< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع:المسألة 12/ الإقامة في بيوت الأعراب/ القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

مسألة 12:

"لا تصح نية الإقامة في بيوت الأعراب ونحوها ما لم يطمئن بعدم الرحيل [1] عشرة أيام إلا إذا عزم على المكث بعد رحلتهم إلى تمام العشرة.[2]

تعرض فيها لنية الإقامة في بيوت الأعراب المبنية على الارتحال طلباً للماء والكلاء والراحة والأمن والطمأنينة، حيث لا علم له ببقائهم مدة الإقامة، إلا إذا اطمأن بعدم ارتحالهم قبل مضي العشرة أيام، أو عزم على الإقامة في مكان بيوتهم كذلك، حتى لو ارتحلوا عن ذلك المكان.

وقد تعرض الماتن فيها لثلاث صور:

الأولى: ما لم يعلم ببقائهم المدة المذكورة، فإنه والحال هذه لا تتأتى منه نية الإقامة عشرة أيام حتى يكون مشمولاً للمخصص، لا سيما أن حياتهم مبنية على الارتحال وعدم الإقامة في مكان واحد أيام متواصلة.

الثانية: ما لو علم أو اطمأن بعدم ارتحالهم عن المكان الذي نصبوا فيه خيامهم المدة المذكورة، ففي مثله تتأتى منه نية الإقامة المدة المذكورة.

الثالثة: ما لو كان من نيته الإقامة المدة المذكورة في المكان نفسه، حتى لو ارتحلوا عنه، وفي مثله لا إشكال في تأتي نية الإقامة منه كذلك.

ثم إن المحقق العراقي علّق على الصورة الثانية، بأنه لا محذور فيه، ما دام يحتمل البقاء، وذلك استناداً لاستصحاب البقاء الذي ينزل دليله الشك في البقاء منزلة اليقين به، ثم أفاد أن مجرد الاطمئنان بعدم الرحيل قبل المدة المذكورة غير كافٍ، وذلك لعدم تمامية المقتضي، إذ لا دليل على حجية مطلق الاطمئنان، لا سيما في الموضوعات.

ودعوى: أن الدليل على حجيته هي سيرة العقلاء القائمة على العمل به، سواء في الأحكام أو الموضوعات.

أجاب: بأنها مردوع عنها بعموم ما دل على حجية البينة في الموضوعات، بل ظهور دليل حدية البينة في حصر الحجية باليقين، والبينة ليس إلا، كما لا يخفى على من لاحظ رواية مسعدة بن صدقة، وبالتالي هي رادعة عن السيرة القائمة على العمل به، لا سيما في الموضوعات، إذ ليس بيقين ولا بينة.

أقول: أما ما أفاده أولاً فقد ظهر جوابه مما تقدم في التعليقة السابقة.

وأما ما ذكره بالنسبة للاطمئنان، وأنه حصر الاثبات بالعلم والبينة، حيث ورد فيها "والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك، أو تقوم به البينة"[3] . فيدل على عدم حجية الاطمئنان، وذلك تمسكاً بإطلاق المغيَّ في رواية مسعدة بن صدقة.

والجواب عن الرادعية: تارة أن الرواية ضعيفة سنداً، فلا تثبت الرادعية، ودعوى كفاية احتمال صدقها المساوق مع احتمال الردع الموجب لسقوط السيرة القائمة على العمل بالاطمئنان عن الحجية، لاشتراط الجزم بالإمضاء الموقوف على الجزم بعدم الردع.

جوابه: أن عدم الردع قبل صدور رواية مسعدة كان محرزاً؛ لعدم نقل ما يدل على الردع، وبالتالي كانت ممضاة حدوثاً، وحيث يشك في زوال ذلك الإمضاء الذي كان ثابتاً أول الشريعة، فيستصحب بقاؤه.

وأخرى: أن الرواية لو تم سندها لا تصلح للردع؛ لأن مستوى الردع لا بد أن يتناسب مع قوة السيرة واستحكامها على العمل بالاطمئنان مطلقاً، بما في ذلك الموضوعات، فكان ينبغي مع رسوخ مثل هكذا سيرة أن يحشد كماً هائلاً من الروايات للردع عنها لو كان من قصده ذلك، كما هو الحال بالنسبة للقياس.

وثالثة: أن تحمل البينة في خبر مسعدة على مطلق الكاشف، فلا تكون رادعة عن السيرة على العمل بالاطمئنان، بل تكون السيرة هذه محققة لمصادق من مصاديق البينة.

وهذا يدفعه: بأن اصطلاح البينة لا سيما في عصر الإمام الصادق (ع) زمن صدور الرواية، عبارة عن شهادة عدلين، فحملها على المعنى اللغوي -مطلق الكاشف – حمل على خلاف الظاهر بحاجة إلى عناية.

ورابعة: أن الغاية في خبر مسعدة مشتملة على عنوان الاستبانة المساوق للعلم، ودليل حجية الاطمئنان أي السيرة يجعل الاطمئنان علماً بالتعبد، فيكون مصداقاً للغاية، وبالتالي لا يمكن الردع عنه بإطلاق المغيَّ.

وفيه: أنه توجد قرينة تدل على أن العلم لوحظ بما هو علم وجداناً خاصة، وذلك لمقابلته بالبينة التي هي علم تعبدي. فبقرينة المقابلة أراد من العلم خصوص الوجداني، بنحو يأبى التوسعة لمثل ذلك.

 


[1] لا بأس به ما دام يحتمل بقاءه ولو ضعيفا لمجال جريان الاستصحاب المزبور بعد عدم الدليل على حجية مطلق الاطمئنان خصوصا في الموضوعات وبناء العقلاء على العمل على فرض تماميته مردوعة بعموم اعتبار البينة في الموضوعات وظهور دليلها في حصرها إلا ما خرج بالدليل من سيرة أو غيرها كما لا يخفى على من لاحظ ذيل رواية مسعدة بن صدقة. (آقا ضياء). * أو يظن بذلك إذا تحققت منه النية. (الحكيم).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo