الأستاذ السيد حیدر الموسوي
بحث الفقه
41/02/16
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضـوع: المسألة 35 فيما لو اعتقد أن رفقاءه قصدوا الإقامة / القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.
مسألة 35:"إذا اعتقد أن رفقاءه قصدوا الإقامة فقصدها ثم تبين أنهم لم يقصدوا فهل يبقى على التمام أو لا؟ فيه صورتان[1] : إحداهما: أن يكون قصده مقيدا بقصدهم. الثانية: أن يكون اعتقاده داعيا له إلى القصد من غير أن يكون مقيدا بقصدهم. ففي الأولى يرجع إلى التقصير[2] وفي الثانية يبقى على التمام، والأحوط الجمع في الصورتين. الثالث: من القواطع التردد في البقاء وعدمه ثلاثين يوما إذا كان بعد بلوغ المسافة، وأما إذا كان قبل بلوغها فحكمه التمام حين التردد لرجوعه إلى التردد في المسافرة وعدمها[3] ، ففي الصورة الأولى إذا بقي في مكان مترددا في البقاء والذهاب أو في البقاء والعود إلى محله يقصر إلى ثلاثين يوما ثم بعده يتم ما دام في ذلك المكان ويكون بمنزلة من نوى الإقامة عشرة أيام، سواء أقام فيه قليلا أو كثيرا، حتى إذا كان بمقدار صلاة واحدة ".[4]
ما لو أعتقد بأن رفقاء السفر قصدوا الإقامة فقصدها، ثم ظهر له أنهم لم يقصدوها، فقد ذكر لذلك صورتين:1. ما لو أناط قصده بقصدهم وقيده به.
2. ما لو كان قصدهم داعياً إلى قصده الإقامة من دون أن يقيده به.
وقد حكم في الصورة الأولى بالرجوع إلى القصر، بعد أن تبيَّن له أنهم لم يقصدوا الإقامة، وفي الثانية حكم بالبقاء على التمام، ثم احتاط استحبابا بالجمع في الصورتين.
وقد علَّق طائفة من المحشين على المتن بإرجاع الصورة الأولى إلى الثانية، وأنه لا معنى محصل للتقييد بعد فرض تحقق قصد الإقامة منه، بل ذهب بعض شراح المتن إلى استحالة التقييد في مثل ذلك، وبعد الإرجاع هذا يكون الحكم هو البقاء على التمام في الفرضين.
والوجه في امتناع التقييد في النية، فباعتبار أنها جزئي حقيقي لا سعة فيها لتُضيَّق، فإنها من الأمور الوجدانية، والأفعال الاختيارية الدائر أمرها بين الوجود والعدم، ويستحيل فيها التعليق على تقدير دون آخر، كأن يشرب مائعاً مقيداً شربه له بكونها ماءاً، وإلا لم يكن شارباً، لأن الشرب فعل جزئي قد تحقق خارجاً على كل تقدير، سواء كان المائع ماءاً أو لم يكن، دون قابليته للتعليق، نعم فرض مائية المائع تكون بمثابة الداعي، بحيث لو تخلف لكان من تخلف الداعي.
والحاصل: أنه لا يُتصور التعليق في الأفعال التكوينية الوجدانية، لدوران أمرها بين الوجود والعدم، فلا تقييد فيها، وإنما يُتعقل التقييد في المنوي أو المنشأ، لا الإنشاء، حيث يمكنه نية الإقامة على تقدير خاص، وهو إقامة رفقائه، لا أنه تكون نية الإقامة مطلقة، فالتعليق والتقدير في المنوي لا في النية، ولما كان القيد في المنوي محرزاً، وإن كان غير مطابق للواقع، ولذا النية متحققة منه، وعليه يكون حكمه التمام؛ لمكان النية، والتي عرفت بما لا مزيد عليه أن ما هو الشرط في حكم التمام بواقع قصد الإقامة، لا بما تخيله من عنوان.