< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

41/03/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: المسألة 37 تحديد المراد من الشهر الهلالي/ القاطع الثالث/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

مسألة 37 :

"في إلحاق الشهر الهلالي إذا كان ناقصا بثلاثين يوما إذا كان تردده في أول الشهر وجه لا يخلو عن قوة (2) وإن كان الأحوط (3) عدم الاكتفاء به ".[1]

قد تقدم في مستهل هذه القاطع أن عدة التردد، هل هي ثلاثون يوماً؟ أو شهر؟ المنطبق على الكامل والناقص، وتظهر الثمرة في اليوم الثلاثين فيما لو كان الشهر ناقصاً، فعلى أن المعيار في الثلاثين، فإنه يجب عليه القصر إكمالا لعدة التردد، وإن كان المعيار بالشهر فإنه يجب عليه التمام. وقد تقدم أن أكثر روايات الباب حددت التردد بالشهر، وتفردت صحيحة أبي أيوب بالتردد ثلاثين يوماً، والذي ورد في كلمات المتقدمين التحديد بالشهر، تبعاً لأكثر هذه الروايات وأكثر المتأخرين على التحديد بالثلاثين يوماً، كما أنه ذهب إليه في النهاية، وقد ذهب صاحب مجمع البرهان إلى التحديد بالشهر الهلالي، وتبعه أكثر من واحد، والمشهور على التحديد بالثلاثين يوماً.

وقد عرفت بأن المقصود بالشهر هو العربي، والذي هو حقيقة فيما بين الهلالين، حيث تكون بدايته برؤية الهلال، ونهايته برؤية هلال الشهر القادم، حيث يكون انتفاءً لشهر سابق، وبداية لشهر لاحق. ومن الواضح أنه لا يُراد به الشهر بحديته من أوله إلى نهايته، وإلا لاختص بما لو كان التردد في تمام الشهر، أي من أول آناته إلى آخرها، وذلك فيما لو اتفق تردد المسافر في بداية الشهر، ولا نظر فيها لما لو وقع التردد في اليوم الثاني والثالث، وهكذا من الشهر في اليوم الأول، لكن ليس من الآن الأول، لا من أوله، وهذا ما يلتزم به إذ يلزم حمل هذه الروايات على الفرد النادر. وعليه: فلا محصل لحمل الشهر على حديته ما بين الهلالين، وإنما يُراد به مقدار الشهر، فلذا كما يشمل ما لو اتفق التردد في اليوم الأول في الساعة الأولى فيه، كذلك يشمل ما لو اتفقت التردد في الآن التالي من اليوم الأول، أو في اليوم الثاني، وهكذا إلا أن الشهر كما عرفت يختلف بالتمام والنقصان، ولا معيِّن لحمله على خصوص التام؛ لذا اتجهت كلمات الأصحاب لاجتراح وجوه لدعوى اختصاصه بالتمام:

أن روايات الشهر مجملة؛ لتردد المقصود منه بين الكامل والناقص، في حين أن رواية الثلاثين مبينة، فيُحمل المجمل على المبين، حيث يفسِّر المقصود منه، وأنه التام وليس الناقص.

وفيه: أنه لا إجمال فيما يُراد من الشهر، وهو المدة الزمانية الواقعة بين الهلالين، وإن كان له مصداقان، أحدهما تام والآخر ناقص، وإلا لزم الإجمال في كل المفاهيم ذات المصاديق، نعم لو استعمل المفهوم في أحد مصادقيه، ولم يُعيَّن المقصود منه فإنه يلزم الإجمال، وليس مقامنا منه.

أن لفظة الشهر مطلقة، تشمل التام والناقص، في حين أن رواية الثلاثين مقيدة، فيُحمل المُطلق على المقيد، وبالتالي يُراد من الشهر خصوص التام، أي الثلاثين يوماً.

وأجاب في مستند الشيعة بمنع الإطلاق في لفظة الشهر.

وفيه، أنه لم يُفهم كيف نفى الإطلاق عن لفظة الشهر، ذات المصداقين، التام والناقص، وإنما الجواب: أن رواية الثلاثين لا تصلح لتقييد روايات الشهر، وذلك لعدم التنافي بينهما، إذ لا مانع من أن يكون كل واحد منهما موضوعاً للحكم، فيكون التردد فيما بين الهلالين موجباً للتمام، كالتردد ثلاثين، ويختص الأول بما لو وقع التردد في أول الشهر، ويختص الثاني بما لو حصل التردد في اليوم الثاني من الشهر، أو في اليوم الأول، لكن في الآن الثاني، أو الثالث منه، ومن المعلوم أن التقييد قرينة نوعية تفرض التنافي بين القرينة وذي القرينة، ومع عدم التنافي لا مجال للجمع العرفي، ولا منافاة بين المطلق والمقيد الإثباتيين.

ما في مستند الشيعة:" الحكم بالاتمام إذا تم الشهر في رواياته عام يشمل ما قبل تمام الثلاثين وما بعده، وصحيحة الخزاز خاصة بالنسبة إلى الأول، فيجب التخصيص بها".[2] والحاصل: أنه تمسك بعموم الحكم بالاتمام إذا تم الشهر، وما نفاه في الوجه السابق دعوى الإطلاق عن لفظة الشهر، والفرق بينهما واضح.

ما في الجواهر، وهو يتم بناءاً على كون الشهر في روايات الشهر حقيقة في خصوص ما بين الهلالين، أو بناءاً على كونه مشتركاً لفظياً فيما بين التام والناقص، أو بناءاً على كونه مشتركاً معنوياً في الجامع ما بين التام والناقص، فإن رواية الثلاثين تكون بمثابة القرينة الصارفة للفظة الشهر عن الحقيقة إلى المجاز، أو بمثابة القرينة المعينة للمشترك اللفظي في أحد وضعيه، أو بمثابة القرينة المقيدة للمشترك المعنوي في أحد معنييه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo