< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

39/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: المسألة 66 الشك في الوصول إلى حد الترخص/حد الترخّص/ الشرط الثامن من شروط القصر/ صلاة المسافر.

المسألة 66:

"إذا شك في البلوغ إلى حد الترخص بنى على عدمه[1] فيبقى على التمام في الذهاب وعلى القصر في الإياب[2] ". [3]

يتعرض الماتن في هذه المسألة لصورة الشك في بلوغ حد الترخص، تارة في فرض الخروج من البلد، وأخرى في فرض العود إليه من السفر. ففي الأول أفاد بأنه يبقى على التمام، وفي الثاني أفاد ببقائه على القصر، وذلك لاستصحاب عدم الوصول إلى حد الترخص في الفرضين، حيث تكون الشبهة موضوعية ناشئة من طرو الموانع التي تحول بين المسافر وسماع الآذان، ورؤية أهل البيوت، ونتيجة جريان الاستصحاب هذا أنه يتم في الذهاب ويقصر في الإياب، كما أنه يُمكن إجراء استصحاب وجوب التمام عليه في الفرض الأول، ووجوب القصر في الفرض الثاني.

وقد ذكر جملة من المعلقين على المتن أنه لا مانع من جريان الأصل في نفسه في كلان الفرضين، إلا إذا ابتلى بما يمنع عن جريانه، كالعلم الإجمالي، كما لو كان رجوعه إلى البلد من نفس نقطة الذهاب، وعرض له نفس الشك الذي عرض له في الذهاب نتيجة طرو الموانع التي تمنع من السماع، أو الرؤية بالنسبة لتلك النقطة، وأنه هل وصل إلى حد الترخص حتى ينقطع القصر ويجب عليه التمام؟ أو أنه لم يبلغه؟ وبالتالي يبقى على القصر، فإن إجراء استصحاب عدم الوصول إلى حد الترخص في الذهاب بالنسبة لتلك النقطة المشكوكة معارض باستصحاب عدم الوصول إليه في الإياب بالنسبة لنفس تلك النقطة، حيث يعلم بمخالفة أحد الاستصحابين للواقع؛ لأن أمر تلك النقطة لا يخلو واقعاً إما أن تكون ضمن حد الترخص، فيجب عليه التمام في الذهاب، أو خارجه فيجب عليه القصر، وكذا في الإياب، ولا يمكن أن تكون تلك النقطة في نفس الآن ضمن حد الترخص وخارجه.

والحاصل: أنه لا يُعقل أن يكون حكمه في تلك النقطة المحددة في الذهاب هو التمام وفي الإياب هو القصر، بل إما التمام أو القصر، ضرورة أن هذه النقطة المحددة إن كانت بالغة حد الترخص في الذهاب، فإن استصحاب عدم بلوغ حد الترخص في الذهاب وما يترتب عليه من وجوب التمام مخالف للواقع، وإن كانت دون حد الترخص فاستصحاب عدم الوصول إليه في الإياب وما يترتب عليه من وجوب القصر غير مطابق للواقع.

والخلاصة: أنه يُعلم إجمالاً بمخالفة أحد الاستصحابين وما يترتب عليه من وجوب التمام أو القصر للواقع، وبالتالي يُعلم بطلان إحدى الصلاتين، فيتعارض الاستصحابان ويتساقطان، ونرجع لقاعدة الاشتغال، والوظيفة في مثل ذلك، إما أن نجمع بين القصر والتمام في تلك النقطة، أو يؤخر الصلاة إلى أن يبلغ الحد القطعي، وهذا واضح فيما لو حصل العلم الإجمالي من أول الأمر.

نعم أشكل على المنع عن جريان استصحاب عدم الوصول إلى حد الترخص في كل من الذهاب والإياب الموجب للإتمام في الذهاب والقصر في الإياب في النقطة التي يُشك فيها أنها داخل حد الترخص أو خارجه! وحاصل الإشكال: أن ألأصل الجاري في الطرفين لا يستلزم المخالفة القطعية، إذ ليس الأصل تأمينياً، وإنما يوجب عليه التمام في الذهاب في تلك النقطة المشكوكة، والقصر في الإياب في نفس تلك النقطة، وبالتالي لا يلزم من جريان استصحاب عدم الوصول إلى حد الترخص في كل من الذهاب والإياب الترخيص في المخالفة القطعية، وبالتالي لا موجب لتعارض الأصول وتساقطها، بعد أن قلنا: بأنه لا تؤدي إلى الترخيص في المخالفة القطعية.

والجواب: أنه قد يُقال بالتعارض فيما بين الأصول، وإن لم تكن مؤمنة، وبالتالي لا يلزم من جريانها محذور الترخيص في المخالفة القطعية على أساس إحدى نكتتين، لكن تمامية شيء منهما مبني على أن تكون الأصول الجارية محرزة، كموردنا، حتى لو كانت موضوعية.

والنكتة الأولى: ما ذكره الشيخ النصار من سقوط الاستصحابين، حتى لو لم يكونا مرخصين، لنكتة إستظهارية، لأن أدلة الاستصحاب اشتملت على صدر وذيل، والأول يُفيد النهي عن نقض اليقين بالشك، بنحو السلب الكلي. والثاني يفيد لزوم نقضه بيقين آخر بنحو الموجبة الجزئية، فيتعين حينئذٍ جعل اليقين إجمالاً بالخلاف ناقضاً لأحد اليقينين في الطرفين، فيحصل التعارض ما بين الصدر والذيل، ويُجمل الأمر، حيث لا يُعلم أنه من نقض اليقين باليقين، ولو الإجمالي أو بالشك.

والجواب: أنه إن أريد باليقين الناقض في الذيل الأعم من التفصيلي والإجمالي فسوف يحصل الإجمال في هذه الرواية، ويكون المرجع الروايات التي لا تشتمل على مثل هذا الذيل، فلا يتأتى الإشكال.

وإن أُريد باليقين الناقض، خصوص التفصيلي المتعلق بنفس ما تعلق به اليقين المنقوض، فلا موضوع لهذا الإشكال.

 


[1] إلا إذا لزم منه محذور كمخالفة العلم الإجمالي أو التفصيلي كمن صلى الظهر تماما في الذهاب في مكان استصحابا وأراد إتيان العصر في الإياب قصرا في ذلك المكان. (الإمام الخميني).
[2] وإذا حصل علم إجمالي بالتكليف المنجز وجب عليه الاحتياط. (الحكيم).* إلا إذا ابتلي بالأمرين شخص واحد فيجب عليه الاحتياط. (الشيرازي)* لكن إذا صلى في الإياب قصرا في موضع صلى في الذهاب تماما يجب عليه الجمع بين قضاء ما صلى فيه تماما قصرا وإعادة ما صلى فيه قصرا تماما وقضاؤهما مع عدم الإعادة للعلم الإجمالي. (الگلپايگاني).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo