الموضـوع: مناقشة دعوى معارضة الاستصحاب/ المسألة 31/ القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

ودعوى: أن الاستصحاب المذكور معارض باستصحاب عدم الإتيان بالصلاة تماماً حال قصد الإقامة، فلا يجري كي يُحرز الجزء الآخر بالتعبد.

مدفوعة: بأنه لا يجري الاستصحاب في نفسه؛ لعدم ترتب الأثر عليه، إذ لا يثبت بها وقوع هذه الصلاة بعد العدول عن نية الإقامة إلا على القول بالأصل المثبت. والحاصل: أنه لا مجال لإجراء استصحاب عدم الإتيان بالرباعية حال العزم على الإقامة، فلا معارضة.

والحاصل: أن استصحاب عدم العدول عن نية الإقامة إلى حين الإتيان بالرباعية منقح لموضوع الحكم بالبقاء على التمام، بعد ضمه إلى جزئه الآخرة المحُرز وجداناً، فلا شك في تحقق الموضوع لإحراز أحدهما بالتعبد الاستصحابي الرافع للشك، والآخر بالوجدان، فلا شك حتى يجري استصحاب عدم الإتيان بالصلاة الرباعية حال قصد الإقامة.

ونكتة ذلك: أن المجموع المركب من الإتيان بصلاة تامة مع قصد الإقامة، وإن كان مشكوكاً فيه بالوجدان، ولو نتيجة الشك في بعض أجزائه، إلا أنه بالتأمل يكون متعلق الشك القيد، أي البقاء على قصد الإقامة، وأما ذات المقيد أي الصلاة التامة، فإنه مُحرز بالوجدان لا شك فيه، فلا يجري استصحاب عدم الإتيان بالصلاة التامة. فالشك في القيد بنحو مفاد كان الناقصة، وفي كيفية تحققه، وأن الصلاة المتحققة وجداناً كانت قبل العدول عن نية الإقامة أو بعده؛ لعدم الشك في ذلك. ولما أثبت الاستصحاب بقاء قصد الإقامة، وبضمه إلى الوجدان يلتئم موضوع الحكم بالبقاء على التمام حتى يتلبس بسفرٍ جديد. والحاصل: أنه لا شك في كيفية وجوده حتى يصل بنا الأمر إلى إجراء استصحاب عدم المركب، فاستصحاب عدم العدول إلى حين الإتيان بالصلاة التامة، بضمه إلى الوجدان يُحرز لنا موضوع الحكم بالبقاء ولو تعبداً، لأن النتيجة تتبع أخس المقدمات، ولا يبقى لدينا شك حتى يجري استصحاب عدم تحقق المركب، فذات المقيد لا شك فيه ليجري استصحاب عدمه، والمقيد بما هو مقيد وإن كان مشكوكاً ومسبوقاً بالعدم، إلا أنه ليس موضوعاً للأثر، بل الموضوع ذات الجزئين، وأما الشك في ذات القيد، فإنه مُحرز ببركة الاستصحاب.

والمتحصل: من مجموع ما تقدم: أن الموضوع المركب، إذ ما أحرز كلا جزئيه بضم الوجدان إلى التعبد الاستصحابي، فلا يجري استصحاب عدم تحقق المركب؛ لعدم الشك بعد فرض إحرازه بإحراز كلا جزئيه بالوجدان والتعبد.