< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/02/14

بسم الله الرحمن الرحيم

المضوع: تبعية الولد في الوطن/ المسألة الثالة/ أحكام الوطن/ قواطع السفر/ صلاة المسافر.

المسألة الثالثة:

"لا يبعد أن يكون الولد تابعا لأبويه أو أحدهما في الوطن ما لم يعرض بعد بلوغه عن مقرهما[1] وإن لم يلتفت بعد بلوغه إلى التوطن فيه أبدا فيعد وطنهما وطنا له أيضا إلا إذا قصد الإعراض [2] عنه سواء كان وطنا أصليا لهما ومحلا لتولده أو وطنا مستجدا لهما، كما إذا أعرضا عن وطنهما الأصلي واتخذا مكانا آخر وطنا لهما وهو معهما قبل بلوغه ثم صار بالغا[3] وأما إذا أتيا بلدة أو قرية وتوطنا فيها وهو معهما مع كونه بالغا[4] فلا يصدق وطنا له إلا مع قصده بنفسه[5] .[6]

البحث فيها حول اشتراط قصد الولد التوطن، حتى يعتبر ما هو وطن أبويه وطناً له. ولا إشكال في عدم اعتبار قصده لا قبل ولا بعد البلوغ، سواء كان مستقلاً أم لم يكن، بالنسبة للوطن الأصلي، وذلك لوضوح عدم اعتبار قصد ونية التوطن الدائم، لا حدوثاً ولا بقاءاً، وإنما يحصل بالوراثة والتبعية. نعم يُشترط عدم الإعراض على مستوى كل من القصد والهجران خارجاً إلى الحد الذي ينسلخ عن انتسابه إليه. وهذا إنما يتأتى بعد بلوغه واستقلاله عن والديه.

وإنما البحث في الوطن الاتخاذي، فلو كان الولد غير بالغ ولا مميز، حيث لا قصد له لا إجمالي ولا تفصيلي، وأن عمده خطأ، فلا إشكال في تبعيته لوالديه في الوطن، ولا اعتبار بقصده، إذ لا قصد له، نعم يُشترط عدم إعراضه عنه بعد بلوغه، وإن لم يُشترط بعد بلوغه أن يلتفت إلى قصد التوطن دائماً، وذلك لتحقق التوطن بالنسبة له قبل البلوغ بحكم تبعيته لوالديه، فيكون وطنهما وطناً له، وهذا لا يفرق فيه بين الوطن الأصلي لوالديه، ومحل تولدهما والوطن الاتخاذي لهما، كما في صورة الإعراض عن الوطن الأصلي، واتخاذهما مكاناً آخر وطناً، وكان معهما قبل بلوغه، بحيث تحقق التوطن بالنسبة إليه قبل البلوغ نتيجة التبعية لوالديه، ثم بلغ في كنف وظلَّ والديه.

نعم في صورة ما لو أعرض عن الوطن الأصلي، واتخذا مكاناً آخر وطناً لهما وكان معهما، لكنه كان بالغاً، تارة مستقلاً عنهما وأخرى غير مستقل، وثالثة كان صبياً لكننه مميز، بحيث لم يكن عمده خطأ، بل كان عمداً، ففي صورة استقلاله لا يصدق أنه وطن له، إلا مع قصده التوطن بنفسه، وعدم كفاية ارتكازية قصد والديه التوطن.

وهكذا في صورة ما لو كان بالغاً غير مستقل لاشتراط قصده في مثل المقام في صدق التوطن عرفاً، فلا معنى لإلغاء قصده، والاكتفاء بقصد والديه، رغم أنه تابع لهما وغير مستقل ولا منفصل عنهما.

وأما في صورة عدم البلوغ لكنه كان مميزاً ولم يكن عمده خطأ، بأن كان يتأتَّى منه القصد فلا. فقد يقال: باشتراط قصده وعدم كفاية قصد والديه التوطن دائماً، ولا موجب لإلغاء قصده في أمثال المقام، حيث ذلك مشترط في صدق التوطن عرفاً.

إلا أن الماتن لا يرى شرطية قصده لكفاية قصد والديه بعد أن كان تابعاً لهما، رغم تأتي القصد منه. وذلك بحكم تبعيته لهما وكفاية قصدهما.

إلا أن المسألة ليست مرتبطة بتأتَّي القصد من التابع، وعدم تأتّيه، وإنما البحث في كفاية قصد المتبوع، وعدم اشتراط قصده رغم تأتَّيه منه وذلك بحكم تبعيته وعدم استقلاله في شؤونه الحياتية عنهم.

وقد ذهب الأمر ببعض شراح المتن إلى عدم اشتراط القصد وكفاية علمه ببقائه ومكثه مدة طويلة، كمن حُبِسَ في محل يعلم ببقائه فيه وعدم خروجه عنه سنين مديدة، فقد أفاد أنه يصير ذلك المكان وطناً له، ثم قال: وكذا شأن التابع بالنسبة إلى متبوعه.

وفيه: أن مجرد العلم بالبقاء الفترة الطويلة قسراً من دون أن يكون له قصد إلى ذلك لا يكفي في صيرورة ذلك المكان المحبوس في وطناً له. وهذا بخلاف التابع فإن الفارق بينهما واضح؛ لعدم تأتي القصد على الأول وتأتيه ولو من المتبوع على الثاني، حيث إن قصد المتبوع تفصيلاً هو قصد للتابع إجمالاً، وهذا المقدار من القصد كافٍ، بخلافه بالنسبة للمحبوس، فإنه لا قصد له أساساً، وإنما مجرد علم بالبقاء تلك المدة من السنين.

ونكتة الفرق تكمن في أن المناط في التمام عدم صدق المسافر، لا كونه وطناً له، وهذا المناط صادق، كما يصدق على الأبوين يصدق على الولد التابع لأبويه في السكن، باعتبار أن هذا بلده ومحل أهله، وبالتالي لا يصدق عليه المسافر، كما لم يصدق على ابويه، وهذا بخلاف المحبوس فإنه حتى لو مكث تلك المدة الطويلة إلاَّ أنه سيقيم تلك الفترة الطويلة فإنه لا يصدق أنه محل أهله وفي منزله، وبالتالي هو مسافر وشاخص عن أهله لا أنه بين أهله.


[1] ليس المناط بالتابعية في ذلك كونه ولدا ولا غير بالغ شرعا بل المناط هو التبعية العرفية وعدم الاستقلال في التعيش والإرادة فربما كان الولد الصغير المميز مستقلا فيهما غير تابع عرفا وربما يكون بعض الكبار غير مستقل كالبنات في أوائل بلوغهن بل ربما يكون التابع غير الولد فتحقق التبعية بالنسبة إلى الأجنبي أيضا فضلا عن القريب هذا كله في الوطن المستجد وأما الوطن الأصلي فقد مر الكلام فيه. (الإمام الخميني). * في تبعية المميز القاصد للخلاف إشكال بل وكذا المردد وكذا في نفي التبعية عن البالغ ما لم يقصد الخلاف ولم يتردد. (الحائري). * أو قبله في حال التمييز لو كان مستقلا. (الشيرازي).
[2] وأعرض فعلا. (البروجردي). * وأعرض فعلا وخرج. (الگلپايگاني).
[3] الحكم بالتابعية بمجرد عدم البلوغ الشرعي مشكل بل الظاهر أن المميز المستقل القاصد للخلاف ليس بتابع عرفا والبالغ المقهور الغير القاصد للخلاف تابع فالمناط الصدق العرفي. (الگلپايگاني).
[4] الظاهر أنه لا مدخلية للبلوغ الشرعي وعدمه في ذلك بل المدار على عده في العرف تبعا لهما وعدمه فربما يعد تابعا مع البلوغ ولا يعد مع عدمه. (البروجردي). * الظاهر أنه لا بد من القصد الإجمالي الحاصل بالبناء على التبعية ولا فرق في ذلك بين الولد البالغ وغيره والزوجة الدائمة والعبد وغيرهم ممن هو تابع. (الحكيم).
[5] أو قصده التبعية. (الجواهري). * ولو تبعا وكذا المميز. (الشيرازي).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo