< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/08/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: جوجلة المسألة 28/ ما لو كان عليه صوم واجب معين غير شهر رمضان وجب الإقامة/ القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

مسألة 28:

"إذا كان عليه صوم واجب معين غير رمضان كالنذر أو الاستئجار أو نحوهما وجب عليه الإقامة [1] مع الإمكان".[2]

ما لو كان عليه صوم واجب معين غير شهر رمضان، كصوم النذر، وجب عليه نية الإقامة مع الإمكان، للإتيان به وامتثاله. وهذا منه (قده) تفصيل بين الصوم الواجب المعين من رمضان، فإنه لا تجب عليه الإقامة، لكون الحضور شرطاً في الوجوب بالنسبة لصوم رمضان، ولا يجب عليه التصدي لتحصيل شرط الوجوب، بل لو اتفق حصوله وجب عليه الإتيان بالمتعلق، وبين ما إذا كان الصوم الواجب المعين من غير رمضان، كالنذر أو الاستئجار، وصادف السفر، فإنه يجب عليه قصد الإقامة، وذلك لعدم اشتراط الوجوب بالحضور، بل هو مطلق من هذه الناحية، فإن الوجوب في مورد النذر مثلاً ليس حقاً ثابتاً إبتداءاً وبالذات، وإنما بسبب النذر، وبالتالي يكون تابعاً لكيفية نذر الناذر، وحيث إنه مطلق من حيث إن هذا اليوم المعين سفر أو حضر، فإن نذره الطبيعي صوم اليوم الكذائي لا بشرط الحضور، فالوجوب فعلي وغير مشروط بالحضور، نعم الواجب وصحة الصوم مقيد بالحضور، لما دل على عدم صحة الصوم في السفر، فهو شرط صحة لا وجوب؛ لذا تجب عليه الإقامة لو صادف اليوم المعين أنه كان مسافراً تحقيقاً لما هو شرط الصحة، وأما الوجوب فمطلق من هذه الجهة، والحاصل: أن صحة الصوم المنذور متوقفة على الإقامة؛ لذا تجب من باب امتثال الواجب والإتيان به على ما هو مأمور به، وهذا لا فرق فيه بين الصوم الواجب المعين لنذر أو لإجارة أو لشرط يجب الوفاء به.

إلا أنه توجد روايات دلت في مثل الصوم المنذور على جواز السفر اختياراً، وأنه يقضي بعد ذلك، وبالتالي تكون مخصصة لما دل على وجوب الوفاء بالنذر، أي يجب الوفاء بالنذر إذا كان حاضراً، وإذا سافر ولو اختياراً ومن غير ضرورة، وجب عليه القضاء. وهي عديدة:

منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: "إن أمي كانت جعلت عليها نذرا إن الله رد (إن يرد الله) عليها بعض ولدها من شئ كانت تخاف عليه أن تصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه ما بقيت، فخرجت معنا مسافرة إلى مكة فأشكل علينا لمكان النذر، أتصوم أو تفطر؟ فقال: لا تصوم، قد وضع الله عنها حقه وتصوم هي ما جعلت على نفسها".[3]

ومثلها صحيحة لعلي بن مهزيار قال: "كتبت إليه، يا سيدي رجل نذر ان يصوم يوما من الجمعة (كل يوم جمعة) دائما ما بقي، فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى (أو يوم جمعة) أو أيام تشريق أو سفر أو مرض هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضاءه أو كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب إليه: قد وضع الله عنك الصيام في هذه الأيام كلها، ويصوم يوما بدل يوم إن شاء الله تعالى"[4]

وهذا واضح في صورة النذر، وإنما البحث فيما لو أوجب على نفسه الصوم بالاستئجار، مما هو مملوك للغير، وحق له. وقد سوَّى جملة من الفقهاء بين هذه الأقسام والفروض لصوم الواجب المعين، حيث لا تجب الإقامة فيها، وخالف في ذلك الميرزا ومدرسته، حيث فصّل بين مثل الصوم الواجب المعين لنذر، فلم يوجب الإقامة مقدمة لتصحيح الصوم، وبين ما لو كان واجباً بملاك ثبوت حق الغير كالاستئجار، فحكم بوجوب الإقامة، وبالتالي عدم إلحاقه بمثل النذر، وذلك لعدم الدليل على التعدي من مثل النذر إلى ما كان متضمناً لحق الغير، بحيث يكون مخصصاً لدليل وجوب الوفاء بالإجارة، وتسليم مال الغير لصاحبه، أعني صوم ذلك اليوم المعين، بعد الفراغ عن صحة الإجارة؛ لتمامية شرائطها، وعدم الوجه في الحكم ببطلانها. والحاصل: أن المخصص لما كان على خلاف القاعدة، فيقتصر على مورده، وهو النذر، ولا وجه للتعدي عنه إلى مثل الإجارة مما كان مشتملاً على ثبوت حق للغير، بل يعمل في مثله بمقتضى القاعدة وإطلاقات صحة الإجارة، بل لزومها توجب الوفاء بها بالإتيان بمتعلقها بشروطه بما فيها الإقامة.

 

 


[1] لا تجب الإقامة في النذر المعين. (الإمام الخميني). * في الاستئجار يقوى وجوبها دون النذر ونحوه على الأقوى. (النائيني). * على الأحوط في النذر ونحوه. (آل ياسين). * عدم وجوبها في غير الاستئجار لا يخلو من قوة. (الجواهري). * فيه منع كما تقدم. (الحكيم). * هذا فيما إذا كان وجوب الصوم في يوم معين بالاستئجار وأما إذا كان بالنذر فيجوز السفر فيه ولا يجب الإقامة عليه. (الخوئي). * لا تجب الإقامة في غير الاستئجار على الأظهر. (الشيرازي).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo