الموضـوع: وجوه خروج المقيم عن عنوان المسافر/ القاطع الثاني/ الإقامة عشرة أيام/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

    1. أن المراد من قاطعية الإقامة للسفر، قطع موضوع الحكم بالقصر، لأن تخصيص الحكم مرجعه إلى تقييد الموضوع لا محالة، ضرورة أنه بعد خروج المقيم عن حكم المسافر يكون موضوع الحكم بالقصر المسافر غير المقيم، حيث تقيد الموضوع بغير المقيم، ولا يُمكن بقاؤه على إطلاقه؛ لمنافاة الإطلاق مع التقييد، فإذا صار المسافر مقيماً انقطع موضوع الحكم بالقصر. ثم قال: إن هذا المعنى للقطع مرجعه إلى التخصيص بداهة أن رفع موضوع الحكم بما هو موضوع عبارة أخرى: عن رفع الحكم نفسه. والحاصل: أن الإقامة قاطعة لموضوع الحكم بالقصر بما هو موضوع، الراجع إلى التخصيص ورفع الحكم نفسه لا قطع الموضوع بذاته. فالمسافر المقيم محكوم عليه بالتمام تخصيصاً، فإن قاطعية الإقامة موجبة لتقييد المسافة بعدم وقوع الإقامة في أثنائها بحيث لو تخللت الإقامة في الأثناء لم يتصل ما بعدها بما قبلها، بل ينقطع ما بعدها عما قبلها، ويكون سفراً جديداً. فليس موضوع القصر مطلق طي المسافة، بل المسافة المقيدة بعدم وقوع الإقامة في أثنائها.

    2. أن في شريعتنا جملة أحكام رتّبت على موضوعات عرفية من دون تدخل ولا تصرف من الشارع، وبالتالي ليست مخترعة، وبما أن المفاهيم العرفية غير منضبطة، بل تزيد وتنقص إلى حدٍّ يحصل الشك فيها وفي مثلها يتدخل الشارع ويحدِّ ذلك الأمر العرفي بمرتبة منه، وليس هذا أمراً تعبدياً ومخترعاً شرعياً وإنما تعيين للأمر العرفي بمرتبة موجبة لإزالة الشك فيما هو الموضوع الذي رتب عليه الحكم، كالسفر والإقامة فإنه وإن كان أمراً عرفياً لكنه لما كان ذا مراتب كالسير فرسخاً وفرسخين، لذا تدخل الشارع وحدد بالثمانية، وكذا الإقامة، فإن المسافر بسبب الإقامة يخرج عن عنوان المسافر، والقدر المتيقن من الإقامة المخرجة له عن ذلك العنوان هو إقامة السنة مثلاً، كما أن المتيقن أن إقامة اليوم واليومين لا تخرجه عن هذا العنوان، ولما كان مآل الأمر إلى الشك في الصدق؛ لذا تدخل الشارع وحددها بعشرة أيام منوية، وبثلاثين يوماً مردداً، فالثلاثون يوماً كالعشرة أيام كل منهما نحو تحديد للموضوع العرفي، وعليه: تكون إقامة العشرة أيام مخرجة للمسافر عن عنوان كونه مسافراً، وتدخله في عنوان الحاضر، أي أنها قاطعة لموضوع السفر.