< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

39/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: المسألة 67 وهو يصلي في السفينة وصل إلى حد الترخص ما هو الحك؟/حد الترخّص/ الشرط الثامن من شروط القصر/ صلاة المسافر.

مسألة 67:

"إذا كان في السفينة أو العربة فشرع في الصلاة قبل حد الترخص بنية التمام ثم في الأثناء وصل إليه، فإن كان قبل الدخول في قيام الركعة الثالثة أتمها قصرا[1] وصحت، بل وكذا إذا دخل[2] فيه قبل الدخول في الركوع، وإن كان بعده فيحتمل وجوب الإتمام[3] لأن الصلاة على ما افتتحت لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالإعادة قصرا[4] أيضا، وإذا شرع في الصلاة في حال العود قبل الوصول إلى الحد بنية القصر ثم في الأثناء وصل إليه أتمها تماما وصحت، والأحوط في وجه[5] إتمامها قصرا ثم إعادتها تماما"[6] .

 

حاصل المسألة:

ما لو كان في السفينة داخل حد الترخص، فشرع في صلاة الظهر مثلاً بنية التمام بانياً على أنه سيُتُم الصلاة قبل بلوغ حد الترخص، إلا أنه أسرعت السفينة حتى تجاوزت حد الترخص في أثناء صلاته، وقد ذكر الماتن عدة صور، إذ تارة يكون بلوغ حد الترخص قبل القيام للركعة الثالثة، وأخرى بعد النهوض للركعة الثالثة، وثالثة بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة، فهذه جملة صور:

أما الصورة الأولى: فإنه يتمها قصراً؛ وذلك لتبدل الوظيفة من التمام إلى القصر؛ لانقلاب الموضوع من الحاضر إلى المسافر بعد وضوح أن الميزان في القصر والتمام إنما هو بملاحظة ظرف الامتثال، والمفروض أنه قد جاوز حد الترخص، ولم يفرغ بعد من صلاة الظهر، فقد تبدلت وظيفته الفعلية من التمام إلى القصر، ولا تكون نية التمام من رأس بتخيُّل أنه سيتُّمها قبل بلوغ حد الترخص قادحة في صحة إتمامها قصراً بعد أن تبدلت وظيفته إلى القصر، لمكان انقلاب الموضوع من الحضر إلى السفر.

وأما الصورة الثانية: فكذلك الحال يتمها قصراً، وذلك لأنه قد جاوز حد الترخص، ولم يفرغ من العمل حسب الفرض، فقد انقلبت وظيفته أيضاً من التمام إلى القصر، وذلك لتبدل الموضوع من حاضر مخاطب بالتمام إلى مسافر مخاطب بالقصر، وهو لم يزل متشاغلاً بعدُ بالفريضة، فيجب إتمامها قصراً، وذلك بهدم قيام الركعة الثالثة، ويقتصر على الركعتين ويكون حكم القيام حكم القيام السهوي.

الصورة الثالثة: ما لو كان بلوغ حد الترخص بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة، حيث يفوت محل إتمام ما بيده من صلاة قصراً.

وقد حكم الماتن بوجوب الاتمام في هذه الصورة نظراً إلى ما ورد من أنها على ما افتتح الصلاة عليه، حيث دلت على أن الاعتبار بحال ما افتتح عليه الصلاة، وقد كان هو التمام، فيجب عليه إتمامها، ثم استشكل بعد ذلك وحكم بالاحتياط بإتمامها وإعادتها قصراً.

أقول: يشير الماتن بأن الصلاة على ما افتتحت إلى ما في الباب الثاني من أبواب النية الحديث الثاني والثالث، والأول بإسناد الشيخ عن محمد بن مسعود العياشي عن جعفر بن أحمد عن علي بن الحسن وعلي بن محمد جميعاً عن محمد بن عيسى عن يونس عن معاوية قال: "سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل قام في الصلاة المكتوبة فسها فظن أنها نافلة أو قام في النافلة فظن أنها مكتوبة قال هي على ما افتتح الصلاة عليه"[7] .

وأما الرواية الثانية، فهي أيضاً بإسناد الشيخ في التهذيب عن محمد بن مسعود العياشي عن حمدويه عن محمد بن الحسين عن الحسن بن محبوب عن عبد العزيز بن المهتدي عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال: "سألته عن رجل قام في صلاة فريضة فصلى ركعة وهو ينوي أنها نافلة فقال هي التي قمت فيها ولها وقال إذا قمت وأنت تنوي الفريضة فدخلك الشك بعد فأنت في الفريضة على الذي قمت له وإن كنت دخلت فيها وأنت تنوي نافلة ثم إنك تنويها بعد فريضة فأنت في النافلة وإنما يحسب للعبد من صلاته التي ابتدأ في أول صلاته"[8] .

ووجه الاستدلال بهذه الروايات هو: أن الميزان فيما افتتح به صلاته، وقد كان هو التمام، ولو بتخيل أنه سيتمها قبل بلوغ حد الترخص، وعليه أن يُتمها كذلك حتى لو بلغ حد الترخص وهو في ركوع الركعة الثالثة، حيث يتعذر عليه قلبها إلى قصر؛ لفوات المحل.

ويرد على ما أفاده: تارة بالنقض وأخرى بالحل:

النقض: فلو تم التمسك بهذه الروايات لما لو دخل في ركوع الركعة الثالثة، كذلك يصح التمسك بها لصورة ما لو كان في قيام الركعة الثالثة، وقبل الدخول في الركوع، إذ في الصورتين كانت نيته من أول الأمر صلاة الظهر تامة بزعم أنه يُتِّمها قبل الوصول إلى حد الترخص، فكان ينبغي حتى في الصورة الثانية الحكم بإتمام الصلاة حتى لو بلغ حد الترخص في الأثناء، لكون الصلاة على ما افتتحها صاحبها إن تامة فتامة، وإن قصراً فقصراً.

الحل: فإن مورد الروايات ما لو كاث هناك أمران، واحدة بالفريضة وأخرى بالنافلة، وقد نوى الأولى ثم سها في الأثناء وظن أنها نافلة فأتى ببعض أجزائها نافلة، وهذا بخلاف مقامنا فإنه لم يكن من رأس أمر إلا بخصوص الصلاة التامة دون القصر، إلا أنه في الأثناء تبدل من تمام إلى قصر، لانقلاب الموضوع من الحاضر إلى المسافر، فابتداءاً لم يكن أمر إلا بخصوص صلاة تامة وفي الأثناء بعد تبدل الموضوع لم يكن أمر إلا بخصوص صلاة قصر.

وبعبارة أخرى: أن نية التمام والقصر غير مأخوذة في الصلاة، ومن ثم لو تخيل أنه في سفر فنوى القصر ثم ظهر له في الأثناء بأنه غير مسافر فإنه يُتمها بلا إشكال، وكذا العكس.

وبعبارة ثالثة: إن هذه الروايات تسهل على المكلف الذي نوى الفريضة ثم سها في الأثناء فظن أنها نافلة فأتى ببعض أجزاء الواجب بنية النافلة، فإنه يُحكم بصحة صلاته؛ لأن الصلاة على ما افتتحها صاحبها، وليس مفادها تحديد وظيفة المكلف وأنها القصر أو التمام، وإنما ذلك يُطلب من موضعه، فمن كان حاضراً يجب عليه التمام، ومن كان مسافراً يجب عليه القصر، ومن كان في أول صلاته حاضراً ثم صدق عليه المسافر في أثناء صلاته فإن وظيفته سوف تصبح القصر بعد أن كانت التمام، وذلك لمكان تبدل الموضوع من الحضر إلى السفر، وهو في أثناء العمل، ولم يفرغ من بعدُ حسب الفرض. فما ذكره الماتن لا يرجع إلى محصّل.


[1] والأحوط عدم الاكتفاء بمثل ذلك في جميع فروض المسألة ذهابا وإيابا. (الگلپايگاني).
[2] بتخيل عدم الوصول قبل الإتمام وإلا فيشكل صحتها. (الإمام الخميني).* باعتقاد أنه لا يصل إلى الحد قبل إتمامها وإلا فصحتها أيضا محل إشكال. (البروجردي).
[3] وهو الأقوى. (الفيروزآبادي).* هذا هو الأقوى لا لأن الصلاة على ما افتتحت لعدم معلومية شموله لمثل المقام وإلا لجرى حتى قبل الدخول في ركوع الثالثة بل لأنه بدخوله في ركوع الثالثة يكون قد أتم كما لو فرغ فوصوله إلى محل الترخص لا يؤثر في انقلاب حكمه وقد سقط الأمر بالامتثال. (كاشف الغطاء).* ولا يبعد ذلك على أن التعليل عليل. (الشيرازي).
[4] الظاهر كفاية الإتمام وعدم وجوب الإعادة قصرا. (الجواهري).* الأقوى ذلك فتبطل ما بيده. (الحكيم).
[5] لا يترك الاحتياط. (الفيروزآبادي).* هذا الاحتياط ضعيف والإتمام في بعض صور المسألة منصوص بخصوصه. (آل ياسين).* بل إتمامها تماما ثم إعادتها تماما. (الحكيم).* لا وجه لهذا الاحتياط على مسلكه (قدس سره) من الحكم بصحة الصلاة تماما وبحرمة إبطال الفريضة اختيارا بل الأحوط فيه إتمامها تماما ثم إعادتها كذلك. (الخوئي).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo