الموضـوع:مناقشة الأستاذ للقولين الأول والثاني/حكم الصلاة لم قطع الإقامة/ القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

أقول:

أما بالنسبة للقول الأول المنسوب إلى المبسوط، فإنه يلاحظ على الوجه الأول: بأن حمل صيغة الماضي الظاهر في الوقوع وتحقق الصلاة خارجاً حين العدول عن نية الإقامة، والذي لا يكون إلا بالفراغ والإتمام على العدول أثناء الصلاة خلاف الظاهر جداً لا يُصار إليه إلا مع القرينة المفقودة حسب الفرض، إذ لا يُقال: صليت، وإنما يُقال: تصلي والفرق ظاهر.

وأما الوجه الثاني فجوابه أولاً: أن منشأ الانصراف إما غلبة الوجود، أو كثرة الاستعمال، أو مناسبة الحكم والموضوع، والأول على فرض تمامية صغراه غير تام كبروياً، طالما أنه لم يُشكِّل علقة ما بين اللفظ وخصوص الحصة والمنصرف إليها من الطبيعة، وأما الثاني، فلا تمامية لصغراه، إذ استعمال هذا اللفظ في الأثناء لا يقل عن استعماله فيما بعد الفراغ من الصلاة، وأما الثالث: فإن مناسبة الحكم والموضوع لا تختص بما لو كان العدول بعد الفراغ، بل تشمل مطلق ما لو كان التلبس بما هو أثر شرعي لنية الإقامة، لا يُشرع من دونها.

وثانياً: لو سلِّم الانصراف بأحد مناشئه الصحيحة والسليمة عن الاشكال، فإنه لا يُسلم بمرجعية إطلاق أدلة التمام على المقيم، ضرورة أنه يُشك في صدق المقيم عليه بعد العدول عن نية الإقامة في الأثناء، فكيف يُتمسك بإطلاقات أدلة التمام؟، ومن المعلوم أن الحكم لا ينقِّح موضوعه، كما أنه لا يكون المرجع استصحاب التمام، لكون الحيثية المشكوك فيها على تقدير دخالتها تقيدية، يوجب الشك فيها عدم انحفاظ الموضوع في القضية المتيقنة والمشكوكة، بل الصحيح: أنه مسافر بالوجدان، ويشك في صدق المقيم عليه بعد نية العدول، وهو في أثناء الشروع، فيكون المرجع عمومات القصر.

وأما ما في التذكرة والمختلف من أن العدول لو كان بعد الدخول في ركوع الثالثة، فإنه يبقى على التمام إلى أن يتلبس بسفر جديد، فالجواب عن الوجه الأول: إن تحريم إبطال الصلاة شيء، وسببية العدول ولو بعد الدخول في ركوع الثالثة لتبدل الحكم وانقلابه من التمام إلى القصر شيء آخر، لا ترابط بينهما، فإن لازم ذلك بطلان الصلاة من جهة تبدل الحكم، وليس من الابطال في شيء.

وأما الوجه الثاني فجوابه: أن بوسعه القصر، ولو بإعادة الصلاة، وهدم ما بيده بعد انقلاب الحكم إلى القصر، لمكان التبدل في الموضوع بعد العدول عن نية الإقامة.