< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

41/02/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: مناقشة الأستاذ للوجوه في قاعدة الحيلولة/ القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

أقول:

أما بالنسبة للوجه الأول، فجوابه: تارة بحسب المبنى، وأُخرى بحسب البناء، أما الأول: فإن الحكم الظاهري المجعول في باب قاعدة الحيلولة لم يكن الترجيح فقط وفقط على أساس قوة الاحتمال، أعني الأذكرية داخل الوقت، وإلا لكانت وزان سائر الأمارات، من أن جعل الحجية على أساس قوة الاحتمال، وعلبة المطابقة للواقع التي لا تكون حكراً على خصوص المدلول المطابقي، بل يشمل المداليل الإلتزامية، سواء في اللازم البين، أو غير البين الذي يحتاج إلى إعمال النظر، وفي اللازم الشرعي وغير الشرعي، ومن هنا كانت مثبتاتها حجة، وإنما مضافاً إلى قوة الاحتمال، نوعية الُمحتمل، وهو تخفيف العبء عن المكلف، وبهذا الضميمة لا تكون القاعدة سيالة لغير المدلول المطابقي من المداليل الإلتزامية، سواء منها البين وغير البين، ولذا يقتصر على مقدار ما مضى من الوقت، والدخول في وقت آخر، ولا يشمل ما يستقبله من صلوات في الآنات والأوقات الآتية التي لا يصدق في حقها مضي وقتها وحيلولة وقت آخر جديد، إذ لم يكن الترجيح على مجرد قوة الاحتمال، وإنما بضميمة نوعية المحتمل، ومن هنا نفت الإعادة بلحاظ ما مضى من وقت الفريضة، ولا نظر فيها إلى أن العود عن نية الإقامة كان بعد الإتيان برباعية ولو تعبدا.

وأخرى بحسب البناء، وحاصله: أن صحيحة زرارة والفضيل ليس فيها ما يدل على نفي الشك، فضلاً عن التعبد بوجود المشكوك، وإنما ثلثت الزمان إلى زمان الفريضة، وزمان الشك، وزمان مضي الوقت والدخول في وقت آخر جديد، وذكر الإمام (ع) ست صور، ففي داخل وقت الفريضة وهكذا وقت الفوت، أي وقت تضيق الفريضة، سواء شك في الإتيان بالفريضة، أو تيقن عدم الإتيان بها، وهذه أربع صور، يجب عليه الإتيان بها، وإن خرج الوقت فقد فصّلت الرواية بين الشك في الإتيان بالفريضة داخل الوقت واليقين بعدم الإتيان، حيث حكم بوجوب الإعادة خارج الوقت فيما لو تيقن عدم الإتيان بها داخل الوقت، وبين الشك، فحكم بنفي الإعادة فقال (ع): لا إعادة من شك حتى يستيقن أنه لم يأتِ بها داخل الوقت. وعليه فدعوى: أن نفي الإعادة لأجل عدم الاعتناء بالشك وكأنه لا شك؛ لذا لا يعيد، وبالتالي التعبد بوجود المشكوك غير تامة، الذي ليس في الرواية ما يُشير فضلاً عن أن يدل على التعبد بوجود المشكوك.

والحاصل: أن نكتة جعل الحكم الظاهري في قاعدة الحيلولة ليس مجرد الأذكرية داخل الوقت، على أن تكون تمام العلة والمناط لجعل قاعدة الحيلولة، وإلا كانت أمارة كاشفة عن ثبوت تمام الآثار واللوازم، وإنما هي جزء العلة والمناط، والجزء الآخر كون العمل قد مضى وقته ودخل في وقت آخر حائل، بحيث يلزم من الاعتناء بالشك فيه إعادة الصلاة خارج الوقت قضاءاً، وهذا فيه مزيد مشقة وبذل جهد بالنسبة للمكلف، فإن هذه الخصوصية الموضوعية ونوع المحتمل منضمة إلى قوة الاحتمال الخصوصية الطريقية، والأذكرية قبل مُضي وقت الفريضة هما المناط والعلة في جعل قاعدة الحيلولة، ولا يكفي عموم النكتة الطريقية مع الأخذ بعين الاعتبار النكتة الموضوعية، من هنا اختصت بخصوص الصلاة، ولا عموم لها؛ لعدم عموم النكتة الموضوعية، رغم عموم النكتة الطريقية، وكونها سيالة لغير الصلاة.

وأما الوجه الثاني فجوابه:

أولاً: أن إسناد المضي في روايات قاعدة التجاوز إلى المشكوك ظاهر في مضيه بنفسه، لا بحصول حائل أو مضي وقته، والمضي بنفسه لا يصدق على المشكوك إلا إذا كان له موقع ضمن المركب المفروغ عن أصل تحققه ومُضي وقته، هذا بناءاً على أن إسناد المضي في روايات التجاوز إلى نفس المشكوك، وأما إذا أُسنِد المُضي إلى محله فلأن المحل لا يصدق إلا بلحاظ المركب، وليس مطلق الوقت، أو الحائل محلاً له، والمُراد بالمحل الموقع والمحل، لا الظرف والزمان، فأخبار التجاوز تفترض وقوع أصل المركب خارجاً، ومفادها التعبد بوجود المشكوك بنحو مفاد كان التامة. والحاصل: أن التجاوز أُسند إلى محل الجزء المشكوك وموضعه أي جواز المحل والموضع، وهو ظاهر فيما يكون له محل وموقع وموضع في ضمن المركب وداخله، ومن المعلوم أن المحل ظاهر في المكان لا الزمان، فإنه ليس محلاً وموقعاً للمشكوك، وإن كان ظرفاً له.

وثانياً: أنه على ضوء ما تقدم يتضح أن التجاوز والكون في المشكوك لا يصدق إلا بلحاظ الشك في جزء المركب لا في أصل المركب، مع إحراز أصل المركب والذي مقامنا منه، حيث إن الشك في أصل وجود المركب داخل الوقت، وبالتالي لا تجري قاعدة التجاوز في صورة ما لو كان الشك في أصل وجود المركب، رغم أن عنوان الشيء الوارد في روايات التجاوز كما يصدق على الجزء يصدق على المركب.

وأما الوجه الثالث: فجوابه أنه لا شك في أصل وجود المانع بما هو في نفسه لا بوصفه مانعاً، إذ لا شك في عوده عن نية الإقامة، وإنما الشأن في كون هذا العود حصل بعد الإتيان بالرباعية ولو تعبداً؟ أو قبله؟ وعلى الأول يكون مانعاً من أن يؤثر مقتضي وجوب التمام على المسافر أثره، بخلافه على الثاني. والحاصل: أن مصب الشك ليس على أصل وجود المانع بنحو مفاد كان التامة، وإنما على مانعية الموجود بنحو مفاد كان الناقصة، والمتيقن الأول والمراد ترتيبه الثاني، واستصحاب عدم وجود أصل المانع لا يُثبت عدم مانعية الموجود، إلا بنحو الأصل المثبت. إذ لا شك في مانعية العود لو حصل قبل الإتيان برباعية، وإنما الشأن في أنه هل حصل قبل ذلك؟ أم لا؟

فالصحيح: أنه لا تجب عليه الإعادة بمقتضى قاعدة الحيلولة، إلا أنه لا يوجد ما يُحرز الإتيان بالرباعية داخل الوقت ولو تعبداً؛ لذا يكون حكمه العود إلى القصر، لحصول العدول قبل الإتيان برباعية.

 

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo