

قد اتضح هنا وفي القاطع السابق اشتراط وحدة المكان الذي يتم فيه التردد، والدليل على ذلك دلالة روايات الباب على أن غاية هذا القاطع الخروج أثناء التردد، بحيث يكون خروجه عن ذلك المكان إلى أي مكان آخر، نافياً للتردد، وبقاؤه موجباً لصدق التردد. مضافاً: إلى أنه لو تردد في مكان أياماً، وفي أخر أياماً أُخر، بحيث لا يجمع المكانين وحدة عرفية، فإنه لا بلحاظ المكان الأول يصدق أنه تردد ثلاثين يوماً، ولا بلحاظ المكان الثاني كذلك، وإن كان بلحاظ مجموع المكانين حصل له ذلك، إلا أنه لا تجمعهما وحدة عرفية، فلا يصدق بلحاظ المكان الواحد أنه تردد ثلاثين يوماً حتى يخرج به عن عمومات وجوب القصر على المسافر، ومثل ذلك ما لو حصل له التردد في منازل سفره، وهو متشاغل بالسير، كالنجفي الذي خرج ناحية بغداد، وكان يحصل له التردد على رأس كل فرسخ، فإن حكمه القصر لو قطع المسافة. ثم إن البحث يقع في كون الخروج عن محل التردد، هل يكون قادحاً في صدق التردد؟ أولا؟.

والصور المفروضة أن الخروج عن محل التردد لا يخلو إما أن يكون لخراج وأطراف البلد – مثلاً- المتردد فيها كالخروج إلى بساتين البلدة، أو إلى مقبرتها، أو إلى عينها، وهكذا أو يكون الخروج لخارج سور المكان المتردد فيه، وخارج حد ترخصها، سواء كان قريباً من محل التردد ، إلا أنه لا تجمعه مع محل التردد وحدة عرفية، أو بعيداً، إلا أنه دون المسافة، ولو بقليل، وإلا لانقطع هذا التردد بالسفر المسافة الشرعية، وكنا بحاجة إلى تردد جديد، ثم على التقادير من كون الخروج إلى خراج السور وحد الترخص قريباً إلا أنه لا يجمعه وحدة عرفية، أو بعيداً لكنه دون المسافة، تارة يكون الخروج يسيراً كالساعة والساعتين، وأخرى يكون الخروج تمام اليوم، ويعود ليلاً إلى محل تردده، وثالثة يكون الخروج تمام اليوم والليل ويعود إلى محل تردده في اليوم التالي، وعلى فرض الخروج اليسير، قد يكون متكرراً، كمن تردد في النجف الأشرف وكان يخرج يومياً الساعة أو الساعتين إلى الكوفة لزيارة مقام مسلم (ع) أو الصلاة ركعتين في مسجد الكوفة.

وقد حكم الماتن (قده) بعدم انقطاع التردد في تمام هذه الصور، وبالتالي لا يحتاج إلى استئناف عدة تردد جديدة؛ لعدم قادحية كل هذه الأنحاء من الخروج؛ لتردده في النجف الأشرف مثلاً وعدم منافاتها لذلك، نظير ما تقدم في القاطع السابق من عدم منافاة هذه الأنحاء من الخروج للإقامة عشرة أيام في مكان محدد، إلا الخروج السفري، وفي غير ذلك فإن الخروج إلى ما دون المسافة، فضلاً عن الخروج إلى مكان قريب من محل التردد لا يضر بصدق وحدة المكان، المشترطة في التردد ثلاثين يوماً.

والحاصل بحسب نظر الماتن: أن ما ينافي الإقامة مع التردد ليس مجرد الخروج، ولو إلى خارج حد الترخص، إلا أنه دون المسافة، وإنما الارتحال وعدم العود إلى محل التردد، فلو خرج ولم يرتحل يصدق عليه المقيم لا عن قصد، أي عن تردد حتى ولو خرج إلى خارج حد الترخص، لكن دون المسافة، طالما أنه لا ينتهي هذا الخروج إلى صدق الارتحال وعدم العود المنافي للإقامة لا عن قصد.

وروايات الباب تفيد ذلك، وأن الموجب للتمام هي الإقامة على وجه التردد ثلاثين يوماً، في مقابل الارتحال، فما لم يكن مرتحلاً وكان مقره في محل تردده يصدق عليه المقيم، ولو عن غير قصد، وإن خرج لبعض حاجاته، لكن دون المسافة. نعم لو صار مكثه في خارج محل التردد بمقدار تبطل معه إقامته المترددة، كالإقامة في الخارج أكثر من ثلاث ليالٍ، بل ليلتين.

هذا مع قصد العود إليه، سواء امتدت فترة الخروج اليوم والليلة، أو كانت تمام النهار، أو بعضه، حتى الساعة والساعتين، فإن كل تلك الأنحاء لا تنافي صدق وحدة المكان المشترطة، بل الخروج إلى أطراف بلد التردد التي يجمعها مع محل التردد وحدة عرفية، ليس هو الخروج المبحوث عنه.

 


[2] فيه نظر ووجهه ظاهر. (آقا ضياء). * بل الظاهر أنه يضر. (الحكيم). * قد مر الإشكال فيه وأنه لا يترك الاحتياط فيه بالجمع. (الخوانساري). * حكمه حكم الإقامة. (الفيروزآبادي).
[3] الظاهر عدم جريان حكم المتردد عليه إذا خرج وتجاوز عن محل الترخص إلى مكان آخر ولو كان من نية العود من ساعته. (الجواهري).
[4] إذا كان الخروج في أول اليوم والعود في الليل فلا يخلو من إشكال فضلا عما إذا كان العود بعد المبيت بل هو ممنوع إذا كان مكررا. (الإمام الخميني).* راجع المسألة 8. (الشيرازي).
[5] فيما إذا بات الليلة أو عاد بعد الغد إشكال. (الحائري). * على إشكال كما مر في المقيم. (آل ياسين). * هذا لا يخلو من إشكال. (البروجردي). * الاعتبار إنما هو بصدق البقاء ثلاثين يوما في محل واحد وفي صدقه فيما إذا خرج تمام اليوم إشكال بل منع. (الخوئي). * فيه إشكال فلا يترك الاحتياط. (الگلپايگاني).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo