< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

39/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:توضيح المراد من الاطلاق الواوي والأوي ومناقشتهما/ حد الترخّص/ الشرط الثامن من شروط القصر/ صلاة المسافر.

أقول: لم يوضح في كلماتهم، ولم تُوضع النقاط على الحروف في بيان مركز الاطلاقين الواوي والأوي، فإن المعارضة كما عرفت إنما هي بين إطلاق المنطوق في كل من الشرطيتين مع إطلاق المفهوم في الأخرى، فلا بد من رفع اليد إما عن إطلاق المفهوم في كل من الشرطيتين، فيلتزم بوجود علتين مستقلتين لوجوب التقصير، وهو رفع لليد عن الاطلاق المقابل للتقييد بأو المثبت للانحصار، أو برفع اليد عن إطلاق المنطوق في كل من الشرطيتين المقابل للعطف بالواو، المثبت لكون مجموع الشرطين علة تامة لترتب الجزاء، أعني: وجوب التقصير.

ثم نأتي لما ذكر من وجهين:

أما الوجه الأول ففيه: أن لازم ما ذكر أن المعارضة فيما إذا كانت بين دليلين، كإطلاق المنطوق وإطلاق المفهوم، فلا بد من علاجه برفع اليد عن أحدهما لا عن ظهور ثالث، حتى لو استوجب رفع اليد عنه ارتفاع التعارض، وذلك لأنه إذا كان رفع اليد عنه مستوجباً لرفع التعارض فلا محالة يكون داخلاً في دائرة المعارضة، وتكون المعارضة ثلاثية الأطراف وليست ثنائية، حيث أن كلاً من الظهورين المتعارضين ينفيان هذه الظهور الثالث حيث يدل هذا الظهور الثالث لا أقل على كذب أحدهما، فيكون الظهوران يكذبان الظهور الثالث، فلا محصل لدعوى إمكان رفع التعارض بين دليلين من خلال رفع اليد عن ظهور ثالث غير معارض. إلا ذا لم يكن بوسع الظهورين نفي الظهور الثالث؛ لعدم حجيّة اللازم، كما لو ورد: أكرم العلماء، ثم ورد لا تكرم عمرواً، وتردد أمره بين أن يكون عالماً ولكنه لا يجب إكرامه تخصيصاً، أو أنه لا يجب إكرامه تخصصاً ومن باب عدم كونه عالماً، ثم ورد دليل ثالث يقول: بان عمرواً عالم، فإنه لولا الدليل الثالث لما كان هنالك تعارض ما بين اكرم كل عالم ولا تكرم عمرواً، ورمع هذه لا يسري التعارض إليه إلا على القول بجريان أصالة عدم التخصيص لإثبات التخصص، وقد عرفت عدم حجيتها، لا في نفسها، وإنما لإثبات التخصص، وأن خروج عمرو من باب عدم تناول موضوع العام له.

وأما ما ذكر من مثال: أكرم كل عالم ولا تكرم فساق العلماء، فليس فنياً، فإن التعارض فيه بين مجموع ظهورين، ظهور بصيغة افعل في الوجوب، والذي قد يكون بالإطلاق ومقدمات الحكمة، أو بحكم العقل وظهور كل في العموم وضعاً، ولذا يكون رفع اليد عن أحدهما يكفي في رفع التعارض، وإنما يتعين التخصيص ذو المؤونة الزائدة على التصرف في صيغة افعل بحملها على الاستحباب ذي المؤنة الأضعف على أساس نكتة أخرى وهي: تشخيص أن القرينة إنما هي الموضوع، لأسبقية الموضوع رتبة على الحكم، فإذا ارتفع التعارض بين الدليلين على أساس الجمع الموضوعي بينهما، بحمل العام على الخاص سوف ينتفي التعارض بينهما بلحاظ الحكم، إذ لا تنافي بين وجوب إكرام العالم غير الفاسق، وعدم إكرام العالم الفاسق. ثم إن تطبيق ذلك على المورد غير صحيح على أساس أن التعارض بين مفهوم كل من الشرطين مع منطوق الشرطية الأخرى، وأن النسبة تُلحظ بينهما، ولا يجوز نفي التعارض بملاحظة ظهور ثالث، لا دخل له بالمعارضة، وهو ظهور منطوق الشرطية الأولى بحمله على أنه جزء العلة المتمم للشرط في منطوق الشرطية الثانية، وذلك لسريان التعارض الواقع ما بين مفهوم كل من الشرطيتين مع منطوق الأخرى إلى منطوق الأولى، لاستلزام حمل الشرط في أحد المنطوقين على أنه جزء علة لحمل الشرط في منطوق الأخرى كذلك، على أنه جزء علة، وإلا لزم لغوية الشرطية الأولى.

والحاصل: أن الشرطيتين متلازمتان في الجزئية، إذ لا يُقعل جعل الشارع أحدهما جزء الموضوع في وجوب القصر مع كون الآخر موضوعاً مستقلاً، وهذا يعني سريان التعارض إلى منطوق نفس المفهوم.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo