< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/08/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: المسألة 25 / ما لو بدا للمقيم المحكوم بوجوب التمام السفر، فخرج عن محل إقامته ثم بدا له بعد الخروج العود إلى محل الإقامة واستئناف الإقامة / القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

مسألة 25:

"إذا بدا للمقيم السفر ثم بدا له العود إلى محل الإقامة والبقاء عشرة أيام فإن كان ذلك بعد بلوغ أربعة فراسخ قصر في الذهاب والمقصد والعود، وإن كان قبله فيقصر حال الخروج بعد التجاوز عن حد الترخص إلى حال العزم على العود، ويتم عند العزم عليه، ولا يجب عليه قضاء ما صلى[1] قصرا، وأما إذا بدا له العود بدون إقامة جديدة بقي على القصر حتى في محل الإقامة[2] لأن المفروض الإعراض عنه، وكذا لو ردته الريح أو رجع لقضاء حاجة كما مر سابقا "[3] .

ما لو بدا للمقيم المحكوم بوجوب التمام السفر، فخرج عن محل إقامته ثم بدا له بعد الخروج العود إلى محل الإقامة واستئناف الإقامة، فلا يخلو إما أن يكون بدو العود بعد بلوغ أربعة فراسخ، أو قبل بلوغها، وعلى الأول فقد حكم القصر في كل من الذهاب والمقصد الذي هو على رأس أربعة فراسخ فما فوق زائد الإياب والعود إلى محل الإقامة، وعلى الثاني: فقد حكم بالقصر حال الخروج إلى أن يعزم على العود، ويتم صلاته حال العزم عليه، ولا يجب عليه قضاء ما صلاه قصراً، هذا كله إذا بدا له العود مع نية الإقامة مجدداً، وأما لو بدا له العود من دون نية إقامة جديدة، فقد حكم ببقائه على القصر حتى في محل الإقامة؛ لأن المفروض أنه قد أعرض عن محل الإقامة بهذا الخروج القاصد فيه المسافة، وهكذا لو كان رجوعه إلى محل الإقامة قهرياً، كما لو تقاذفته الأمواج إلى محل الإقامة مجدداً، أو ردته الريح، أو رجع اختياراً لأجل قضاء الحاجة.

أقول: لو حصل له البداء في العود بعد بلوغ أربعة فراسخ، فلا إشكال في القصر في الذهاب والمقصد، أعني المكان الذي حصل له فيه البداء في العود زائد الإياب والعود، مضافاً إلى محل الإقامة، ما لم يستأنف الإقامة مجدداً، وذلك لزوال الإقامة الأولى، وإبطالها بنشوء سفر جديد متحصل من المسافة الملفقة، وهو غير متعنون بعنوان المقيم، حتى يُحكم عليه بوجوب التمام. وأما الإتمام السابق انتهى أمده بحصول غايته كما هو مفاد صحيحة أبي ولاد، بعدم الخروج السفري، وهذا ما تحقق بعد خروجه خروجاً سفرياً، فيقصر في جميع تلك المواضع بما فيه محل الإقامة، إلا مع نية الإقامة مجدداً.

وأما لو كان البداء من محل لم يبلغ أربعة فراسخ، فلم يتحقق منه السفر الشرعي، فلو كان عازماً على إقامة مجددة في محل الإقامة، فحيث لم يتخلل السفر الموجب للقصر بين الإقامتين، لذا يجب عليه التمام في مكان البداء وفي الإياب، وكذا في محل الإقامة ثانياً.

وأما ما صلاه قصراً في ذهابه، هل تجب إعادته تامة؟، قد تقدم فيمن خرج للسفر ثم رجع قبل بلوغ المسافة، وكان قد صلى قصراً في الأثناء، وقد ذهب المشهور منهم الماتن إلى عدم وجوب الإعادة، استنادا إلى صحيحة زرارة، إلا أنها معارضة بصحيحة أبي ولاد الموجبة لإعادة ما صلاه قصراً تماماً، وقد عرفت تقدم هذه على تلك على أساس الحكومة، مضافاً إلى أن مقتضى القاعدة هو الإعادة؛ لا قصد السفر وإن رخص له في القصر، إلا أنه مشروط ببلوغ المسافة الشرعية ولو ملفقاً، فما لم يبلغ المسافة لم يتحقق موضوع القصر، رغم عزمه على السفر، فما لم يبلغها تكون وظيفته الواقعية التمام لا القصر، لذا يجب عليه إعادة أو قضاء ما صلاه قصراً تماما.

هذا كله إذا كان عازماً على الإقامة مجدداً، وأما إذا لم يعزم على الإقامة كذلك فقد حكم (قده) بلزوم البقاء على القصر حتى في محل الإقامة، فضلاً عن الذهاب والمكان الذي حصل له فيه البداء في العود، وذلك لكونه قد خرج معرضاً عن محل الإقامة، وبهذا الخروج الإعراضي يكون قد أبطل حكم الإقامة السابقة، وهو مسافر بالوجدان، فالمرجع عمومات وجوب القصر. والحاصل: أنه قد زال حكم الإقامة بخروجه عن محلها وإعراضه عنه، فيحتاج حتى يعود إلى التمام إلى إقامة مستأنفة غير حاصلة حسب الفرض.

وفيه: ما ذكرناه سابقاً، لا سيما في الصورة الثالثة من أن صحيحة أبي ولاد بمقتضى فقرتيها أن حكمه بعد الإتيان برباعية تامة هو البقاء على التمام إلى أن يبطلها وذلك بخصوص الخروج عن محل الإقامة خروجاً سفرياً، لا مطلق الخروج حتى ولو كان مشتملاً على حال الخروج على الإعراض عن محل الإقامة، إذ لا يوجد ما بأيدينا ما يدل على إبطال الإعراض للإقامة ونفيه لحكمها، بل الدليل قد دل على أنه ما لم يتحقق الخروج السفري، سواء بقي في محل الإقامة، أو خرج إلى ما دون المسافة، وسواء كان هذا الخروج مع نية الإعراض، أو من دونها، فإنه يبقى على التمام ولا يبطل هذا الخروج لإقامته، رغم قصده المسافة، فإن الخروج المبطل هو السفري، دون غيره، حتى لو قصد المسافة، أو فقل لا الخروج القاصد فيه السفر، ولو لم يسافر حتى ولو كان معرضاً بهذا الخروج عن محل إقامته، وعليه: فلا يكون المرجع عموم القصر، رغم أنه مسافر بالوجدان؛ لشمول عنوان المخصص له، وهو المقيم فيكون حكمه التمام حتى يتحقق ما يبطل المخصص، وهو السفر الجديد المجرد عن عنوان المخصص، وهذا غير حاصل في الفرض.

نعم ذكر السيد الخوئي أنه لو بدا له العود إلى محل الإقامة من باب أنه منزل من منازل سفره، ومحل عبور قافلته ليس إلاَّ، لكن من دون قصد العدول عن السفر، فإنه يتَّجه الحكم بالقصر حينئذٍ في تلك المواضع، ثم قال: ووجهه ظاهر.

ثم إن ما تقدم يتم بلا فرق بين ما لو كان العود إلى محل الإقامة، لحصول البداء له، أو لأجل أن الأمواج تقاذفته إلى محل إقامته، أو ردَّته الريح إليه، أو كان عوده لأجل قضاء حاجة، فإن الكل بمناط واحد.

 


[1] لا يترك الاحتياط بالإعادة أو القضاء. (الحائري)* فيه إشكال والاحتياط لا يترك. (الخوئي).
[2] فيما إذا تردد قبل بلوغ الأربعة يتم على الأقوى إلا إذا أنشأ السفر عند العود بأن كان محل الإقامة في طريقه أو عند خروجه عن محل الإقامة إذا لم يكن في طريقه. (الحائري). * إن كان ما بقي من الذهاب أربعة أو أزيد وإلا فالأحوط الجمع في الذهاب وكذلك في المقصد ومحل الإقامة ما لم ينشئ سفرا جديدا. (الگلپايگاني). * هذا إذا كان رجوعه إليه من حيث إنه أحد منازله في سفره وأما في غيره كمن قصد المقام في النجف ثم خرج إلى الكوفة قاصدا للمسافة فبدا له ورجع للزيارة ناويا للعود إلى سفره من طريق الكوفة فالبقاء على القصر فيه مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع. (الخوئي).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo