< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/06/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع:المسألة 19/حكم الصلاة الفائتة فيما لو عدل عن نية الإقامة، قبل الإتيان برباعية/ القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

مسألة 19:

"العدول عن الإقامة قبل الصلاة تماما قاطع [1] لها من حينه، وليس كاشفا عن عدم تحققها من الأول، فلو فاتته حال العزم عليها صلاة أو صلوات أيام ثم عدل قبل أن يصلي صلاة واحدة بتمام يجب عليه قضاؤها تماما، وكذا إذا صام يوما أو أياما حال العزم عليها ثم عدل قبل أن يصلي صلاة واحدة بتمام فصيامه صحيح، نعم لا يجوز له الصوم بعد العدول [2] لأن المفروض انقطاع الإقامة بعده[3] ".

يستعرض الماتن في هذه المسألة: أن العدول عن الإقامة قبل الإتيان بالصلاة الرباعية لا يكون كاشفاً عن عدم تحقق الإقامة من رأس، وإنما قاطع لها من حين العدول، ورتب على ذلك أنه لو فاتته الظهر-مثلاً-بعد نية الإقامة، ثم عدل قبل الإتيان بصلاة واحدة بتمام، فإنه يجب قضاؤها رباعية لا قصراً، وهكذا لو صام بعد نية الإقامة ثم عدل قبل الإتيان بصلاة واحدة بتمام، فالصوم صحيح، وإنما لا يجوز له الصوم بعد العدول لانقطاع الإقامة به.

أقول: تارة نبني على أن تمام الموضوع لتحقق الإقامة هو القصد، من دون دخالة لواقع الإقامة خارجاً، وأخرى يكون تمام الموضوع واقع الإقامة خارجاً، والقصد محض طريق، وثالثة نبني على أن كلاً منهما جزء الموضوع.

على الأول: من أن قصد الإقامة تمام الموضوع في الحكم بالتمام، ولا يكون تحققه مشروطاً بالإتيان بصلاة فريضة بتمام خارجاً، وإنما الإتيان شرط في البقاء على التمام، وإن عدل عن القصد إلى أن يخرج من ذلك المكن، فالإتيان بالرباعية شرط في البقاء على التمام، لا في أصل الحدوث، وبالتالي تكون نية الإقامة كافية في وجوب التمام، بلا اشتراط بالإتيان بالرباعية، وإلا لزم الدور، لأن نية الإقامة شرط في صحة التمام، فلو كان الإتيان بالتمام شرطاً في صحتها لزم الدور؛ لذا يكون التمام شرطاً في البقاء على التمام، وعليه: سوف يكون ا لعدول عن قصد الإقامة قاطعاً من حينه، لا أنه كاشف عن عدم تحقق الإقامة من رأس، ويترتب عليه ما أفاده الماتن، من أنه لو فاتته الظهر- مثلاً- في الوقت حال نية الإقامة وقصدها، ثم عدل عن نية الإقامة قبل أن يأتي بصلاة واحدة بتمام، وجب قضاؤها تماماً، نعم يجب عليه القصر فيما بعد؛ لانقلاب الوظيفة من التمام إليه بعد التبدل في الموضوع من المسافر المقيم، إلى غير المقيم، وهكذا الحال فيما لو نوى الإقامة وصام، ثم عدل قبل أن يأتي بفريضة واحدة بتمام، الموجب لقطع الإقامة من حينه، لا من رأس، فإنه لا يصح له الصوم فيما يأتي من أيام، لأنه مسافر غير مقيم، بعد العدول عن نية الإقامة، وقبل الإتيان بفريضة واحدة بتمام، ولا يكون العدول كاشفاً عن القطع من رأس، فلا يكون ما أتى به من صوم باطلاً؛ لكونه مسافراً مقيماً حسب الفرض.

وعلى الثاني: ما لو كان تمام الموضوع واقع الإقامة خارجاً، والنية محض طريق، فسوف يكون العدول عنها قبل الإتيان بفريضة واحدة بتمام كاشفاً عن عدم تحقق الإقامة من أول الأمر، ويترتب عليه أنه لو فاتته الظهر- مثلاً – حال قصد الإقامة، ثم عدل قبل الإتيان بصلاة واحدة بتمام، وجب عليه قضاؤها قصراً؛ لتحقق موضوعه، فإن العدول كاشف عن عدم تحقق الإقامة من رأس، لا من حينه، فيكون مسافراً غير مقيم، وقد فاتته الفريضة، فيجب قضاؤها قصراً، وهكذا صومه يكون محكوماً لكونه مسافراً غير مقيم؛ لكشف العدول عن بطلان الإقامة وقطعها من رأس، فيكون الصوم المأتي به غير متعلق للأمر؛ لعدم تحقق موضوعه، فإن الإقامة حين الصوم كانت باطلة؛ لكشف العدول بعده قبل الإتيان برباعية عن بطلان الإقامة من رأس.

وعلى الثالث: من كون القصد جزء الموضوع، والجزء الآخر الجامع ما بين واقع الإقامة خارجاً، أو الإتيان برباعية تامة الأجزاء والشرائط بمقتضى الشرطية الأولى في صحيحة أبي ولاد، ولولا ذلك لكان الجزء الآخر فقط وفقط واقع الإقامة خارجاً، فإن العدول عن قصد الإقامة قبل الإتيان بفريضة واحدة بتمام قاطع للإقامة من رأس، وكاشف عن عدم تحققها، لا أن القطع من حين العدول، ويترتب على ذلك أنه لو فاتته الظهر في الوقت حال قصد الإقامة، ثم عدل قبل أن يأتي بفريضة واحدة بتمام وجب قضاؤها قصراً؛ لكشف العدول عن بطلان الإقامة من رأس، وهكذا الحال بالنسبة للصوم، فإنه يكشف العدول عن القطع من رأس، فلا يكون الصوم المأتي به صحيحاً؛ لعدم تعلق الأمر به؛ لعدم تحقق الموضوع، ضرورة أن قصد الإقامة حين الصوم قد أبطله بالعدول عن ذلك قبل الإتيان برباعية تامة الأجزاء والشرائط.


[2] تقدم الاشكال فيه. (النائيني).
[3] الظاهر بقاء حكم الإقامة مع صوم اليوم. (الجواهري).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo