< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/07/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: الصورة الرابعة من المسألة 24 /قاصداً العودة لتمضية يوم أو بعضه ثم يعود إلى وطنه / القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

الصورة الرابعة:

كربلائي سافر إلى النجف للإقامة، وبعد أن استقرت الإقامة عليه خرج إلى الكوفة، لزيارة مسلم (ع) عازماً على العود إلى النجف، لا بقصد الإقامة، وإنما لتمضية يوم أو بعض يوم؛ لوداع الأمير (ع) ثم يعود إلى كربلاء، فهو حين الخروج الأول من النجف إلى الكوفة ليس معرضاً عنها، وقاصداً للسفر إلى كربلاء، وإنما من نيته العود إلى النجف ثانية، ثم ينشأُ السفر الجديد غير المتصف بعنوان المقيم منها. وفي هذه الصورة أقوال، ولا بد من البحث في كل من الذهاب والمقصد والإياب ومحل الإقامة. وقد استدل لوجوب القصر في الذهاب والمقصد بما تقدم في الصورة الثالثة، والجواب قد ظهر مضافاً إليه عدم كونه بالخروج عن محل إقامته مسافراً ومتلبساً بالسير الموجب للقصر.

وأما بالنسبة للإياب ومحل الإقامة، فيجب التمام؛ لعدم كونه مسافراً، ولا متلبساً بسير سفري، يوجب عليه القصر، وإنما مبدأ السفر الخروج الثاني عن محل الإقامة.

وقد استدل لوجوب القصر فيهما تارة: بأن المناط في القصر ليس صدق السفر إلى محل كذا حتى يُقال: أنه متلبس! أو غير متلبس! بالسفر الفلاني، وإنما العنوان في الأدلة هو قصد مسير ثمانية فراسخ مع عدم قصد الإقامة في أثنائه، وتلبَّس بجزء من تلك المسافة، ومن المعلوم أن من يعود إلى محل إقامته في الفرض يصدق عليه هذا العنوان، لكونه قاصداً للخروج عنه إلى بلد يكون مسافة، وإن لم يصدق عليه عنوان المسافر إلى ذلك البلد.

وفيه: أن الموضوع في أدلة القصر السفر ثمانية فراسخ، لا مطلق السير، وهذا الحكم تابع لقصده، فإن صدق عليه عرفاً أنه مسافر مع تحقق شرائط القصر المتقدمة قصَّر، وإلا أتم.

وأخرى: بما تقدم من أن عدم صدق السفر إلى ذلك البلد الذي بينه وبين محل الإقامة مسافة من حين السير من المقصد نحو مسامحة، إذ لا إشكال في كون المسافر عند الشروع في الإياب قاصداً للسفر إلى ذلك البلد، غايته أنه سوف يمرُّ بمحل الإقامة لقضاء حاجته، كتوديع الأمير (ع) يُقال: أنه ذاهب إلى محل إقامته، لا إلى بلده، وهذا النحو من العناية لا يدور عليه الحكم، فلا يكون المرور عليه قاطعاً للسفر، وهذا نظير من له حاجة على رأس ثلاثة فراسخ، إلا أن القطار لا يتوقف إلا على رأس الأربعة، حيث سوف يرجع على فرس من رأس الأربعة إلى الثلاثة، فإنه بمسيره من الأربعة إلى الثلاثة يصدق عليه العود إلى البلد، ولا يُقال: أنه ذاهب إلى مقصد لمجرد وقوع المقصد في طريق العود، فإن الحكم لا يدور على هذا النحو من الصدق العرفي، وإنما بحسب الصدق حقيقة، قاصد الرجوع إلى بلده، وإن كان يمرُّ بمقصده؛ لوقوعه في طريق العود إلى بلده.

ومما يؤيد ذلك: تارة انحصار القواطع في ثلاثة: المرور بالوطن، والإقامة، والتردد ثلاثين يوماً. وأخرى: بأن الإقامة دون العشرة لا تقدح في اتصال السفر ما قبل بما بعدها، فلا يكون مقامه في محل الإقامة في الفرض قاطعاً للسفر.

وفيه: أن الإياب بما أنه عود إلى محل الإقامة وليس سفراً جديداً إلى بلده؛ لذا يتم، فهناك فردان للسير بنظر العرف، فحصة منه سير إلى محل الإقامة، وحصة أخرى سير إلى بلده، وليسا واحداً حتى يكون لهما حكم واحد. صحيح أن النص والفتوى على أن القواطع ثلاثة، إلا أنه بعد كون الإقامة قاطعة للسفر ما لم يقصد السير منه ثمانية فراسخ لا يبطل حكمها، فلا مقتضي لوجوب القصر ما لم يبطل الإقامة بالسير ثمانية فراسخ منوية، فإن الإقامة كما تكون قاطعة حدوثاً، هي مانعة بقاءاً ما لم يبطلها.

وقد حكم الماتن في هذه الصورة بوجوب التمام في كل من الذهاب والمقصد والإياب ومحل الإقامة، ووجهه ظاهر مما تقدم؛ فإن الخروج من محل الإقامة إلى المقصد والإياب إليها، حيث لم يكن مسافة، ولو ملفقة فلم يكن خروجاً سفرياً مبطلاً للإقامة التي أوجبت عليه التمام في هذا السفر، ولذا يكون في هذا الذهاب والإياب والمقصد، وكذا محل الإقامة مسافراً مقيماً؛ لذا يجب عليه التمام، وإنما بخروجه الثاني من النجف إلى كربلاء يصدق الخروج السفري، ويكون بذلك قد أبطل الإقامة.

ثم احتاط استحباباً بالجمع ما بين القصر والتمام في الذهاب والمقصد والإياب ومحل الإقامة ثانية؛ لعدم نية الإقامة المستأنفة، وإنما عازم على السفر وقضاء بعض الوقت في محل الإقامة، فيكون محل الإقامة أحد منازل السفر في سفره هذا.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo