< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

41/03/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: تحديد التردد بالشهر أو بثلاثين يوماً/القاطع الثالث التردد ثلاثين يوماً/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

الروايات على طائفتين:

والروايات بين من جعلت المدار على مضي شهر، وبين من جعلت المدار على إكمال ثلاثين يوماً، ولا إشكال أن المستفاد من الشهر هو الهلالي الحاصل برؤية الهلال، والذي ينتهي برؤيته ثانياً فيما بين الهلالين، إلا أن الموضوع في هذا الحكم ليس خصوص ما بين الهلالين جزماً، وذلك لكفاية مقدار الشهر فيما إذا كان مبدأ التردد حصل في أثناء الشهر، ومن المعلوم أن للشهر الهلالي فردين، كامل وناقص، فما هو بمقداره تارة يكون بمقداره الكامل، وأخرى الناقص، وأكثر الفقهاء على جعل المدار على مضي شهر هلالي، تبعاً لأكثر الروايات، وخالف في ذلك العلامة والشهيد الأول والثاني، حيث جعلوا المدار على إكمال ثلاثين يوماً.

وربما يذكر وجهين للقول الثاني:

الأول: أن الروايات المتضمنة للشهر، أي الهلالي مجملة، لتردده بين الكامل والناقص، بخلاف الرواية المشتملة على الثلاثين يوماً، فإنها مبينة، فيُحمل المجمل على المبين، وأن المراد خصوص الثلاثين يوماً، فلا يشمل الشهر الناقص.

الثاني: أن روايات الشهر مطلقة، تشمل الكامل والناقص، بخلاف الرواية المشتملة على الثلاثين يوماً يقيدها بالشهر الكامل، فيُحمل المطلق على المقيد، ويكون المراد بالشهر خصوص الثلاثين يوماً، أي الكامل، وتكون نسبة هذه الرواية إلى سائر الروايات نسبة المقيد إلى المطلق، فيؤخذ بها، وبها تُقيد المطلقات، فيكون المدار على الثلاثين يوماً.

ودعوى: أن هذه المحصلة مخالفة مع ما يظهر من بعض الروايات المتقدمة والتي يظهر منها وجوب التمام بعد انقضاء الشهر ولو كان ناقصاً.

فيها: أنه لو سلم دلالتها على وجوب التمام بعد انقضاء الشهر الناقص، فإنما ذلك بالإطلاق، لا بد من تقييده كما عرفت.

والجواب: منع كون الشهر مجملاً أو مطلقاً؛ لظهوره في الشهر الهلالي بالخصوص على وجه الحقيقة.

ومع ذلك قد يُقال: أن الروايات التي أوجبت الإتمام إذا تمَّ الشهر عامة، تشمل ما قبل تمام الثلاثين، وما بعده، في حين أن الرواية المشتملة على الثلاثين خاصة بذلك، فيجب التخصيص بها.

مضافاً إلى أنه مع الشك في حصول سبب التمام وموجبه، فإنه يُستصحب وجوب القصر إلى أن يقطع بموجب التمام.

أقول: أما دعوى أن الشهر مجمل، فغير ظاهرة لمجرد أن له فردين، كامل، وناقص، فإن مفهومه واضح لا تردد فيه، وهو ينطبق على كل من حصتين، والقائل صاحب المستند[1] ، ولا يكاد ينقضي تعجبي في سؤال الفرق ما بين دعوى الإطلاق في الروايات المشتملة على الشهر التي رفضها صاحب المستند، ودعوى العموم في نفس هذه الروايات الشاملة لما قبل تمام الثلاثين ولما بعده، والتي قال بتخصيصها برواية الثلاثين . نعم منع كون الشهر مطلقاً فيها مخالفة واضحة للوجدان، فمثلاً لو أمره بصوم شهر هلالي، فإنه كما يُمتثل بالشهر الكامل كذلك يُمتثل بالناقص.

وإنما الصحيح في الجواب: أن المطلق والمقيد إثباتيان، وفي مثله لا تنافي ولو بدوي حتى يُجمع بينها بحمل المطلق على المقيد، هذا ما يقتضيه مرُّ الصناعة.

نعم يُمكن أن يُقال: بأن رواية الثلاثين يوماً لما كانت واردة مورد التحديد بالثلاثين، وأن الأزيد غير مشترط، والأقل غير كافٍ، ثبت لها المفهوم، وهو غير مفهوم العدد الذي هو من أضعف المفاهيم، وبه نقيد إطلاق الشهر.

ودعوى: أن الروايات المشتملة على لفظة الشهر هي بدورها واردة مورد التحديد، فلا مزية لرواية الثلاثين، مدفوعة: بأنه رغم ذلك لكنها أخص، فلذا يقدم التحديد فيها على التحديد الوارد في رواية الشهر، ويُحمل عليه.

 


[1] ج8.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo