< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/05/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع:مناقشة الأقوال حول كفاية الإتيان بمطلق فريضة لا خصوص التامة/حكم الصلاة لم قطع الإقامة/ القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

 

والحاصل:

أنه لا توجد نكتة تقتضي إرادة العام من الخاص، بحيث يساعد عليه الارتكاز، ولا يوجد ما يقتضي إلغاء الخصوصية الموجودة في الخاص للحكم بالبقاء على التمام. وإن شئت قلت: إن الصحيحة اشتملت على شرطيتين: 1-قوله (ع): إن كنت دخلت المدينة وحين صليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها. 2- قوله (ع): وإن كنت حين دخلتها على نيتك التمام فلم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم، فأنت في تلك الحال بالخيار، إن شئت فانوِ المقام عشراً وأتم، إلى آخر الرواية، حيث دلت بمفهوم الشرطية الأولى أنه إن لم يكن قد صلّى بها صلاة فريضة واحدة بتمام، فإن حكمه القصر حتى قبل أن يخرج منها، سواء صام أو لم يصم، فإن إطلاق المفهوم الدال على انتفاء الاتمام، وبالتالي ثبوت القصر فيما لو لم يأتِ بصلاة فريضة واحدة بتمام، سواء صام الفرض الواجب أو لم يصم، وكذلك دلت بإطلاق منطوق الشرطية الثانية، وإن كنت حين دخلتها على نيتك التمام فلم تصلِ فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت بالخيار إن شئت فانوِ المقام عشراً وأتم، حيث دلت بإطلاقها أنه يبقى على القصر ما لم يأتِ بصلاة فريضة واحدة بتمام، سواء تلبس بالصوم أو لم يتلبس به، وسواء كان العدول بعد التلبس قبل الزوال أو بعد الغروب، فإن كل ذلك يكون مشمولاً لإطلاق المنطوق في الشرطية الثانية.

والحاصل: أنه لو نوى الإقامة وأتى بنافلة الظهر-مثلاً – مما لا يجوز فعله للمسافر غير المقيم فإنه يرجع إلى القصر؛ لاختصاص صحيحة أبي ولاد بالفريضة الواحدة الرباعية، والتعدي عنها إلى غيرها بحاجة للجزم بعدم خصوصية الفريضة في الحكم بالبقاء على التمام، حتى يتلبس بسفرٍ جديد، فليس الموضوع هو كل ما لا يشرع للمسافر الدخول فيه بدون نية الإقامة، أو على أساس ارتكازية إرادة العام من الخاص، وكونه أمراً عرفياً.

3 قد عرفت إطلاق مفهوم الشرطية الأولى وكذلك إطلاق المنطوق في الشرطية الثانية، وهذا يُلغي أن يكون ترتيب أثر نية المقام بما لو أتى بنافلة الظهر، وإن كانت لا تُشرع في السفر إلا لخصوص المقيم مع ذلك فإن الرواية أفادت أنه لا يوجب العدول الرجوع إلى القصر حتى ينشأ سفراً جديداً ويخرج من بلد الإقامة، بخصوص ما لو أتى بصلاة فريضة واحدة بتمام دون الاتيان بنافلة الظهر، أو العصر، وإن كانت لا تُشرع في السفر إلا لخصوص المقيم.

إن قلت: أنه لا وجه للحكم بفساد ما أتى به من نافلة للأمر بها، وعليه يحكم بصحتها، ولا وجه لذلك سوى صحة الإقامة واعتباره مقيماً فيحتاج التقصير إلى التلبس بسفر جديد، ولا يكفي مجرد العدول في النية.

وفيه: أن ما ذكر لا ينهض لمقاومة النص المقتضي للرجوع إلى القصر بمجرد العدول، حتى مع الاتيان بنافلة الظهر مثلاً، وذلك لأنه لم يأتِ بفرض بتمام، وإن لم يتلبس بسفر جديد، ولا موجب لرفع اليد عن مدلوله.

على ضوء ما تقدم يظهر أنه لا يكفي مجرد الشروع بالصلاة الرباعية، خلافاً للمحكي عن الشيخ في المبسوط، حيث اكتفى بمجرد الشروع في الرباعية، وإن لم يدخل في ركوع الثالثة، ولا الدخول في ركوع الثالثة، خلافاً لجماعة، كما عن التذكرة والمختلف، حيث اكتفوا بالدخول في ركوع الثالثة، بل ذهب بعضهم إلى كفاية القيام إلى الركعة الثالثة، وإن لم يدخل في ركوعها.

أما ما نسب للشيخ في المبسوط فدليله تارة: أن ظاهر الصحيحة لا يأبى من الحمل على ما يعم الشروع في الرباعية بقصد التمام، وبه يندفع ما سوف يأتي عن قريب.

وأخرى: أن الصحيحة منصرفة عن مثل الفرض، والمرجع في مثل ذلك إما إطلاق أدلة التمام على المقيم، أو استصحابه دون عموم القصر.

وأما ما في التذكرة والمختلف، فدليلهم: أنه لو قلنا بالعود إلى القصر لو رجع عن نية الإقامة يلزم منه إبطال العمل وهو محرم، منهي عنه. مضافاً: إلى أنه غير مشمول لقوله (ع): وإن شئت فانوِ المقام وأتم لأنه لا يتصور التخيير بين القصر والتمام في الفرض، فلا محالة يكون مشمولاً للشرطية الأولى.

وأما الاكتفاء بمجرد القيام للركعة الثالثة، حتى ولو لم يدخل في الركوع، أنه لو كانت وظيفته القصر فسوف يكون هذا القيام للثالثة زيادة عمدية مبطلة للصلاة.

إن قلت: إن هذه الوجوه بل الأقوال خلاف ظاهر الشرطية الأولى في صحيحة أبي ولاد، حيث ورد فيها: وصليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام، الظاهرة في انقضاء الصلاة والاتيان بها بتمامها، في حين أن هذه الأوجه والأقوال مبنية على أنه تم العدول في أثناء الصلاة، إما حين الشروع، أو حين القيام للركعة الثالثة، أو بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة، لا سيما أن التعبير بـ: " صليت" صيغة الماضي الظاهرة في الحصول والتحقق حال العدول، وهذا لا يكون إلا بعد إتمام الصلاة، ولا يُقال لمن عدل في أثناء الصلاة: أنه صلّى، بل يُقال: أنه يصلي.

والجواب: أن بوسعه الإجابة عن ذلك بأن استعمال الفعل الماضي في المعنى التلبسي أمر شائع ومتعارف، فالمراد من صليت، هو التلبس بصلاة رباعية بقصد إتمامها.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo