< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

39/07/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: الوجوه التي ذكرها المعلقون مع مناقشة الأستاذ/ المسألة 69/حد الترخّص/ الشرط الثامن من شروط القصر/ صلاة المسافر.

أقول: هذا الذي ذكره السيد الحكيم لا يمكن المساعدة عليه، سواء في صورة العلم المسبق، أو في صورة اعوجاج الطريق، كما لو صلى مسافر من شحور قصراً عند مثلث صريفا بعد تجاوز حد الترخص بمراحل، إلا أنه سلك طريق دردغيا الحميري الذي لا يفصله عن شحور إلا وادٍ يُتاح للمسافر إذا ما وصل إلى تلك النقطة من المسير رؤية أهل البيوت بشكل واضح وسماع الآذان، بحيث لو كان مسيره من مثلث صريفا إلى بافليا وادي جيلو أو إلى جويا تكون تلك النقطة ـ مثلث صريفا ـ خارجة جزماً عن حد الترخص، لا سيما مع الأخذ بعين الاعتبار أن منشأ حصول الخفائين عند مثلث صريفا هو البعد إلى ما يقرب الميلين عن شحور، حتى لو أدّى به الطريق الذي سلكه نتيجة التعرجات الرجوع إلى ما دون حد الترخص في مسيره عند نقطة دردغيا الحميري.

ودعوى: أنه يقصر عند المثلث إن سلك طريق بافليا ويتم عند نفس المثلث إن سلك طريق دردغيا الحمير، لمجرد أنه سوف يرجع إلى ما دون حد الترخص لتعرجات الطريق، كما ترى، فإن تلك النقطة كانت بمثابة من البعد قد تحقق معها الحفاءان، فالحكم هو التقصير؛ لكونه مسافراً خارج حد الترخص من دون فرق بين رجوعه بعد ذلك إلى داخل حد الترخص، أو عدم رجوعه، ولا وجه للتفصيل.

وأما التفصيل ما بين سبق العلم وعدم سبقه فمنشأه أنه مع نية العود إلى ما دون حد الترخص وكأنه لم تحصل له في هذه المسافة التي قطعها نية السفر المتجاوز فيه حد الترخص، وبالتالي لا يكون حكمه القصر، وإنما التمام، بخلاف ما لو بدا له ذلك بعد تجاوز حد الترخص، فإنه لا يُنافي ذلك نية السفر المتجاوز فيه حد الترخص، والذي يكون حكمه القصر.

وبعبارة أخرى: أنه لو بنينا على أن ما دون حد الترخص داخل البلد، وأن المتواجد دونه هو حاضر، غير مسافر فمع العلم المسبق بالعود إلى ما دون الحد سوف يضر في انعقاد نية السفر، بلا فرق بين أن يكون العود لأجل تعرجات في المسير، أو لأجل قضاء حاجة.

إلا أنه غير تام لوضوح أن ما دون حد الترخص يصدق عليه أنه مسافر غير حاضر، وإنما وجب عليه التمام لا القصر للدليل الخاص، ومن ثم كان احتساب مبدأ المسافة من آخر البلد، بحيث يدخل فيه ما دون الحد. والحاصل: أن نية السفر ثابتة ومستمرة.

وأما التفصيل بين صورة اشتمال المسير على تعرجات توجب رجوعه إلى حد الترخص، وبين أن يكون رجوعه لقضاء حاجة، أن الثاني يكون إختيارياً فهو يُنافي نية السفر وتجاوز حد الترخص؛ لذا يتم بخلاف الأول فإنه محكوم بالرجوع إلى ما دون الحد بعد خروجه عنه من دون أن يكون لاختياره دخل في ذلك، فلا يُنافي النية. أو أن إطلاقات أدلة تحديد المسافة بمثانية فراسخ لا تقييد فيها لخصوص ما لو كان الخط مستقيماً، بل مطلقة تشمل ما لو كان المسير فيه تعرجات قد تفضي للرجوع إلى داخل الحد، بخلاف ما لو رجع لقضاء حاجة، فلا يكون ذلك البعد المتعقب بالعود هو الميزان في بلوغ حد الترخص.

أقول: هذه جملة وجوه بعضها ذكر في كلماتهم، واحتملت البعض الآخر، إلا أن شيئاً منها لا يفي بالمطلب.

والصحيح: أن يُقال: أنه بعد أن كان بلوغ حد الترخص في الفرض ناشئاً من البعد والضرب في الأرض فالحكم هو التقصير؛ لتمامية المقتضي من كونه مسافراً قد تجاوز الحد، وعدم ما يمنع من ذلك، إلا رجوعه إلى ما دون الحد، وهذا لا يوجب صيرورة تلك النقطة التي هي خارج الحد داخله، إلا دعوى أن المعيار ليس مطلق البعد، وإنما في بُعدٍ خاص لا يعقبه الرجوع إلى ما دون الحد، وقد عرفت الجواب عنه. وعليه: يكون ما صلاه قصراً خارج الحد صحيحاً، ثم لو رجع إلى داخل الحد، إما اختيارً أو من دون اختيار، مع علم مسبق، أو من دونه، يجب عليه التمام، وإن كان الغالب فيمن خرج عن حد الترخص لا يرجع في مسيره القهقراء حتى يدخل في حد الترخص، إلا أن هذا الغالب لا يشكل إنصرافاً في إطلاقات الأدلة.

وبعبارة أخرى: أنه من الواضح لمن كان خارج البلد دون حد الترخص هو مسافر، وإنما لم يقصر لشمول المخصص له، والمخصص إنما هو بمقدار من كان دون الحد، فلو خرج عنه وجب عليه القصر، لتمامية الموضوع والمقتضي، أعني كونه مسافراً، وعدم المانع لكونه خارج الحد لا أنه داخله، وعليه: فلو رجع إلى داخل الحد إما لتعرج المسير أو لقضاء حاجة، مع سبق علمه أو من دونه، وجب عليه التمام ما دام داخل الحد، فإن هو خرج قصر، سواء أعقب رجوع إلى داخل الحد أو لم يعقبه.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo