< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع:المسألة15 /العدول عن قصد الإقامة/ القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

مسألة 15:

"إذا عزم على إقامة العشرة ثم عدل من قصده فإن كان صلى مع العزم المذكور رباعية بتمام بقي على التمام ما دام في ذلك المكان ، وإن لم يصل أصلا أو صلى مثل الصبح والمغرب أو شرع في الرباعية لكن لم يتمها ، وإن دخل في ركوع الركعة الثالثة [1] رجع إلى القصر ، وكذا لو أتى بغير الفريضة الرباعية مما لا يجوز فعله للمسافر كالنوافل والصوم ونحوهما ، فإنه يرجع إلى القصر مع العدول ، نعم الأولى الاحتياط [2] مع الصوم إذا كان العدول عن قصده بعد الزوال وكذا لو كان العدول في أثناء الرباعية بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة ، بل بعد القيام إليها وإن لم يركع بعد .[3]

ما لو نوى الإقامة عشرة أيام، ثم عدل عن قصد الإقامة كذلك، فقد فصَّل الماتن بين أن يكون قد أتى بصلاة تمام، فإنه يبقى على التمام إلى أن يُنشأ سفراً جديداً، وبين أن يكون عدوله قبل الإتيان بصلاة تمام، سواء لم يصلِّ أصلاً، أو صلّى لكن صلاة غير رباعية، كالصبح والمغرب، فإنه يُقصَّر مع عدوله عن قصد الإقامة.

والبحث تارة بحسب ما تقتضيه القواعد العامة، وأخرى على ضوء صحيحة أبي ولاد، أما المقام الأول، فقد يُقال: أن صرف العزم على الإقامة، ولو لم تتعقبه الإقامة قاطع للسفر حقيقة، أو حكماً على ما تقدم، بحيث يحتاج للعود إلى القصر إلى إنشاء سفر جديد مع الشروع فيه، لا أنه يعود بذلك إلى السفر السابق، فيكون العزم قد أخذ موضوعاً للخروج عن السفر السابق حقيقة أو حكماً، وأما إذا أُخذ طريقاً، بأن يكون القاطع للسفر السابق هي الإقامة الخارجية، وأما العزم عليها فمجرد طريق إليها، وأثر ذلك أنه لو عدل عن الإقامة قبل إتمام العشرة، وجب عليه القصر لعوده إلى السفر السابق، ثم استظهر هذا البعض أن المستفاد من أخبار الباب أن الموضوع لوجوب التمام هو نفس العزم على الإقامة، أي أنها ظاهرة في موضوعية القصد، لا أنه طريق إلى واقع الإقامة، ففي مثل الأخبار الدالة على أن من لم يعزم على الإقامة إذا تردد ثلاثين يوماً يبقى على القصر، إذ لو كان المناط واقع الإقامة والعزم طريق إليها، لوجب عليه التمام بمحض الإقامة عشرة أيام، ولو متردداً إذ ليس للعزم على الإقامة مدخلية في الحكم بالتمام، ثم أضاف أن الحكم بوجوب القصر على المتردد ثلاثين لا يجتمع مع فرض أخذ العزم على نحو الطريقية، وفرض أن الإقامة محض الموضوع للتمام، والحاصل: أن القاطع للسفر السابق محض العزم على الإقامة، سواء أتى بصلاة تامة؟ أم لا؟ .

أقول: ما ذكر من مقتضى القاعدة فيه: أن لدينا إحتمالاً آخر ربما أشار له هذا العلم في آخر كلامه، وهو أن يكون تمام موضوع التمام هو العزم زائد واقع الإقامة على أن يكون كل منهما جزء الموضوع لا أن العزم تمام الموضوع، ولا أنه مأخوذ على نحو الطريقية، وإنما مأخوذ على نحو الموضوعية والتقيدية، إلا أنه جزء الموضوع لا تمامه.

ودعوى: أنه خلاف الظاهر من الأخبار؛ لظهورها في موضوعية العزم.

مدفوعة: سلمنا ظهور الأخبار في موضوعية العزم، إلا أنها لا تأبى أن تكون جزء الموضوع لا تمام الموضوع، والوجه أن يكون كل من العزم وواقع الإقامة الخارجية بما فيها الإقامة في الساعات الأخيرة من اليوم العاشر هو الموضوع لوجوب التمام عليه من رأس، ولو بنحو الشرط المتأخر في التكليف، وهذا مما لا محذور فيه.

ثم بناءاً على أن المستفاد من أخبار الإقامة موضوعية القصد، فقد يُقال: أن مفاد الأخبار تعليق وجوب التمام فيها على مجرد نية الإقامة ولو حدوثاً، إذ لا دليل يشترط بقاء النية. أي أن مجرد العزم على البقاء عشراً ونية الإقامة كذلك كافٍ في وجوب التمام عليه، ولا دليل يقيد حدوثاً ذلك ببقاء النية، هذا ما ذكره السيد الحكيم في المستمسك.

وأورد عليه: بأن أخبار الإقامة ظاهرة في أن الحكم بالتمام دائر وجوداً وعدماً، سعة وضيقاً، إطلاقاً واشتراطاً، وراء النية، فحيث وجدت النية وجب التمام، وزان الأحكام المتعلقة بعناوين خاصة، الظاهرة في دخل العنوان في ثبوت الحكم للمعنون، ودورانه مداره وجوداً وعدماً، ولا يكون مجرد حدوث النية كافياً في بقاء الحكم بالتمام ما ل يقتضيه دليل خاص.

والصحيح: ما أفاده هذا العلم كما لا يخفى على من راجع روايات الإقامة التي اشترط النية والعزم.

وأما ما أورده من أنه لو كان المناط في نفس الإقامة وكان العزم مأخوذاً على نحو الطريقية لوجب التمام على المتردد عشرة أيام، حيث لا مدخلية للعزم على الإقامة في وجوب التمام؛ لأن المناط بالإقامة المفروض تحققها في صورة التردد عشرة أيام، بل الحكم بالقصر على المتردد ثلاثين يوماً لا يجتمع مع طريقية العزم وموضوعية الإقامة.

قد ظهر جوابه مما تقدم، فإن الإقامة عشرة أيام متردداً، أي من دون الإقامة لا يحقق ما هو موضوع وجوب التمام، لكونها جزء الموضوع وجزؤه الآخر العزم والنية، وعليه: فبمكان من الإمكان أن يجتمع وجوب القصر مع الإقامة ثلاثين يوماً متردداً من دون نية وعزم، فإن جزء الموضوع للتمام، أعني الإقامة وإن كان متحققاً، إلا أن جزءه الآخر أعني العزم كان منتفياً، لذا وجب عليه القصر.

والحاصل: أن مجرد نية الإقامة لا تحصِّل القاطعية للسفر السابق، بل لا بد من ضميمة الإقامة الخارجية، وعليه فلو عدل عن نية الإقامة بعد العزم على الإقامة فإنه يرجع إلى حكم السفر السابق، أعني القصر، بلا حاجة إلى إنشاء سفر جديد.

والخلاصة: أنه لو كنّا نحن وأخبار الإقامة فإنها توجب التمام ما دام ناوياً للإقامة، بحيث لو عدل عنها رجع إلى التقصير، لأنه مسافر بالوجدان، ولا نية له بالإقامة حسب الفرض بلا فرق بين أن يرتّب الأثر على نية الإقامة بأن يصلي بتمام؟ أو لا؟

 


[1] محل إشكال فلا يترك فيه الاحتياط. (البروجردي). * لا يترك الاحتياط بالجمع في هذه الصورة. (الإصفهاني). * أما هي فيتمها تماما بلا إشكال بل الأقوى فيما عداها أنه يبقى على التمام إلى أن يخرج والأحوط الجمع. (كاشف الغطاء (.
[2] بل لا يترك. (الجواهري). * هذا الاحتياط لا يترك في الجميع. (النائيني).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo