< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/07/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: رأي الأستاذ في الصورة الثانية من المسألة 24/قصد عدم العود إلى محل الإقامة / القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

أقول: الصحيح ما ذكره الأعلام خلافاً للماتن، ولما ذكره السيد الخوئي؛ وذلك لأن دعوى اشتمال الطريق على الابتعاد والاقتراب، فإنه لا يكون من الامتداد، وإنما معدود من التلفيق؛ لتضمنه للذهاب والإياب، حيث يبعد من نقطة الانطلاق، ثم يعود ويقرب، إذ ليس مطلق اشتمال الطريق على الذهاب والإياب يُعتبر ملفقاً، وإنما المقصود من التلفيق بحسب الفهم القاصر هو ما اشتمل على ذهاب ويكون منتهاه آخر نقطة ابتعاد عن المبدأ وإياب يكون مبدأه آخر نقطة ابتعاد عن المبدأ، فيتلفق من ذهاب وإياب حتى يرجع إلى المقصد. [1]

وأما إذا اشتمل على ابتعاد واقتراب نتيجة طبيعة الطريق الذي سلكه، فإنه لا يكون الابتعاد ذهاباً والاقتراب إياباً، بل يكون المجموع ذهاباً؛ لكونه يبعده عن المبدأ ويقربه من المقصد، رغم اشتماله على الاقتراب والابتعاد. والحاصل: أن الاقتراب الفاصل بين ابتعادين ليس من الإياب في شيء، ما لم يكتمل الذهاب بأربعة فراسخ.

وأما بالنسبة للمسافة الدائرية فقد عرفت أن ليس الميزان في الذهاب يتلخص في حركة السير من المبدأ إلى أبعد نقطة عنه، وهي النقطة في الجهة المقابلة لمبدأ المسير، وإنما الميزان في حركة السير من المبدأ إلى المقصد، سواء كان المقصد في أبعد نقطة من نقطة الذهاب! أو قبلها! أو بعهدها!، وبالتالي لا يكون الإياب بحركة السير من أبعد نقطة، وإنما من المقصد نحو المبدأ، سواء كان بعض المسير فيه ابتعاد عن المبدأ، كما لو كان المقصد قبل أبعد نقطة من المبدأ، أو لم يكن، كذلك الذهاب ينطبق حتى على السير الذي يقربك من المبدأ، كما لو كان المقصد بعد أبعد نقطة من المبدأ، وذلك لأن الرجوع إنما يصدق على المسير من المقصد إلى المبدأ، لا من أبعد نقطة عن المبدأ، وهذا لا يفرق فيه بين وحدة أو تعدد المقصد، حتى يكون الميزان في آخر مقصد.

وأما ما ذكره أولاً فجوابه: أننا لا نشترط في المسافة التلفيقية أن يكون المسير إلى بلده، بل يكفي في صدقها حتى ولو كان المسير إلى بلد عازم على الإقامة فيه، إلا أن شرط ذلك أن يكون المقصد مبدأ المسير ونقطة الانطلاق، وأما لو كان مبدأ المسير بلده والمقصد بلد آخر عازم على الإقامة فيه، فإنه لا يصدق على مثل هذا المسير مسافة تلفيقية، بل يصدق عليه الذهاب والابتعاد عن المبدأ ونقطة الانطلاق والاقتراب من المقصد، والذي هو ذهاب من دون أن يصدق عليه إياب؛ لعدم الحركة من المقصد إلى المبدأ، فليس مطلق الاشتمال على الابتعاد والاقتراب يوجب صدق التلفيق، ما لم يكن ابتعاد واقتراب من المبدأ نحو المقصد، وهكذا العكس، وبالابتعاد من المقصد لا من أبعد نقطة والاقتراب من المبدأ.

ثم أن الماتن (قده) قد حكم بالقصر في الفرض لكون المسير مسافة، ولو ملفقة، فيجب عليه القصر مطلقاً مهما كانت صور التلفيق، بأن كان الذهاب من فرسخ والإياب من سبع فراسخ، إلا أنك عرفت أن الصحيح خلاف ذلك، وأن الحكم بالقصر مشروط بأن لا يقل كل من الذهاب والإياب عن أربعة فراسخ، فيكون المجموع ثمانية منقسمة على كل من الذهاب والإياب، وعدم كفاية مطلق التلفيق، إلا أنك عرفت أن المسير مسافة امتدادية، وليس تلفيقية.

 


[1] ملاحظة: ذكر الماتن: أن الحكم بوجوب القصر فيما إذا كان ما بقي من محل إقامته إلى مقصده مسافة والمقصود من ممحل إقامته إلى مقصده، وإنما عبَّر (قده) بما بقي بلحاظ سفره قبل نية الإقامة، وهذا يُعزِّز فكرة التلفيق فيما إذا كان الرجوع إلى بلده، وأما في صورة الرجوع إلى غير بلده –محل إقامته-فإنه ليس من التلفيق في شيء، بل هو نوع من المسافة الإمتدادية، حيث لا يُشترط استقامة خط المسير، وإطلاق الأدلة تشمل المستقيم وغيره.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo