< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: ما هو مبدأ احتساب اليوم؟/ الإقامة عشرة أيام / القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

مبدأ احتساب اليوم:

ثم بعد أن اتضح أن المراد باليوم خصوص بياض النهار، فهل مبدأ احتسابه طلوع الفجر؟ أو طلوع الشمس؟، والصحيح أيضاً: أنه لا بد من الرجوع إلى مفهوم اليوم المأخوذ في الدليل، بعد أن استفدنا أن المراد به بياض النهار بحسب المتفاهم والمنسبق على الأذهان، فكذلك المتفاهم هو ما بين طلوع الشمس وغروبها هو النهار الدائر وجوداً وعدماً، سعة وضيقاً مدار وجود الشمس الممتد من طلوعها إلى غروبها، ولا شك في خروج أمرين:

    1. ما بين الطلوعين؛ لأنه ليس من النهار الدائر مدار وجود الشمس.

    2. ما بين سقوط القرص وذهاب الحمرة المشرقية.

والحاصل: أن مبدأ اليوم بطلوع الشمس ومنتهاه بغروبها، بمعنى سقوط القرص، وعليه: فالمراد مما سبق من لفظة الصباح هو طلوع الشمس، لا بزوغ الفجر. هذا كله مضافاً إلى دلالة جملة من الروايات على نفي اليوم عما بين الطلوعين، حيث يسأل الإمام (ع) عن وقت ليس من الليل ولا النهار، فيجيبه (ع) ما بين الطلوعين.

وأما دعوى كون الاعتكاف ثلاثة أيام، والتي مبدأها بزوغ الفجر، وليس طلوع الشمس، فجوابها: أن المشترط في يوم الاعتكاف الصوم، وهذا لا يكون إلا من طلوع الفجر، لا من طلوع الشمس؛ ولذا كان الاحتساب من طلوعه لا من طلوعها.

بقي في المقام: البحث عن كسر اليوم، فهل يكفي التلفيق، كما لو دخل عند الزوال مكاناً نوى فيه الإقامة عشرة أيام، فيجبر الكسر من مطلق زمان آخر متصل، ولو من الليل الذي يلي اليوم العاشر، أو لا يصح الجبر إلا من خصوص النهار؟ أو لا هذا ولا ذاك؟، لكفاية احتساب كسر اليوم يوماً كاملاً، بلا حاجة إلى جبره من يوم آخر متصل، سواء كان في الليل أو النهار؟ وجوه بل أقوال: فقد ذهب الشهيد وجماعة إلى كفاية تلفيق كسر يوم من يوم آخر، وذهب صاحب المدارك إلى أن الأظهر عدم الجبر، وقد استشكل في النهاية والتذكرة في جواز الجبر، ونكتة المطلب: أن المستظهر من مفهوم اليوم، هل الساعات الزمانية مطلقاً؟ أو خصوص الساعات النهارية؟، وهذا الذي يظهر بشهادة العرف من كل الأدلة التي قدرت بالأيام والشهور، أو فقل مقدار من الزمان النهاري، أو لا هذا ولا ذاك، وإنما الزمان الممتد من طلوع الشمس إلى سقوط القرص؟ فعلى الأول يتم جبر الكسر من الليلة الأخيرة، وعلى الثاني لا يصح الجبر إلا من خصوص نهار الحادي عشر، وعلى الثالث يكون كسر اليوم لاغياً، ويكون مبدأ احتساب مدة الإقامة من اليوم الذي يلي يوم الكسر. ونكتة ذلك: أن أغلب الأسفار التي يتخللها إقامة عشرة أيام يتم الدخول إلى المكان المزمع الإقامة فيه وسط النهار، أو في الليل، وقلما يتفق وصول المسافر أول النهار، وعليه: سوف نكون أمام أمرين بعد عدم الموجب لإسقاط تلك الساعات النهارية عن مبدأ احتساب الإقامة عشرة أيام، إما أن تعتبر يوماً بكامله، بقوة ما لو وصل إلى مكان الإقامة حين الطلوع، وهذا كما ترى؟ ولم يذهب إليه أحد، أو يُلتزم بالتلفيق مطلقاً؟ أو من خصوص النهار الحادي عشر؟

نعم ما يُعزّز ما ذهب إليه صاحب المدارك أنه لو صام اليوم الأول إلى الزوال، ثم صام اليوم الثاني من الزوال إلى الغروب، لا يُقال: أنه صام يوماً كاملاً، وما ذلك إلا لأن الكسر الذي يحصل من يوم والذي يجبر من كسر يوم آخر، لا يجعله يوماً كاملاً ملفقاً.

ثم إنه قد يُدعى: أن أخبار الإقامة لا يخلو إما أن تحمل على محض المقدار، بحيث يؤخذ اليوم عنواناً يقيناً لإثني عشر ساعة نهارية، وإما أن تحمل على اليوم التام على نحو الموضوعية، ولا ثالث، وعلى الأول فإن لازمه جواز الاكتفاء بالتلفيق ولو من الليل، مع الحفاظ على الاتصال والتتابع. والحاصل: أنه يجبر الكسر من مطلق زمان آخر ولا يشترط أن يكون الجبر من آنات نهارية، وعلى الثاني: فإن لازمه عدم صحة التلفيق، بل لا بد من اعتبار نهار كامل من الطلوع إلى السقوط، ولا يصح كسر يوم حتى مع جبره بسكر يوم آخر فضلاً عن جبره من كسر مطلق زمان آخر، ولو كان ليل الحادي عشر.

وفيه: أن الأخبار ظاهرة في موضوعية النهار، إلا أن اليوم التام كما عرفت محمول على الطريقية إلى الساعات النهارية، ولذا لا يصح التلفيق بجبر الكسر من الليل، بل لا بد من جبره من نهار اليوم الحادي عشر.

والحاصل: أن الروايات ظاهرة في موضوعية النهار، فلا تقع الإقامة في الليل، إلا أنه لم يُحمل عنوان اليوم على الموضوعية للزمان الممتد من الطلوع إلى الغروب، وإنما على الطريقية إلى الساعات النهارية، أي إلى مقدار من الزمان التي هي الساعات النهارية، لا أي زمان آخر؛ ولذا يحصل الجبر، إلا بكسر من ساعات نهار آخر.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo